Tuesday, June 9, 2009

محمود عباس مسعود: في تلك الآفاق

يمكنكم أيضاً زيارة موقع السويداء يوغا وقراءة المواضيع التالية بالنقرعلى العناوين أدناه:
الأرواح الراقية والمحبة * مع الحلاج في أشواقه * ابن مسكويه يتحدث عن الخوف من الموت * طاغور يتحدث عن الروح * الروح عند فلاسفة الإسلام * البحث عن معنى الحياة * عالم جديد * طاقة التركيز * الروح عند الأقدمين * روح الشرق * التحدي الأساسي * مفتاح سحري * أنوار مباركة * فلسفة الحياة * أنفاس الصباح * هذا العالم * لا تسمح للغضب بالسيطرة عليك * فلذات * مناجاة المدركات العليا * تلك النفس الشريفة * هذه المعرفة الروحية * مطلب واحد يستحق العناء * قانون ونظام وتسلسل منطقي * رسالة الإنسان الراقي * الغذاء المغناطيسي أو الفكري * عربي في ضيافة طاغور - الحلقتان * نثرات ضياء * قراءة في ألفية شبلي الأطرش * الفكر سجن وحرية * ثم همس الروح خلطة سحرية مشاهد من الهند لماذا رفض أرفع المناصب الموت بداية أم نهاية الكشف عن الكنوز بوذا والعاشقة في محراب معرفة الذات من الهوة إلى الذروة عندما أنذر الصمت همس الأعماق


ككائنات معنوية فقد انبثقنا من محور دائرة الوعي الكوني الذي هو وعي الله الأوحد في الخليقة. ولأن هذا الوعي بلا بداية فهو بلا نهاية أيضا.

وكون النفوس صدرت عنه فخاصياته اللانهائية كامنة بها. أما الغاية فهي التفتح التدريجي والامتداد في اللانهاية إلى أن تدرك النفوس من جديد اتساعها الشامل الذي كانت على دراية به عند انطلاقتها الأولى ثم راحت تفقده على مراحل حتى أصبح بالنسبة لها حلماً أقرب إلى الخيال من الواقع بفعل بعدها الموهوم عنه وعدم اختبارها له بوتيرة متكررة.

اللانهاية وحدها تحتوي أشواق النفس وحنينها إلى ذلك الشيء المجهول الذي تفتش عنه وتأمل في العثور عليه كمن يبحث عن وجه صديق عزيز بين آلاف الوجوه الغريبة.

اللانهاية هي الأفق المفقود اللامحدود الذي يحن طائر الفردوس للتحليق فيه دون عائق يعيق في فضائه السحيق. وهي سماء النفس التي تومض فيها نجوم المدركات الروحية الفائقة.

هي مملكة الوعي التي لا وجود بها للمحدوديات والثنائيات ولا تواجد فيها للمعاناة والمنغصات. إنها اتساع شمولي وحرية مطلقة من أسر الجسد وقيود الفكر وما أكثرها من قيود!

في تلك الآفاق اللامتناهية تسبح مجرات الأفكار الأولية التي تتألق بشموس الإلهام وأقمار المدركات الجديدة والمتجددة أبدا.

وفيها أيضاً الحضور الرباني الذي يشع بالنور والفرح والسلام والخير والبركة والقوة والمجد.

فلتتوجه الأفكار إلى قلب الدائرة الكبرى لتمتزج بعناصرها اللانهائية وتكتسب خاصياتها وتتمغنط بالاقتراب من مجالها ومجاليها.

اللانهاية هي الوعي الكوني الذي لا يحتويه فضاء لأن الفضاء وما به من عجائب الكون كائن وكامن في قلب الوعي الكوني حيث مشاعل الإبداع دائمة التألق وشلالات الغبطة لا تكف عن الهدير.

اللانهاية هي الذاكرة الكونية حيث لا تفقد فكرة واحدة ولا تضيع ذرة من ذرات الخليقة. فهي مستودع العقل الكلي الذي يحفظ فيه الأفكار السببية ليجسدها صوراً وأشكالاً منظورة وغير منظورة في الطبيعة وفي عقول البشر.

اللانهاية هي مهبط الوحي ومصدر الإلهام. هي الجزئيات والكليات، وهي الجاذبية الكونية التي لا عِلمَ لأحد من أين أتت ولا قدرة للعقل البشري على قياس قواها التي لا يعرف مقدارها إلا الذي أطلقها من ذاته الكلية.

من اللانهاية تسطع المواهب الخلاقة وتفيض الإبداعات المتألقة، وفي اللانهاية يتقافز الفكر بوثبات جبارة وتشد النفس الرحال إلى المرامي البعيدة حيث ينصهر الحب البشري في بوتقة الحب الكوني وتتحقق الآمال العِذاب.

في اللانهاية تدرك النفس غايتها وتتعرف على ذاتها فتتأمل أطوار مسيرتها الطويلة وتصبح اختباراتها وتجاربها أحلاماً سعيدة بعد يقظتها الأبدية ورؤيتها لأنوار الحقيقة.

اللانهاية هي فضاء الروح الذي يزخر بالخواطر السامية وسماء النفس التي تتلامح فيها النيرات المشرقة بالبهاء.

اللانهاية تجسد رعشات الحنين وتمنح ألفاظاً بليغة للأفكار الصامتة.

اللانهاية هي اليقظة الأبدية من هجعة الدهور، وهي زهور المعرفة المتفتحة في حدائق الأزل.

هناك في اللانهاية.. حيث الأبدية تحتوي في تضاعيفها الزمان والمكان..

وحيث أفكار الله الزاخرة بالمفاجآت التي ما خطرت على قلب بشر..

وحيث يلتقي الماضي بالحاضر وبالمستقبل في وحدة واحدة..

هناك حيث الله في الانتظار..

تكون نهاية المطاف ومنتهى المشوار.. في قلب اللانهاية.

والسلام عليكم

محمود مسعود

No comments:

Post a Comment