Tuesday, June 2, 2009

محمود عباس مسعود: هذا العالم

يمكنكم أيضاً زيارة موقع السويداء يوغا وقراءة المواضيع التالية بالنقرعلى العناوين أدناه:
الأرواح الراقية والمحبة * مع الحلاج في أشواقه * ابن مسكويه يتحدث عن الخوف من الموت * طاغور يتحدث عن الروح * الروح عند فلاسفة الإسلام * البحث عن معنى الحياة * عالم جديد * طاقة التركيز * الروح عند الأقدمين * روح الشرق * التحدي الأساسي * مفتاح سحري * أنوار مباركة * فلسفة الحياة * أنفاس الصباح * هذا العالم * لا تسمح للغضب بالسيطرة عليك * فلذات * مناجاة المدركات العليا * تلك النفس الشريفة * هذه المعرفة الروحية * مطلب واحد يستحق العناء * قانون ونظام وتسلسل منطقي * رسالة الإنسان الراقي * الغذاء المغناطيسي أو الفكري * عربي في ضيافة طاغور - الحلقتان * نثرات ضياء * قراءة في ألفية شبلي الأطرش * الفكر سجن وحرية * ثم همس الروح خلطة سحرية مشاهد من الهند لماذا رفض أرفع المناصب الموت بداية أم نهاية الكشف عن الكنوز بوذا والعاشقة في محراب معرفة الذات من الهوة إلى الذروة عندما أنذر الصمت همس الأعماق

هذا العالم ليس واحداً لكل الناس. فكل واحد يعيش ضمن نطاقه الشخصي الصغير..

قد يعيش الواحد في مجال جمالي رائع حيث الموسيقى الراقية والأدب الرفيع، في حين يسكن الآخر منطقة كثيفة حيث الشهوات الزاعقة واللهاث المحموم خلف المادة.

مجال أحدهم قد يزخر بالسلام والوئام، في حين يعج مجال غيره بالمشاكسة والخصام.

لكن مهما كانت ظروف الشخص وبيئته التي يعيش فيها فإنها تشتمل على عالمين اثنين: باطني وظاهري.

عالمنا الخارجي هو الذي نعمل فيه ونتفاعل معه. أما عالمنا الباطني فهو الذي يقرر مدى سعادتنا أو تعاستنا.. لياقتنا النفسية أو عجزنا عن التعامل بمنطق وراحة مع الناس والأحداث من حولنا.

اليد غير المنظورة التي صنعت هذين العالمين دوزنتهما بحيث يعملان معاً بتناغم وانسجام. أما إن بدا هذان العالمان متنافرين فسبب النشاز مردّه أولئك الذين لا يحسنون التعامل مع القوى الممنوحة لهم، أو يسيئون استخدامها.

الناس قد أقنعوا أنفسهم أن مدركاتهم الشخصية هي حقائق لا تقبل الجدل إلى أن يبزغ برهان نقيض يثبت العكس.

من يستطيع إقناع المتزمتين برأيهم أن الكون بأسره يتحرك بإيقاع كوني أبدي وأن ما يبدو عدم تناسق هو سوء فهم أو تأويلٌ خاطئ ناجم عن رؤية المرء المحدودة والمشوهة؟

القادرون على السمع سيسمعون..
والقادرون على الرؤية سيبصرون..
ومن يملك قلباً حساساً سيشعر بالتناغم المقدس الذي يسري في مسامات وأنسجة الخليقة بأسرها.

معظم الفلاسفة والمفكرين يعاينون العالم من خلال مدركاتهم الحسية فتبدو الطبيعة بالنسبة لهم مليئة بالصراع والنشاز.

ففي العاصفة يقرأون غضباً..
وفي الزلزال يرون شقاءً تنوء تحته الأرض وما عليها..

ونظراً لحساسيتهم المفرطة يتألمون عندما يدركون أن الحياة بالنسبة للحيوان تعني موتاً للنبات، وأن دم الحيوان ولحمه غذاء للإنسان.

في كل ركن من أركان الطبيعة هناك صراع على الغلبة والبقاء.

فصيلة من الفصائل تقاتل غيرها..
وعرق من البشر يحارب عرقاً آخر..
وأمة تقوم ضد أمة..
فأين السلام والإنسجام؟!

بالنسبة للأذن غير الحساسة تبدو بعض الألحان ثرثرة وضوضاء.
وللعين غير المثقفة قد تبدو روائع الفن خربشات عشوائية من فرشاة الرسام.
أما الفكر غير المتناغم مع الكون وبارئه فلا يرى سبباً منطقياً لمفارقات الحياة.

وحتى نيتشه، بالرغم من ومضاته الفكرية المتألقة وعقله الثاقب عجز عن إدراك التناغم الباطني الذي يكمن في روح وقلب كل مظاهر الحياة. فلا عجب إن عجزت الأفكار الأقل انطلاقاً وتحليقاً عن معاينة هذه الحقائق.

الأشياء ليست كما تبدو. فعندما ننظر إلى مستقطع عرضي لشيء ما لا نرى الصورة كاملة. ولكن عندما نرى ذلك الشيء بكامل أبعاده تبزغ الصورة واضحة جلية.

وبالمثل، فإن رسوم الخليقة الرائعة تمتد عبر الفضاء والزمان اللا متناهيين.

إن كل شيء وكل حدث في الطبيعة هو لمسة بارعة من أنامل الرسام الكوني. لكن الناس يبصرون نتفاً مفككة وأجزاء مبعثرة لا يمت بعضها لبعض بصلة.

كل ما يحدث هو نوتة من سيمفونية العازف الكوني.

النوتات الفردية المستقلة تبدو لا معنى لها حتى تـُسمع ضمن المعزوفة الكاملة.

إن موسيقى الخالق دائمة العزف..
وكل ما يحدث في الحياة هو نوتة متممة لذلك اللحن الأكبر..
كلها تعمل معاً في إيقاع كوني متسق النغم..
تسمعه النفس عندما تصغي لسيمفونية الحياة المترددة أنغامها في أعماق الذات.

والسلام عليكم

Yogoda Satsangaالمصدر:
الترجمة: محمود عباس مسعود
أدناه Older Posts لقراءة موضوعات أخرى رجاء نقر



No comments:

Post a Comment