Wednesday, June 10, 2009

الفكر: سجن وحرية

يمكنكم أيضاً زيارة موقع السويداء يوغا وقراءة المواضيع التالية بالنقرعلى العناوين أدناه:
الأرواح الراقية والمحبة * مع الحلاج في أشواقه * ابن مسكويه يتحدث عن الخوف من الموت * طاغور يتحدث عن الروح * الروح عند فلاسفة الإسلام * البحث عن معنى الحياة * عالم جديد * طاقة التركيز * الروح عند الأقدمين * روح الشرق * التحدي الأساسي * مفتاح سحري * أنوار مباركة * فلسفة الحياة * أنفاس الصباح * هذا العالم * لا تسمح للغضب بالسيطرة عليك * فلذات * مناجاة المدركات العليا * تلك النفس الشريفة * هذه المعرفة الروحية * مطلب واحد يستحق العناء * قانون ونظام وتسلسل منطقي * رسالة الإنسان الراقي * الغذاء المغناطيسي أو الفكري * عربي في ضيافة طاغور - الحلقتان * نثرات ضياء * قراءة في ألفية شبلي الأطرش * الفكر سجن وحرية * ثم همس الروح خلطة سحرية مشاهد من الهند لماذا رفض أرفع المناصب الموت بداية أم نهاية الكشف عن الكنوز بوذا والعاشقة في محراب معرفة الذات من الهوة إلى الذروة عندما أنذر الصمت همس الأعماق

الفكر سجن وحرية

تحدثت في موضوع سابق عن الفكر المغناطيس واليوم أود أن أتحدث عن الفكر السجن والحرية.

الحرية هي أسمى مطلب يجدّ الإنسان في طلبه ويضحي النفس والنفيس في سبيله لأنه – أي الإنسان - في جوهره متحرر من كل الأغلال والقيود.

هو يدرك هذه الحقيقة باطنياً ويريد ترجمتها عملياً ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

والإنسان لا ينفرد بهذه النزعة التحررية دون سواه من المخلوقات. فهناك الكثير من الحيوانات والطيور والحشرات تحيا طليقة، تسرح وتمرح وتعدو وتشدو لأن نشاطها الطبيعي وتعبيرها عن ذاتها مدفوعان لا بإرادة واعية بل بغريزة تكفيها عبء التفكير وتكون في بعض الأحيان أو أكثرها أهدى من الإنسان وأرهف إحساساً في التعامل مع بيئتها والظروف المحيطة بها.

الإنسان يمتاز عن باقي المخلوقات بفكره الذي هو سلاح حماية ومنارة هداية وميزان تقييم إن هو استخدمه على الوجه الصحيح ولم يسئ استخدامه ويصرف قواه على أمور مبتذلة ونشاطات هدامة. حقاً أن السعادة تكمن في الإفادة والإستفادة.

هذا الفكر الذي هو رأسمال الإنسان وأثمن ما يمتلكه في الحياة يعمل بكيفية حسابية دقيقة لا تخطئ. هو قوة كالكهرباء، والفرق بين الإثنين أن الكهرباء قوة عمياء في حين الفكر قوة واعية تعرف ذاتها وتدرك النتائج المترتبة على ما تتخذه من قرار وما تقوم به من فعل.

الحرية مُنية كل نفس، وتلك الحرية تكمن أكثر ما تكمن في فكر الإنسان. الإنسان لم يخلق فكره بل أعطي الفكر له كي يستخدمه هادياً ودليلاً إبان إقامته الموقوتة على هذه الأرض. ولهذا الفكر قوانين تحكمه ولا يمكن اختراقها أو الإفلات منها حتى ولو تجاهلها واعتبر نفسه القدرة اللانهائية في الوجود.

لكن تلك القوانين لم توجد لتقييد الفكر بل لتحريره ولتنبيهه عندما يتجاوز حدوده ويغمض عينيّ تمييزه ويحاول القفز في الظلام دون الأخذ في الإعتبار الحكمة السديدة الرشيدة: قدّر لرجْلِكَ قبلَ الخطو موضعها!

تلك القوانين لا تفرض ذاتها على الإنسان ولا ترفع شواخص أمامه أثناء انطلاقه على دروب الحياة لأنها موجودة أصلاً في ذاته، ملازمة لكيانه ورفيقة دائمة لخواطره ومشاعره. والتناغم معها كفيلٌ بتفعيلها لصالحه فتتحول إلى أجنحة يستقلها بدلا من أثقال يحملها وأعباء يتجشمها.

وهكذا نجد أن التفكير السليم الذي يعرفه حتى البسطاء ويعبرون عنه بأبسط الكلام هو عنصر حيوي لمن يبغي التحرر من تلك السلاسل غير المنظورة التي تقيد النفس وتشد وثاقها بفعل التفكير المغلوط الذي يتحول إلى حبال متينة سهلٌ حبكها صعبٌ حلها.

وهذا الفكر يتحول مع الأيام إلى نمط ذهني أو عادة تتمركز في خلايا الدماغ فتحتل تلافيفه وتصبح الآمر الناهي في كل ما يقوله أو يفعله الإنسان. هذا أمرٌ حسن ما دامت نوعية التفكير سليمة. فالنتيجة ستكون إذ ذاك عادة حميدة تترجم ذاتها إلى أقوال مفيدة وأفعال نبيلة. أما إن كانت بعكس ذلك فالعواقب ستكون وخيمة وأليمة. ولعل هذا ما عناه الشاعر القروي بقوله:

نصحتكَ لا تألفْ سوى العادةِ التي
يسرّكَ منها منشأ ٌ ومصيرُ

فلمْ أرَ كالعادات شيئاً بناؤهُ
يسيرٌ وأما هدمهُ فعسيرُ

حقاً إن الفكر قوة فعّالة وهو إرادة حرة. وإن كان أداة تقييد فهو أيضاً وسيلة كريمة للتحرر والإنعتاق من كل القيود والأصفاد.

والسلام عليكم

محمود مسعود
أدناه Older Posts لقراءة موضوعات أخرى رجاء نقر









No comments:

Post a Comment