Saturday, November 7, 2009

برمهنسا يوغانندا: لماذا رفض أرفع المناصب

تفضلوا بزيارة موقع السويداء يوغا وقراءة المواضيع التالية بالنقرعلى العناوين أدناه:
الأرواح الراقية والمحبة * مع الحلاج في أشواقه * ابن مسكويه يتحدث عن الخوف من الموت * طاغور يتحدث عن الروح * الروح عند فلاسفة الإسلام * البحث عن معنى الحياة * عالم جديد * طاقة التركيز * الروح عند الأقدمين * روح الشرق * التحدي الأساسي * مفتاح سحري * أنوار مباركة * فلسفة الحياة * أنفاس الصباح * هذا العالم * لا تسمح للغضب بالسيطرة عليك * فلذات * مناجاة المدركات العليا * تلك النفس الشريفة * هذه المعرفة الروحية * مطلب واحد يستحق العناء * قانون ونظام وتسلسل منطقي * رسالة الإنسان الراقي * الغذاء المغناطيسي أو الفكري * عربي في ضيافة طاغور - الحلقتان * نثرات ضياء * قراءة في ألفية شبلي الأطرش * الفكر سجن وحرية * ثم همس الروح خلطة سحرية مشاهد من الهند لماذا رفض أرفع المناصب الموت بداية أم نهاية الكشف عن الكنوز بوذا والعاشقة في محراب معرفة الذات من الهوة إلى الذروة عندما أنذر الصمت همس الأعماق
قصة ذات مغزى
كما رواها المعلم برمهنسا

ترجمة: محمود عباس مسعود

مزيد من تعاليم المعلم برمهنسا على الرابط التالي:

www.swaidayoga.com


"في سالف الأزمان عاش بعض الرجال الصالحين في صومعة هادئة على كتف وادٍ متاخم للغابة، حيث نفحات السلام دائمة التضوع والحب الأخوي السمة المميزة لتلك الخلوة المباركة.

كان إخوان الصفا أولئك يقتاتون بالثمار الطازجة التي تجود بها الأشجار ويستعملون أكفهم المضمومة لشرب الماء الحي المشعشع والمتدفق من الينابيع الجبلية الثرة الصافية.

أعينهم كانت تلمع وتبرق كوميض الألماس بابتسامات سماوية ملؤها القناعة والرضا، وقد استوطن الفرح قلوبهم فغمرها بالعزاء الدائم.

مع كل ذلك شعر أحد هؤلاء المباركين أنه قد شبع من السعادة الروحية واشتاق لتذوق طعم المجد الدنيوي ولو إلى حين. تملكته رغبة في أن يصبح مَلِكاً ليوم واحد فقط فودّع إخوته وهام على باب الله بحثاًً عن سعادة ملكية.

وفي طريقه ابتهل لله من كل قلبه قائلا: "يا رب يا كريم. يا من تسمع الدعاء وتحقق الرجاء، أسألك أن توجه خطاي إلى قصر أستمتع فيه ليوم واحد بالسعادة التي يتمتع بها الملوك."

وما أن أكمل ابتهاله حتى وقعت عيناه على صرح مهيب فقال بينه وبين نفسه: "يا ساعة الرحمن! ها قد حقق الله حلمي وها هي السعادة المنشودة على وشك أن تصبح في متناولي." وسارع الخطى قاصداً ذلك البناء الفخم.

لم يوقفه حرّاس فدخل من البوابة الرئيسية دون عائق، وراح يتجول في أرجاء الحدائق الغناء المرصعة بأندى وأبهج الورود والرياحين دون أن يبصر شخصاً واحد.

بعد ذلك انتقل إلى قاعة الطعام الملكية فوجد الموائد عامرة بأشهى الطعام في انتظار قدومه. ومع ذلك فلم يبصر خادماً واحداً في المكان. فقال بينه وبين نفسه: "ما أكرمك يا رب! فقد جسّدت من أجلي هذا القصر الرائع وهذا الطعام الطيب الذي يليق بالملوك. هكذا تمنيت عليك فما عتـّمتَ أن حققت حلمي يا أكرم الكرماء."

وإذ اقتنع بأن الرحمن الرحيم أكرمه بتحقيق أمنية قلبه راح يتأمل الأطايب التي في انتظاره موقناً في قرارة نفسه أن الله سبحانه أنعم عليه أخيراً بسعادة ملكية طال انتظاره لها. وقبل تناول الغداء ذهب إلى البانيو الملكي فاستحم ولبس ثياباً حريرية فاخرة ثم جلس إلى أم الموائد وراح يتناول ما لذ له وطاب من محتوياتها التي في منتهى اللذة.

في تلك اللحظة دخل الخدم الذين كانوا يقامرون في أحد أركان القصر، وبثورة وهيجان عارمين استنطقوه قائلين: "من أنت يا هذا لتأكل طعام سيدنا الملك الذي ذهب في رحلة صيد ونتوقع قدومه في أية لحظة؟"

هنا ظن صاحبنا أن الله سبحانه يمتحنه فقال لهم بنغمة عذبة: "أنا صديق الملك الأعظم، وقد حضرت إلى هنا بناء على طلبه الكريم لأستمتع بسعادة ملكية ليوم واحد."

وإذ لاحظ الخدم هدوءه غير العادي وثقته بنفسه اعتبروه بالفعل ضيفاً على الملك فتركوه يكمل غداءه الملكي. بعد ذلك أخذوه إلى حجرة النوم كي يأخذ قسطاً من الراحة، غير عالمين أن "الملك الأعظم" الذي ذكره لم يكن مليكهم الدنيوي الذي كان في رحلة صيد، بل ما عناه هو السيد الرب.

بعد مضي ساعتين تقريباً حضر المنادي على جناح السرعة ليخبر الخدم أن صاحب الجلالة تأخر قليلاً وسيحضر بعد ساعة ويأمرهم بأن يكون الطعام الطازج الشهي في انتظاره.

فتساءل الخدم: "ألم يرسل صاحب الجلالة ضيفاً ليستمتع بطعامه وينام في فراشه؟"

وعلى الفور أدرك مبعوث الملك أن أحد الدراويش المتسكعين حضر إلى القصر دون دعوة فالتهم طعام الملك وهو الآن يشخر في سريره. وإذ تملكه الغيظ لتلك الوقاحة غير المعهودة طلب من الخدم أن يحضروا العصي ليكسّروها على الشحاذ الدرويش.

غني عن القول أن صاحبنا الطيب الذكر أفاق من الأحلام الملكية على وقع العصي التي كانت تنهال عليه من كل حدب وصوب دون رحمة أو شفقة. ولكن مع إمعان الخدم بضربه وشتمه كان يغرق في الضحك مما أثار حفيظتهم فواصلوا ضربهم له حتى أغمي عليه فسحبوه إلى خارج بوابات القصر فاقد الوعي.

تأخر صديقنا الدرويش في العودة إلى إخوته فراحوا يبحثون عنه حتى وجدوه غائباً عن الوعي وملقى خارج تخوم القصر فحملوه وعادوا به إلى صومعتهم الهادئة. وبينما كان أحد الأخوة يضع الحليب في فمه سأله ليعرف ما إن كان قد استرد وعيه: "هل تعرف من الذي يسقيك الحليب؟" فأجاب: "نعم أعرف. إن الإله الذي أوسعني ضرباً لرغبتي في التمتع بسعادة ملكية ليوم واحد هو نفسه الذي يسقيني الحليب الآن."

شكر باقي الإخوة الله على سلامة أخيهم وأعجبوا بإيمانه القوي بالله الذي لم يتزعزع، بخلاف الذين يعبدون الله أيام العز والرخاء ويجحدونه في وقت الضيق والبلاء."

في غضون ذلك عاد صاحب الجلالة إلى قصره الفخم وطلب الطعام الذي أمر بتحضيره. تملكه الغضب لبرهة قصيرة عندما علم بقصة ذلك الشحاذ الذي تجرأ على تناول طعامه ولم يتوقف عن الضحك عندما كان الخدم يضربونه ضربات مبرحة بالعصي.

ولسبب ما تأثر الملك بتلك القصة التي لازمت أفكاره فأمر خدامه بالبحث عن ذلك المعدم الجريء وإحضاره إليه، فانطلقوا يفتشون عنه في كل اتجاه دون جدوى. وأثناء عودتهم اليائسة إلى القصر مروا بالقرب من صومعة الدرويش فسمعوا ضحكة مجلجلة أدركوا على الفور أنها ضحكته ليس غيرها، فترجلوا ودخلوا الصومعة عنوة واختطفوا ذلك الرجل الطيب وساروا به ليضعوه أمام حاكمهم.

وعندما تواجه الملك والدرويش راح درويشنا يقهقه أكثر من الأول كما لو أنه كان عاجزاً عن احتواء غبطته داخل أسوار قلبه. وبالرغم من الطلب المتواصل للملك كي يخبره عن سبب ضحكه رفض الدرويش الإجابة حتى تحت التهديد بالعقاب الصارم.

بعدها لجأ الملك إلى التودد والاسترضاء بدافع الفضول وعرض عليه عرشه إن هو أخبره عن سبب ضحكه أثناء ضرب الخدم له.

عندئذ تكلم الدرويش قائلا:

"إسمع ما سأقوله لك واستوعبه جيداً. لقد ضربني الله ضرباً مبرحاً لاشتهائي السعادة الملكية الواهمة ليوم واحد فقط لا غير. ضحكت وأضحك لأنني (زمطت بجلدي) وأدركت أنني إن كنت استوجبت كل هذا العقاب لتمتعي بمباهج ملكية لبعض ساعات فما بالك بمن لا هم له في الدنيا سوى المتع والملذات، لا سيما الملكية منها! ولعل في ذلك درساً وموعظة لك يا ملك الزمان لأن قانون الكارما بالمرصاد ونصيبك على الطريق.

أما بخصوص عرشك الذي عرضته عليّ فجوابي هو: كثر خيرك. احتفظ به لنفسك فأنا لست بحاجة له لأنني سعيد في الله وقانع في حياتي ولا حاجة بي إلى ما يكدّر فرحي ويعكر عليّ صفوي."

المصدر: تعاليم المعلم الحكيم برمهنسا يوغانندا

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء النقر على Older Post أو Newer Post أسفل الصفحة


No comments:

Post a Comment