Saturday, December 13, 2014

من منابع الإلهام


من منابع الإلهام
للمعلم برمهنسا يوغانندا

PARAMAHANSA YOGANANDA
ترجمة محمود عباس مسعود
                                                محمود عباس مسعود

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء الضغط
 على Older Posts أو  Newer Posts

في أسفل الصفحة أو أحد السهمين



* لا يوجد فرق بين القوانين المادية والقوانين الروحية أو المعجزات التي تحدث نتيجة لمعرفة آليات العقل البشري. العلماء يصنعون المعجزات باستخدام القوانين المادية، والمتقدمون روحياً يصنعون معجزات عقلية. وفي عصر المعجزات العلمية الذي يتسم بسيل من الإختراعات والمبتكرات التي لم تخطر على بال، يتعين على العلماء أن يتعمقوا في دراسة القوانين الروحية التي يستخدمها العارفون.

المعجزات الروحية أو الكرامات هي ليست سوى تشغيل للقوانين الكونية فوق الطبيعية.   بالنسبة للشخص العادي تبدو تلك الأعمال معجزات، لكنها في الحقيقة استخدام لبعض القوانين العليا المحتجبة.
***

لقد ارتشفتُ جمالَ مليارات النجوم
المتناثرة في الفضاء السحيق
ومن المباهج البريئة امتصصت الرحيق
وصنعت موقداً حرقت فيه كل الأحزان
وحملتُ مشاعل النور
وجرعت المحبة النقية من كل القلوب
ومزجت الحب الأبوي والأمومي والأخوي
وشربته حتى الثمالة
واعتصرت الكتب الروحية من أجل قطرة سلام
ونظمت الأشعار من وحي الطبيعة
واختلست الحلاوة من قفير السعادة
واستخلصتُ المعاني الجوهرية من منجم الفكر
وقرأتُ ..
وابتسمتُ ..
وعملتُ ..
وخططتُ ..
ونبضتُ ..
وتشوقتُ ..
ولم يكن كل ذلك كافياً
إذ أدركت أنها أحلام غالباً ما تلاشت
قبل تحقيق أماني القلب المستهام.
ولكن ما أن أقصيتُ عني الأحلام
وجلستُ في محراب السلام
حتى تعاظمت أشواقي
وسمعتُ روحي تنشد
الله وحده الباقي!

***

كل إنسان يمثل القوة اللامتناهية ويجب أن نظهر تلك القوة في كل ما نفعله. عندما نرغب في ابتكار  شيء ما، يجب أن لا نعتمد على المصادر الخارجية وحسب،  بل يجب أن نغوص في الأعماق الداخلية  ونبحث عن المصدر اللانهائي.

إن كل أساليب العمل الناجح، وكل الاختراعات،  وكل الاهتزازات الموسيقية،  والأفكار الملهمة،  والمؤلفات الرفيعة والرائعة مدوّنة في سجلات الله.

يجب أن نقوم أولاً بتحديد الهدف، ثم نطلب العون الإلهي ليرشدنا إلى العمل المناسب  الذي من خلاله يمكننا الإعراب عن طاقاتنا، وأن نتأمل إلى أن يهدأ الفكر  ويرى بوضوح الخطوة التالية التي يتعين اتخاذها.

بعد ذلك يجب أن نعمل بحسب التوجيهات الداخلية التي نحصل عليها وسيتحقق ما نبتغيه. عندما يصبح الفكر هادئاً ستدرك الأمور بسرعة وسهولة وما أروع ذلك! 

وستنال ما تصبو إليه  وسيكتب لك النجاح في كل شيء في وقت قصير،  لأن القوة الكونية قادرة على تسيير القانون الصحيح  والبرهنة على عمله. وإن بحثنا داخل نفوسنا سندرك صحة ذلك بعونه تعالى.

***

سأل أحد المريدين المعلمَ برمهنسا عن أنجع السبل للتغلب على الغواية الشيطانية المحرمة، فقال له:

ما لم تكن قد ترسخت في الحكمة، فيتعين عليك أولاً – عند هجمة الإغراء  - أن توقف الفعل أو الدافع القوي على الفور وتتبصر الأمور فيما بعد.

إن حاولت التفكير أولاً فسوف يتغلب عليك الإغراء ضد إرادتك وستجد نفسك تفعل الشيء الذي لا تريد فعله، لأن الإغراء والحالة هذه سيتغلب على العقل.

ما عليك إلا أن تقول بحزم "لن أفعل ذلك" ثم تنهض وتغادر. تلك هي أضمن الطرق للتخلص من حبائل الشيطان.

وكلما نمّيت قوة "اللا أريد" أثناء هجمات الوساوس كلما ازددت قوة وتضاعفت سعادتك، لأن السعادة تتوقف على عمل ما يطلب منك ضميرك عمله.

عندما تقول "لا" للإغواء فيجب أن تقول ما تعني وتعني ما تقول.

لا تستسلم وتذكر أن ذوي الإرادات الضعيفة يقولون "نعم" على الدوام، أما النفوس الكبيرة فإنها مليئة بـ "اللاءات" الأدبية. 


***

في التدريب الروحي، تعلمنا السيطرة على عواطفنا والتحكم بميولنا وعدم السماح لتفضيلاتنا الشخصية بأن يكون لها القرار الأول والأخير في حياتنا، وكنا شاكرين ممتنين لكل ما وهبه الله لنا.  الناس لديهم الكثير ومع ذلك هناك كثيرون دائمو السخط والتذمر ويشعرون بعدم الرضا بالرغم مما لديهم، تماماً كما لو كانوا لا يملكون شيئاً، ولا تكاد رغباتهم تقف عند حد.

في الصباح، صبحكم الله بالخير، بعد أن يحلق الزوج ذقنه – وربما شاربيه - ويغسل وجهه ويرتدي ثيابه فالشيء التالي الذي يريده هو الفطور.  وما أن يتناول بعض لقيمات حتى يتمنى لو أن زوجته حضّرت له شيئاً آخر أكثر ملاءمة لذوقه المميز، والزوجة بدورها تتمنى لو عندها فضيات وصحون وآنية أفضل. 

وهكذا، يوماً بعد يوم يتمنون هذا وذاك إلى أن يعجز أي شيء عن إرضائهم وتفقد الصلات ما بينهم حميميتها بل ويفقدون السعادة أيضاً.  وبسبب الإستياء الذي يشعرون به ينقلبون على أقرب الناس إليهم. فالزوجة تتذمر وتحتج على الزوج، والزوج يزعق بالأولاد، والأولاد يتمردون ويقعون في مشاكل مع رفاق السوء.  الفكرة هي الآتي: ليس من الخطأ امتلاك الأشياء، لكن الخطأ هو أن نسمح للممتلكات بامتلاكنا، وعلى من يطلب السعادة أن لا يكون شديد الولع، كثير التعلقات.

جنتي هي في داخلي وعندما أبتهج بمنظر جميل أو بلقاء أصدقاء أعزاء فإن جنتي الداخلية تضاعف استمتاعي بذلك المنظر أو برؤية أولئك الأصحاب. وبدون تلك القناعة الذاتية ينقلب حتى الفردوس الأرضي إلى جحيم لا يطاق.

إن الإدراك بأن كل قوى التفكير والكلام والشعور والفعل تأتي من الله، وأنه معنا على الدوام، يلهمنا ويرشدنا، يجلب تحرراً فورياً من العصبية والحيرة والإرتباك. ومع هذا الإدراك تبزغ ومضات من الفرح الإلهي.

أحياناً تجتاح إشراقة روحية عميقة الكيانَ بأسره، فتقصي مفهوم الخوف وتلاشيه.

وكأمواج المحيط، تأتي القوة الإلهية بزخم كبير، فتمر بالقلب وتغسله بسيل مبارك جبار، فتزيل منه كل العقبات والعوائق من شكوك وعصبية ومخاوف.

عندما نلامس الحضور الإلهي يتبدد الوهم بأننا مجرد أجسام مادية، وهذا يمكننا تحقيقه بالتفكير الروحي العميق والمركز والتأمل على الله والتماس عونه لفتح بصائرنا.
عندئذ ندرك أن الجسد هو مجرد فقاعة صغيرة من الطاقة في بحر الله الكوني.

***

عنما تعصف بالشخص رياح التجارب النفسية العاتية أو تنتابه مخاوف قوية فيجب أن يحاول الخلود للنوم.

إن استطاع ذلك سيجد لدى الإستيقاظ أن التوتر النفسي قد زال،  وأن المخاوف قد أرخت قبضتها، لأن النفس عند دخولها حالة النوم ترتفع مؤقتاً إلى ما فوق المشاكل المرتبطة أصلاً بالتعلق بالجسد واختباراته.

وهناك حالة أعظم وهي ملامسة الوعي السامي بالتأمل الواعي العميق.  يجب أن نعقد العزم على أن لا شيء سيزعزع سلامنا أو يسلبنا راحتنا النفسية.

عندما يحقق الفكر ذاته بشكل كامل مع ظروف الحياة فلن يقدر على الإحساس بطبيعة النفس الروحية السعيدة. ولكن عندما نعمل وفي نفس الوقت نتذكر صلتنا الوثيقة بالله وأن نوره يحيط بنا وسلامه يسكن داخلنا فلن تؤثر بنا الأحداث ولن تعكر سلامنا الظروف غير الملائمة.

***

يجب أن يراقب الإنسان دوافعه. الشخص الشره الفجعان يتناول الطعام وكذلك الشخص الروحي الطباع المنضبط الميول.  فهل يجوز القول أن تناول الطعام خطيئة لأنه غالباً ما يقترن بالشره؟

الخطيئة تكمن في الفكر.. في الدوافع. المبطان النهم يأكل ليشبع نهمه، والروحاني يأكل للإحتفاظ بجسمه معافىً، وهناك فرق كبير بين الإثنين.

للتمييز بين الخطأ والصواب، يجب أن يستبطن المرء دوافعه ويسأل نفسه عما إذا كان ما سيقوم به خطأ أم صواب. لا بد أن نكون مخلصين كل الإخلاص مع أنفسنا.

عندما يكون الشخص صادقاً مع ذاته فمن المستبعد جداً أن يرتكب خطأً، وحتى إن فعل فسيتمكن من تصحيح مساره بسرعة.  يجب أن نستلهم الضمير فيما نفعله لأن الضمير هو القوة التمييزية في باطن الإنسان.   

***

مهما كانت أعمالنا والتزاماتنا كثيرة، يجب ألا ننسى تحرير أفكارنا بين الحين والآخر بشكل كامل من الهموم ومن كافة المشاغل والشواغل الأخرى.

حاول أن لا تفكر أفكاراً سلبية لدقيقة واحدة في المرة الواحدة، مركـّزاً على السلام الداخلي، وخاصة إن كنت قلقاً وتشعر بوطأة الهم.

بعد ذلك مدد الفترة لعدة دقائق، مستذكرا بعض الأحداث والمناسبات السعيدة.

قم باستعادة بعض الذكريات الحلوة التي تركت أثراً طيباً في نفسك وحاول أن تعيشها مجدداً بكل تفاصيلها وستجد تدريجياً أنك نسيت همومك وتبددت مخاوفك. 
   

بناء البيئة الداخلية

إن أراد الإنسان بناء بيئة داخلية صحية فلا بد من  ممارسة فترات من الصمت وعدم المزح كل الوقت، وأن يكون سعيداً، منشرحاً، بشوشاً.

الكلام العقيم يبدد الإحساسات السامية، وهو كالرصاص الذي تستنفد قواه في التحدث بأمور تافهة لا فائدة منها، مما يتسبب بإضاعة ذخيرة نفسية حية وقيّمة.

الوعي كوعاء الحليب، فعندما يُملأ بسلام التأمل والأفكار والأحاسيس الراقية فينبغي الإحتفاظ به ملآناً.  الهزل والثرثرة الببغاوية هما تسلية زائفة تحدث ثقوباً في جوانب وعاء الوعي بحيث يتسرب منه حليب السلام النفسي ويُفقد.

هذا لا يعني أن يكون الإنسان متزمتاً جاداً ومتحفظاً فوق اللزوم، بل المقصود هو الإبتعاد عن الهزء والتهكم والسخرية والكلام غير المنطقي والذي لا يُعتد به.

لا زلت أذكر التدريب الرائع الذي حصلت عليه من العظماء. فعندما كنا نهذي ونثرثر كانوا يقولون لنا:

 "عودوا إلى حصونكم الداخلية ولا تنحروا ذواتكم بدم بارد، بحيث تفقدون مدركاتكم الروحية ويهرب منكم سلامكم دون رجعة."

لم يكن من السهل لنا فهم ذلك آنذاك لكنني أفهم الآن طريقة السلام التي لقنوها لنا.


إيداعات السلام

إن قام شخص باستمرار بتحرير شيكات دون إيداع أي مبلغ من المال في حسابه المصرفي فسينفد ماله ويفرغ رصيده.

وبالمثل، إن لم يضع على أساس منتظم ودائع من السلام في حساب حياته فسيتضاءل رصيده من القوة والهدوء والسعادة ويتلاشى..  وسيصاب أخيراً بالإفلاس العاطفي والعقلي والجسدي والروحي. التأمل على الله وملامسة حضوره المبارك يعززان مخزوننا الذاتي ويزوداننا مجدداً بكل العناصر الحيوية اللازمة.

***

بدلاً من أن نعيش في الحاضر فقط، نحاول العيش في الماضي وفي المستقبل في نفس الوقت، وهذا من شأنه تسليط أعباء ثقيلة على العقل ترهقه وتحد من قدرته على التعامل بفعالية مع الأمور. لهذا السبب يتعين علينا تخفيف الحِمل الفكري. الماضي مضى إلى غير رجعة فلماذا حمله في العقل؟

لندع العقل يتعامل مع أعبائه واحداً واحداً وليس دفعة واحدة. طائر التم يأكل فقط المحتوى الصلب من السائل الذي يغترفه بمنقاره، وبالمثل يجب أن نحتفظ في الذهن فقط بالدروس التي استفدناها من الماضي وأن ننسى التفاصيل غير الضرورية.

وهذا سيريح العقل إلى حد كبير. إن متعة الإنسان العصري تكمن في مضاعفة ما لديه والحصول على المزيد، بغض النظر عن حرمان الآخرين ومعاناتهم.

ولكن أليس من الأفضل أن يعيش الإنسان ببساطة، دون كماليات زائدة وبقدر أقل من التلهف والقلق؟ لا متعة في الإندفاع المحموم لدرجة عدم التمتع بالموجود.

 سيأتي يوم يستيقظ فيه الناس من الغفلة الروحية ويبدؤون بالترفع عن الشعور بالحاجة إلى أشياء مادية كثيرة. وسيأتي يوم  يكتشف فيه الناس أن الحياة البسيطة تعني المزيد من الأمن ومن السلام والراحة النفسية.  


إن اكتساب قلوب الناس بقوة المحبة هو أعظم انتصار يمكن لأي شخص أن يحققه في الحياة.
تلك كانت أروع إنجازات العظماء الذين عاشوا وماتوا في سبيل الآخرين. أصحاب القوة المادية الجبارة الذين يعيشون من أجل أنفسهم لا غير سريعاً ما تلفهم أكفان النسيان. أما الذين يعيشون من أجل الآخرين يبقى ذكرهم خالداً على الدوام.

الأنبياء لم تكن لديهم عروش من ذهب إبان إقامتهم الأرضية، لكنهم يتربعون على عرش المحبة في قلوب الملايين. ذلك هو أفضل عرش يمكن أن يعتليه أي إنسان.

يأتي الإنسان إلى هذا العالم باكياً في الوقت الذي يبتهج الجميع بقدومه. ويجب أن يعمل ويخدم إبان فسحة العمر الممنوحة له بحيث عندما يحين وقت مغادرته هذا العالم يرتحل باسماً في حين يبكيه العالم.

لقد خلق الله هذه الدنيا علّ الإنسان يستخدم ذكاءه من أجل بلوغ المعرفة الروحية وإدراك الذات الإلهية.  الفكر قوة كبرى وينبغي توجيه تلك القوة في المسار الصحيح بما يعود بالنفع على نفس الإنسان والآخرين.

لو لم يمنحنا الله الحب بغرس حبه في قلوبنا لما تمكنا من معرفة الحب البشري على الإطلاق.

وما دام الله كريماً معنا ومحباً للغاية فينبغي أن يكون قصدنا وغاية بحثنا. لا يريد أن يفرض نفسه علينا ولكن لا سعادة يمكن تحقيقها دون التفكير به والتواصل معه.

الطريقة الغامضة التي يعمل بها الجسم والعقل الذي ميّزنا به الله عن سائر المخلوقات.. وكل أعجوبة ومعجزة أخرى في الحياة يجب أن تكون حافزاً كافياً لجعلنا نعتزم البحث عنه والعثور عليه. من يحاول ذلك بصدق وإخلاص سيفلح في مسعاه وسيحصل على مبتغاه.

عندما شرعتُ على هذا الطريق كانت حياتي في بادئ الأمر مشوشة وغير منتظمة، لكن بالمحاولة المتكررة والعمل المتواصل أخذتْ الغيوم تنقشع والأمور تتجلى بكيفية مدهشة. وكل ما حصل لي كان برهاناً قاطعاً على وجود الله وإمكانية التواصل معه والتعرف عليه في هذه الحياة.

***

يا للطمأنينة ويا للراحة النفسية والسكينة الباطنية التي يحصل عليها المريد لدى عثوره على الله.  ستصبح الدنيا عندئذ مشرقة باسمة وسيكون كل شيء على ما يرام، ولن يقوى شيء على إلقاء الخوف في القلب.

هكذا يجب أن نواجه التحديات ونخوض معركة الحياة بجرأة وبسالة تليق بأبناء الحياة والنور.

***

عندما نشعر أنه يتعين علينا القيام بأشياء كثيرة في نفس الوقت نـُصاب بإحباط كبير.

 وبدلاً من القلق حول ما ينبغي القيام به، من الأفضل القول:

 "هذه الساعة من الوقت هي لي حصراً،  وسأفعل خلالها ما بوسعي دون أن أسمح لوطأة الضغط بأن تقهرني."

لا يمكن للساعة أن "تتك" 24 ساعة في دقيقة واحدة، وبالمثل لا يمكنك في ساعة واحدة القيام  بما يتطلب عمله 24 ساعة.

يجب أن نبذل مجهوداً كافياً لعمل ما يتوجب علينا عمله في اللحظة الراهنة وأن نفعل ذلك براحة ودون توتر، وسيتولى المستقبل أمره بنفسه.

استمتع باللحظة الآنية وحاول أن تتناغم مع اهتزازات السلام.

 كلما فعلت ذلك كلما شعرت بوجود قوة مباركة في داخلك تعمل لصالحك وتثري حياتك وتسعدك.


التعامل مع الخوف والقلق

يتيقظ القلق في القلب نتيجة الإحساس بالألم.  وهكذا نرى أن الخوف يتوقف على بعض اختبارات سابقة.  ربما يكون الشخص قد سقط في الماضي وكسر رجله، وهكذا فإنه يرهب تكرار نفس الإختبار.

التركيز الدائم على مثل تلك الإختبارات الأليمة يشل الإرادة والأعصاب مما قد يؤدي إلى السقوط وكسر الساق ثانية!  علاوة على ذلك عندما يصبح القلب مشلولاً بالخوف تنخفض حيوية الجسم إلى أدنى مستوى لها مما يسمح لجراثيم المرض بغزو الجسم وإلحاق الضرر به.

بالكاد يوجد شخص واحد لا يخشى المرض.  لقد أ ُعطيَ الخوف للإنسان كأداة احترازية لتجنيبه الألم، ولم يكن الغرض منه تضخيمه والتفكير الدائم به.

الإنهماك المتواصل بالخوف يعرقل جهودنا لتفادي المصاعب وحل المشكلات التي تواجهنا. الخوف الحذِر يقوم على الحكمة، كالتفكير على سبيل المثال أن نوعاً من الطعام لا يناسب الصحة بالرغم من الرغبة في تناوله. الخوف من المرض يجسّد المرض.  الناس يجلبون المرض إلى أنفسهم لمجرد التفكير به.  إن كنت دائم الخوف من الإصابة بالزكام ستكون أكثر عرضة له مهما فعلت لتلافيه.

لا تشلّ إرادتك وأعصابك بالخوف.  عندما يلازمك القلق ضد إرادتك فإنك تساعد على خلق نفس التجربة التي تتخوف منها.  وليس من الحكمة أيضا الإختلاط – أكثر من اللازم – مع الذين يتحدثون عن أمراضهم وضعفهم على الدوام.  فالتركيز على هذه الأمور قد يساعد على غرس بذور الخوف في عقلك.

 الذين يخشون الإصابة من السل الرئوي أو السرطان أو أمراض القلب يجب عليهم أن يطردوا هذا الخوف من أفكارهم لئلا يجلب لهم تلك الحالات غير المرغوبة.

أما بالنسبة للمرضى والعجزة فيحتاجون إلى بيئة سارة رضية قدر الإمكان، بين أناس من ذوي الطبائع القوية الإيجابية بغية تشجيعهم ورفع معنوياتهم من خلال الأفكار والمشاعر الإيجابية.

 للفكر قوة عظيمة.  العاملون في المستشفيات نادراً ما يمرضون بفضل ثقتهم بأنفسهم، بل أن أفكارهم القوية تجدد نشاطهم وتمدهم بمعين متواصل من الحيوية.

أنشودة الأشواق
بشوق عظيم أرفعُ إليكَ أناشيدَ قلبي
وأضع أمامك كل كنوزي الروحية.
لقد استجمعتُ لك شهد الحب العارم والولاء الدائم
في خلايا وجداني؛ فكل ما هو لي هو أيضا لك.
يا رب، كنتُ ظامئا في صحراء الآمال الزائفة والأماني العقيمة.
والآن شربت وارتويت من ينابيع حبك وسلامك
ولم يعد بي من عطش للرغبات الأرضية.
أحس بنسماتك المعطرة المباركة تنساب نحوي فأنتعش
وتتألق شموع سعادتي بوهج غبطتك.
كدت أموت من الظمأ والإعياء
وسط سراب الواحات الأرضية المخادعة
والآن تغمرني الأمواج السعيدة لروحك المبارك.
أريد أن أغرق في بحرك القدسي وأحيا للأبد بك!

لغة الزهور

الله هو الفنان الأعظم
وجماله المطلق يظهر في جمال الزهور.
ما أروع أن نفكر به كلما رأينا الزهور والورود!
الله غير منظور
ومع ذلك فهو يتحدث إلينا
من خلال الزهور
وآلاف الكائنات الأخرى اللطيفة المحببة
وينفحنا بأريجه السماوي.
إنه يؤكد لنا وجوده يومياً من خلال مخلوقاته.
لقد خـُلقت الزهور لغرض ما..
فهي تخدم الجميع بجمالها خدمة متواضعة
وتحدثنا عن روائع الله أكثر من أي شيء آخر.
فكل زهرة تحكي حكايتها الممتعة عن الحضور الإلهي.
لقد استُخدمت الزهور على مدى قرون
لا للزينة فقط، بل لتظهر عبير الله وجماله
ويمكننا أن نتحسس وجود الله من خلال الزهور والورود
لأن كل زهرة هي هيكل إلهي به نعاين مظهراً من مظاهر الله
الجميل الذي يحب الجمال.

{تأملوا زنابق الحقل.. ولا سليمان في كل مجده
كان يلبس كواحدة منها..}

الهموم: ماهيتها ومعالجتها

الهموم لا تجدي نفعاً .. فهي تثقل قلوبنا بهموم أخرى.
عندما تغادر أو تنهي عملك اليومي، انسه. لا تحمله في فكرك وتأخذه معك إلى البيت.

الهموم تشكل طبقة كثيفة من الغيوم الكالحة الربداء حول الفكر فيتعثر صاحبه لأنه لا يرى طريقه بوضوح وسهولة. يجب أن نتعلم الإعتماد أكثر فأكثر على الله. هذا علمٌ قائم بذاته وقانون إلهي ثابت لا يتغير ولا يتبدل. فمن يعمل ما بوسعه ويطلب في نفس الوقت العون الإلهي تنزاح من أمامه العقبات ويخف زخم الصعاب ويفتح الله في وجهه الأبواب {من توكل على الله كفاه} و {ألقِ على الرب همك وهو يدبّر}.

اعلموا - زادكم الله علماً - أن هناك دوماً مخرجاً من مصاعب العيش وهموم الحياة. فإن تريثنا وتروينا قليلاً، وفكـّرنا ملياً بالتخلص من سبب القلق بدلاً من الانهماك به سيفتح الله علينا ويدلنا على مسالك لم تخطر على بالنا.

كثيرون يأتون إليّ للتحدث عن همومهم فأطلب منهم كي يهدّئوا من روعهم ويتأملوا ملتمسين العون الإلهي، وأن لا يفكروا بطرق أخرى لحل مشاكلهم إلاّ بعد الشعور بالطمأنينة والسكينة الروحية.

عندما يكون الفكر هادئاً ويحل السلام الإلهي على النفس ويتعزز الإيمان، ستبزغ الحلول للمشكلات بزوغ الشمس من وراء الجبال.

إن تجاهُل المشكلات لا يضمن التخلص منها، ولا القلق بسببها يأتي بنتائج إيجابية.

تأمّل حتى تشعر بالهدوء ثم فكر بعد ذلك بمشكلتك وصلّ بحرارة لله كي يمنحك عونه. ركّز على المشكلة عندئذٍ وستجد حلاً لها دون هموم أو جهود مضنية.

الدعاء الحار والعميق سيأتي دوماً باستجابة من الله. ولكن إن لم يُرفع الدعاء بحرارة وصدق فمن البديهي أنه لن تحصل استجابة.

كل واحد يدرك أنه في وقت ما تحققت إحدى رغباته بفضل الصلاة.
عندما تتحول الأمنية إلى لهفة فإنها تمس قلب الله ويحقق المطلوب.
وعندما يريد الله شيئاً تستجيب الطبيعة بأسرها لإرادته.
يستجيب الله عندما نتوجه إليه قلباً وروحاً بإيمان عميق وتصميم راسخ.
أحياناً يستجيب من خلال وضع فكرة معينة في رأس شخص ما من شأنه أن يعمل على تحقيق رغبتك أو الوفاء بحاجتك.
مثل ذلك الإنسان يخدم كوسيلة بين يدي الله لتحقيق الرغبة المطلوبة.
الناس لا يعرفون الكيفية التي تعمل بها هذه القوة الجبارة.
إنها تعمل بطريقة حسابية غاية في الدقة، لا تسمح بوجود "لو" أو "لولا"
وهذا هو المقصود من "الإيقان بأمور لا تُرى"
و {يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}

من أناشيد الروح

الأشجار تتنهد
والريح تمرح
والشمس تبتسم
والنهر يجري..
وتعلو وجنات السماء
مشحات وردية حمراء
والأرض تبدّل رداءها الأسود
المرصع بماس النجوم
لتلبس في النهار
حلة ذهبية تبهر الأنظار
والطبيعة تزيّن وتزخرف ذاتها
بألوان الفصول المتعاقبة المبهجة
والساقية ذات الخرير
تحاول أبداً أن تتحدث
بأصوات تشوبها لعثمة
عن الفكر المتواري
والمنبثق من أعماق الروح
والطيور تصدح
وتحاول أن تبوح
بأمور مجهولة
تعتمل في صدورها.
لكن الإنسان
قادر على التحدث والتبيان
بعبارات صريحة واضحة
عن ذاك الذي عجز الكل
عن الإفصاح عنه..
عن سيد الأكوان
الحاضر في كل مكان.

الإرتقاء بالوعي

تتشكل بيئتنا الداخلية  النفسية من خلال تفاعلنا مع بيئتنا الخارجية منذ بواكير العمر.

وهذه البيئة الداخلية والعادات الفكرية، إضافة إلى الرغبات والميول المشكّلة من حيوات سابقة توجّه في معظم الأحيان أعمالنا وتصرفاتنا بكيفية آلية.

أما بخصوص التجديد الفكري، أو الإرتقاء بالوعي من الجسد إلى الروح والحقائق الروحية، ففي بداية الحياة تستمتع النفس بإظهار ذاتها والإعراب عن رغباتها من خلال الجسد، ونتيجة لذلك تصبح أسيرة الجسد.

يجب أن نتدرب على العيش في مستوىً أرقى من المستوى الجسداني.  التطور العقلي هو وثيق الصلة بالنمو الجسدي أو المادي. ولذلك نجد – طبقاً للنشوء الطبيعي – أن النفس تمر بمراحل متعددة وصولاً إلى مستوى الإدراك الروحي، مما يفسّر تحقيق النجاح المادي أولاً ثم العقلي.

التحصيلات العقلية نافعة ولا شك، إذ بواسطتها ومن خلالها نتعلم تحويل المتطلبات الجسدية إلى أمانٍ روحية.

منعطف خطير

المشاكل التي يواجهها العالم اليوم لم يخلقها الله. بل هي نتيجة لسنين طويلة من التفكير الخاطئ والأفعال المغلوطة للبشرية ككل. وما يزرعه البشر لا بد أن يحصدوه.

لقد وصل الإنسان إلى منعطف خطير ويقف على مفترق طرق، وبإمكانه إما التدمير بوسائل الحرب التي ابتكرها أو التوجّه إلى أسلوب أرقى للعيش وجلبْ الله إلى حياته من خلال اتباع القيم الأدبية والأخلاقية والروحية التي نادى بها الأنبياء والحكماء، والخيار خيارنا جميعاً.

لقد حان الوقت كي يحدد الإنسان موقفه ويقرر الدرب الذي يتعين عليه أن يسلكه: إما نحو الفوضى والدمار أو نحو المُثل العالمية العليا التي نادت بها الأديان السماوية لتجنيب النفوس والعالم المعاناة والويلات.

فإن لعب الإنسان دوره كما ينبغي له أن يلعبه، واستلهم قوانين الخير والمحبة والأخلاق الفاضلة فلا بد أن تزول الغمة وتتبدد الظلمة.

ليس من منطق ولا مبرر للأحداث المؤلمة التي يشهدها العالم ولا للعنف الذي لا معنى له الذي يحدث في كل البلدان. أما السبب من وراء كل هذا فلأن الإنسان قد ابتعد كثيراً عن خالقه وفقد صلته الفعلية به.

الناس لا يرون مبرراً منطقياً لعدم التنفيس عن مشاعرهم السلبية المريرة وصبّ جام غضبهم على الآخرين، ويظنون أن الطريقة الوحيدة لحل المشاكل هي السلاح وإزهاق الأرواح.

لكن الله وأنبياءه وعظماءه يريدون للناس أن يعيشوا بوئام مع بعضهم وأن يتعاونوا على البر والتقوى. 

***

إن ذاتك الحقيقية لها جذور كونية.  وتلك الجذور تستمد قواها من المصدر الكوني الذي هو الله منبع كل القوى في الوجود. أما الذات الصغيرة أو "الأنا" المقيدة فهي ليست سوى جزء متناهي الصغر لما يمكن استخراجه من الداخل وإبرازه على أرض الواقع.
ذاتك الجوهرية تحتوي على إمكانيات لا متناهية بانتظار تفعيلها والإستفادة والإفادة منها.
إن كل المعلمين العظماء يصرحون بأن داخل الجسم تكمن النفس الخالدة والتي هي قبس من نور الله الذي يملأ الوجود ويعيل كل ما في الخليقة.

***

هل تعرفون كيف يمضي الناس حياتهم؟  قليل منا يعرف الطريقة الصحيحة للعيش، وكيف يمكننا الإستفادة من الحياة إن نحن استثمرناها بحكمة واقتصاد.

قبل كل شيء يجب أن نراعي الإقتصاد في الوقت. فالزمن يمضي وينصرم قبل أن نستيقظ، وهذا هو السبب في عدم تقدير قيمة الوقت الممنوح لنا من الله.

ما أكثر الوقت الذي يُصرف في اللاشيء! وقلائل هم الذين يتوقفون ويفكرون ليعرفوا ما يمكن للحياة أن تقدّمه لنا. معظم الناس لا يتعمقون في التفكير على الإطلاق، بل يمضون حياتهم في الأكل والنوم والتسليات، ثم يغادرون هذا العالم دون فائدة تذكر.

من الأهمية بمكان التمييز بين الحاجيات والرغبات. الإحتياجات الفعلية هي قليلة جداً، لكن الرغبات قد تفوق الحصر. وللعثور على الحرية والسعادة النفسية يجب أن نتعامل مع احتياجاتنا فقط وأن نكفّ عن الهرولة وراء رغبات لا تنتهي وعن تعقّب سعادة دنيوية مخادعة كسراب الصحاري الذي لا ينقع الغلة ولا يروي الظمأ.

كلما اعتمد الإنسان على ظروف خارج نفسه للحصول على السعادة كلما ابتعد أشواطاً وأشواط عن تذوق السعادة. إن تنمية وتغذية الرغبة في الكماليات هو طريق أكيد لمضاعفة التعاسة والاستعباد للممتلكات.

يجب أن نختزل احتياجاتنا ونصرف وقتنا في البحث عن السعادة الحقيقية أو الغبطة الروحية.

النفس لا تتغير أبداً وهي الجوهر الخالد الكامن خلف ستارة الوعي البشري المحدود الذي يعج بشتى صور الآلام والإخفاقات والموت.

يجب أن نرفع الحجاب الوهمي للتقلب والتغيّر وأن نترسّح في طبيعتنا الخالدة. ويجب أن نؤسس وعينا على صخر الثبات والهدوء الباطني الذي هو عرش السلام الإلهي الذي يفوق الأفهام، وسنتذوق عندئذٍ سلسبيل الغبطة المتدفق من ينابيع الروح المباركة ليل نهار.

السعادة يمكن بلوغها بضبط النفس وتنمية عادات العيش البسيط والتفكير الراقي، وبالإقتصاد في إنفاق المال، حتى لو كنا نكسب أكثر مما نحتاجه للوفاء بمتطلباتنا الضرورية. كما يتعين علينا مد يد العون للآخرين ومساعدتهم على مساعدة أنفسهم.

هناك قانون غير مُعلن يقضي بأن من يساعد الغير لتحقيق الرخاء والسعادة سيأتيه العون من حيث لا يحتسب، وسيزداد رخاءً وسعادة. هذا قانون ثابت لا يتغير وهنيئاً لمن يعمل به لأنه سيكون من السعداء. أليس من الأفضل أن نحيا ببساطة ونكون أغنياء بالروح؟

{نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}

{والنور يضيء في الظلمة}

***

خلف كل ضوء في مصباح كهربائي صغير يوجد تيار قوي، وتحت كل موجة صغيرة يكمن المحيط الكبير الذي أصبح الأمواج العديدة.

وهذا ينطبق أيضاً على البشر.  لقد خلق الله البشر ومنحهم حرية الإختيار والإرادة.  لكن البشر ينسون المصدر والقوى التي أودعها الله في نفوسهم.

لا حد للإمكانيات الموجودة في هذا العالم.. ولا حد للتقدم الذي يمكن للإنسان أن يحرزه والآفاق التي يمكن أن يبلغها. 

***

عندما نبدأ بفهم الإنسان بكامل كيانه وكينونته، ندرك أنه ليس كائناً مادياً.

ففي داخله تكمن قوىً عديدة يستخدم إمكاناتها بدرجات متفاوتة لكي يتأقلم مع ظروف هذا العالم.  وإمكانيات تلك القوى أعظم بما لا يقاس مما يعتقد الشخص العادي.


مناهل وارتشافات:  واحة الحب المقدَّس

سأنهل الحيوية
من فوارة أشعة الشمس الذهبية.
سأرتشف السلام
من ينابيع الليالي الفضية القمراء.
سأجرع قوَّتك
من كأس الريح الجبَّارة.
سأحتسي وعيك سروراً وغبطة
من أقداح أفكاري الدقيقة العميقة.
في نورك المغبوط
سأظلُّ مستيقظاً للأبد
ناظراً وجهك المبارك والكلي الوجود
بعينين يقظتين عبر حِقب الأبدية المديدة.
لقد فتشت عن محبة الله
في تربة العاطفة البشرية القاحلة
إلى أن عثرت في النهاية
على واحة الحب المقدَّس
التي لا ينضب مَعينها.

ساعدني يا رب كي أطلب إرثي السماوي
وكي أحيا حياة الخالدين.
أيها الودود الأقدس!
حتى ولو كانت ظلمة جهلي قديمة قدم الدَّهر
دعني مع ذلك أدرك
أنَّه بإطلالة فجر نورك
ستتبدَّد الظلمة بلمح البصر
كما لو لم تكن.


الغضب وتأثيره على الصحة

مع أن الإنسان العادي لا يمتلك تذكّراً واعياً لاختبارات روحه لكنه جزء من الكل الكوني وعليه أن يشحن حياته بين الحين والآخر بتيارات الحياة المنعشة الصادرة عن الواحد الأحد ينبوع الحياة والحب والحق الذي لا يتغير ولا يتجزأ.

وإذ يقدّس المريد مبدأ الحق بفكره وكلامه وأفعاله فإنه ينسجم مع الخليقة والخالق. وكل من يقابل ذلك الإنسان الروحي المتطور ينتعش روحياً بسبب اهتزازاته الروحية التوافقية، وهذا الإنتعاش يكون بدرجات متفاوتة.

ذلك المريد متحرر من الإزدواجيات المؤلمة والنسبيات المتناقضة، وهو مؤهلٌ في نهاية المطاف لدخول الملجأ الأخير: الحق المطلق.

إن انعدام الغضب هو أسرع طريقة للسلام النفسي. الغضب سببه إحباط الرغبات، ومن ليس لديه رغبات هو شخص متحرر من الغضب.

إن الذي لا يتوقع شيئاً من الآخرين ويتوجه لله من أجل نيل مبتغاه وتحقيق مشتهاه لا يشعر بالغيظ أو الحنق نحو إخوته البشر ولا يكسر خاطرهم.  (تبسمك في وجه أخيك صدقة) و (اذهب أولاً  اصطلح مع أخيك).

الحكيم قانع بمعرفته اليقينية بأن الله هو مدير ومدبّر العوالم بأسرها، ولا يفكر بأن الأمور تحدث جزافاً، لذلك فهو متحرر من الغضب والكراهية المتأصلة والمشاعر العدائية.

هذا العالم هو عالم النسبية، والحكماء يوافقون أنفسهم مع الإرادة الإلهية ويكيّفون أعمالهم بحسب الظروف. قد يظهرون أحياناً ضروباً من السخط الجريء أو العنيف إذا كان ذلك يردع فاعلي الشر عن إلحاق الأذى بالأبرياء. لكن الحكماء لا يراودهم الإحساس بالكراهية نحو أي إنسان مهما تعاظم جهله وكثرت تجاوزاته.

صاحب المعرفة الذاتية قد يهتاج حنقاً لفترة طويلة أو قصيرة لكنه لا يلبث أن يعود إلى أريحيته ورزانته المعتادة.

غضب الشخص العادي لا يمكن أن يزول بقوة الإرادة وعلى الفور، أما القلب النقي للإنسان المتحرر من الرغبات الدنيوية فلا يشعر بالغضب ولا يظهره.

الغضب هو العيب الأكثر شيوعاً بين الناس، وهو معكّر السلام في العائلات وبين الأمم.

من يستشيط غضباً يكرهه أهل بيته، ونوبات الغضب المتواصلة لها تأثير سيء على صحة الإنسان وغالباً ما تؤدي إلى العنف. وإذ يستسلم الناس للغضب استسلاماً أعمى فإن عدداً كبيراً منهم يقترف الجرائم أو يذهب إلى السجن أو يُحكم عليه بالإعدام.

وعملاً بمبدأ حب البقاء، على جميع الناس أن يتعلموا التبصّر في الأمور والتأمل في العواقب والسيطرة على الغضب. 

{والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} 

بلوغ الإتزان العقلي

 [ إن نسبيات الحياة (الولادة والموت واللذة والألم) يتغلب عليها أولئك الذين ينظرون إلى هذا العالم بعين الإتزان العقلي. حقاً أن هؤلاء راسخون في الروح الإلهي الكامل الإتزان.] Bhagavad-Gita 4:9

تفسير وتعليق للمعلم برمهنسا يوغانندا

يمكن بلوغ الإتزان العقلي بممارسة إحدى الرياضات الروحية التي تساعد على تحويل الفكر للداخل حيث يشعر اليوغي بحالة متزنة من فرح لا يتغير. وعندما يتمكن من إظهار حالته الباطنية تلك في ساعات اليقظة يصبح نقياً ومترسخاً في الروح الكوني.

يقول الحكماء أن الإنسان العادي تعتوره الشوائب نظراً لتفاعله الحسي مع ثنائيات ونسبيات الوجود من ألم ولذة وحرارة وبرودة وحياة وموت. ومن يتمكن من فصل وعيه بإرادته عن الإحساسات الدنيوية هو وحده المتحرر من ثنائيات الحواس المقلقة، وهو وحدة المستقر في الروح الإلهي ذي السكينة الأبدية.

اليوغيون الذين يشعرون بالغبطة المقدسة في حالات الوعي الباطني والواعي والسامي هم أنقياء وعلى تواصل مع الروح الكوني.

الإنسان غير المنضبط يرقب الصور المتحركة لهذا العالم ويركب أمواج الفرح والحزن أو القنوط أو الغضب أو تبلّد الإحساس أو اللامبالاة في بحر وعيه دون القدرة على رؤية قمر الروح المنعكس في ذلك البحر.

وعندما تهدأ أمواج الوعي المتلاطمة يبصر الحكيم في المحيط الباطني الهادئ صورة القمر المقدس دون تشويه.

التفكير السلبي عدو

عندما ينبغي لك أن تقهر شيئاً ما فيجب أن تعرف السبب من التغلب على ذلك الشيء. يجب ألاّ تهجر ذلك الشيء وتبتعد عنه وحسب، بل ينبغي التخلص من التفكير به وطرده من الأفكار ذات الصلة. التفكير السلبي عدو لدود يتعين قهره.

إن غيّرت مجرى أفكارك من الوعي الحسي إلى الوعي الروحي فستكتب لك الغلبة وتجلب لنفسك السعادة. الإنجازات تكمن في العقل.

يجب ألا يصبح الإنسان ضحية لعدم الإعتدال. تمتع بالأشياء ولكن لا تسمح لها بأن تستعبدك. كن متحررا. كن لطيفاً ودوداً ومستبشراً فرِحاً، وكن سيد نفسك تحت كل الظروف.

إن القيام بما يحلو للإنسان عمله هو ليس حرية، بل إساءة لاستخدام الحرية.
الحرية تأتي باتباع قانون سيادة الذات أي ضبط النفس.
الحرية الحقيقية معناها عمل كل شيء بوحي الحكمة.
الحرية ضئيلة وضحلة بدون التوافق مع الله ونواميسه.
إن حياة معظم الناس محكومة بالرغبات والأهواء والطباع والعادات والمؤثرات البيئية والإجتماعية.

عندما تبتدئ العادات الجسدية بالسيطرة على الفكر يصبح من العسير على الجسد تنفيذ أوامر الإرادة. العادة الصالحة هي أعظم صديق لك، والعادة السيئة هي عدو في ثوب صديق. فليحذر الإنسان إذاً من تكرار عادة أو فعل ما لأن التكرار يحوّل الفعل إلى عادة قبل أن يدرك الشخص ذلك، والعادة تصبح طبيعة ثانية، إنما يمكن تغييرها بالأفعال الطيبة المتواصلة والتفكير الإيجابي الخلاق.

حررنا من الجهل وآثاره
 
أنت منبع الخيرات ومصدر كل القوى.
باركنا  يا رب كي نظهر نعمك علينا
في صحتنا
في طموحاتنا الفكرية
وفي تطلعاتنا الروحية.

أنت الألق في النجوم.
والطاقة في الذرات
والإدراك في عمق الذات.

ساعدنا كي نشحن أنفسنا
بقوّتك العظمى
بحكمتك اللامتناهية
وبأصالتك التي لا حد لها.

دعنا ندرك أنك ينبوع الصحة
ومحيط الحياة
ومنبع كل فهم.

حررنا من الجهل وآثاره
ومن الألم والمعاناة
وليجرف طوفان حكمتك
كل حطام وبوار من حياتنا.

مزّق الحجب التي تواري وجهك عنا.
دعنا نبصرك نوراً شديد السطوع
كشموس لا حصر لها في أفق كياننا.

دعنا نشعر بحضورك كقوة دائمة التجدد
تلهم تفكيرنا
وتغذي أرواحنا
وتعيل أجسامنا.

لا شيء سواك يرضينا ويحقق آمالنا.
نطلب هدايتك في كل ما نفعله.

وإن راودتنا أفكار خاطئة
فلنسمع همسك المبارك الذي يعيدنا
إلى جادة الصواب.

بارك حياتنا بقواك الإبداعية
وبحبوحتك الأبدية
يا أكرم الكرماء
وينبوع كل عطاء.

***

من يرغب في الحصول على مدركات روحية يتعين عليه العمل لبلوغ تلك الحالات، لا من أجل مكاسب أنانية بل لإلهام الآخرين بمثال حياته.

إن الذين ينجزون واجباتهم بكيفية تساعد على تطوير حياتهم على نحو متوازن يعملون كأبواب مباركة ومشرّعة يدخلها ويعبر من خلالها التائهون المحبطون إلى آفاق الطمأنينة والسعادة والنجاح.

هؤلاء الأشخاص هم على تناغم مع طبيعتهم العليا ولا يعملون لإرضاء أهوائهم بل للوفاء بمتطلبات الحق والتطور والإمتثال للإرادة الإلهية.

إنهم نسّاك حقيقيون حتى وإن كانوا يعيشون في قصور ويمتلكون الملايين لأنهم يهجرون الأطماع الشخصية من أجل مرضاة الله ومساعدة الآخرين.

يجب أن يعمل الإنسان ويبذل ما بوسعه لاجتياز امتحانات الحياة والتغلب على صعوبات العيش سواء كان في مجاهل الغابات أو وسط أدغال المدنية العصرية..

فالغابات فيها حيوانات مفترسة وأدغال المدنية تعج بوحوش المخاوف
والإغراءات والشهوات العاتية وعلى الإنسان حماية نفسه من كل الكواسر المادية والمعنوية كي يتمكن من السير على دروب الحياة الكريمة بحرية وفرح وتحرر من الخوف.

عندما يعثر الإنسان على مملكة السعادة الروحية الدائمة في ذاته سيجدها في كل مكان سواء في أعماق السكون أو ضوضاء النشاط، وسيسمع الصوت الإلهي هامساً له في كهف التأمل ومجالات العمل على حد سواء.

قصة الفيلسوف والنوتي

يحكى أن فيلسوفاً متبحراً في الفلسفة والمنطق، كان ينوي الانتقال من إحدى ضفتي النهر إلى الضفة الأخرى، فنادى نوتياً كان يملك قارباً صغيرا يستعمله لنقل الناس عبر النهر.

استقل الفيلسوف القارب وراح النوتي يجدّف به مقاوماً تيار الماء القوي. بعد مسافة قصيرة سأل فيلسوف الزمان النوتي قائلا: يا نوتي: هل حفظت الجزء الأول من مبادئ الفلسفة ؟

أجابه النوتي: لا يا سيدي لم أحفظه.

فقال له الفيلسوف: يؤسفني إذاً أن أخبرك بأنك ضيّعت 25 بالمائة من عمرك دون فائدة تذكر.
ابتلع النوتي هذه الإهانة وتابع التجديف. وعندما بلغا منتصف النهر، فتح الفيلسوف فمه اللاسع ثانية وقال:

يا نوتي: هل حفظت الجزء الثاني من مبادئ الفلسفة؟

أجابه النوتي: يا سيدي، لا أعرف شيئا عن كتاب مبادئ الفلسفة هذا.

فأطلق الفيلسوف تصريحا جديداً قائلا: يا خسارة! يؤسفني أن أعلمك أنك ضيّعت 50% من حياتك في اللاشيء. امتعض النوتي لهذه الوقاحة لكنه لم يقل شيئاً بل واصل التجديف بأكثر من معنى، لاعناً الساعة التي قابل فيها هذا الفيلسوف الفضولي. وعندما بلغ القارب ثلاثة أرباع النهر، وجّه إليه الفيلسوف سؤالاً ثالثاً، قال:

يا نوتي: هل حفظت الجزء الثالث من مبادئ الفلسفة؟

أجابه النوتي المسكين بصبر نافد: قلت لك يا سيدي أنني لا أعرف شيئا عن الفلسفة.

هنا ابتسم الفيلسوف ابتسامة (الاهتمام والمواساة) قائلا: للأسف الشديد فقد ضيّعت بذلك 75% من عمرك وتلك خسارة لا تعوّض.

لم يجب النوتي على هذا التعليق بل أسرع في التجديف على أمل بلوغ الضفة المقابلة والتخلص من تلك اللزقة الزنخة. وفجأة أبرقت السماء وراحت ترعد وتسكب المطر مدرارا بزخات مدارية في غاية القوة ، فحدثت عاصفة شديدة وتقاذفت القارب في كل اتجاه.

إذ ذاك جاء دور النوتي كي يوجه للفيلسوف سؤالا، فقال له:

سيدي الفيلسوف، منذ انطلقنا في رحلتنا هذه وأنت تمطرني بوابل من الأسئلة، الواحد تلو الآخر، فهل لي أن أسألك سؤالاً واحدا فقط لا غير؟

أجابه الفيلسوف: نعم يمكنك ذلك. فقال النوتي:

يا حضرة الفيلسوف المتبحر في الفلسفة والحافظ لكتبها عن ظهر قلب، هل تجيد السباحة؟
أجاب الفيلسوف بصوت متهدج: لا يا طويل العمر، لا أعرف السباحة.
فابتسم النوتي وقال له: إذاً خاطرنا عندك والبقية في حياتنا، ويعز عليّ أن أخبرك أنه بعد لحظات من الآن ستصبح حياتك مائة بالمائة في خبر كان!

في تلك اللحظة لطمت موجة عاتية القارب فقلبته رأساً على عقب مما أدى إلى إرسال فيلسوف الدهر إلى قاع النهر، في حين استنجد صديقنا النوتي بذراعيه القويتين وبخبرته الطويلة في مجال السباحة وراح يقاوم الموج بثقة وطمأنينة حتى وصل إلى الضفة الأخرى سالماً.

كالذهب المطمور تحت الأوحال

منذ بدء الخليقة وقوى الخير تقاوم قوى الشر. يجب أن نتذكر أن الحسد والغضب والجشع، وما إلى ذلك ليست من خلقنا، بل أُعطيت لنا منذ البداية، ومن المعاناة من هذه الشرور تستيقظ الحكمة وتحاول العثور على الطريق وسط هذه الآلام.

الطريق الوحيد للعثور على الحكمة هو بالإختبار، لأننا بالتجربة الذاتية ندرك أن الشر هو ما يعكر صفونا ويسبب لنا الضيق والمعاناة والألم، ولهذا السبب يجب أن نعمل على تلافيه والتخلص منه.

في كل مرة تحل السكينة عليك بعد مناكفة واستفزاز وتصمم على الإحتفاظ بلطفك وهدوئك، يأتي الشيطان ليقول: "إنك مفترىً عليك، فلماذا لا تقول شيئاً قبيحا أو جارحاً بالمثل؟"

لا تسمح للشيطان بأن يكون الرابح في لعبة شد الحبل بين الخير والشر.

الصوت الأقدس يهمس لنا على الدوام، لكن للحصول على العون الإلهي يجب أن نحسن الإصغاء لصوت السماء.

ما من مرة يحاول الشيطان اجتذابنا إليه إلا ويحاول الله استمالتنا نحوه. والسؤال هو: لمن سنسمع ولمن سنذعن؟

لا يمكن لأحد أن يبسط سيطرته علينا أو يؤثر بنا دون رضانا، لأننا نمتلك القرار وحرية الإختيار التي وهبها الله لنا، لكن الخداع الإبليسي موجود دوماً وعلينا مقاومته.

قوى الخير تأتي بالحلول لمشكلاتنا، وقوى الشر تحاول خلق التعقيدات والمشاكل. الخير معناه التحرر من كل الرغبات الأنانية التي تقصي الآخر لصالح الأنا.

قوة الله عظيمة وجبروته فوق كل اقتدار، ومن خلال حبه يحاول جذبنا إليه وتخليصنا من براثن الضد. الإنسان واقف في الوسط: الملائكة عن يمينه وقوى الشر عن يساره..

في كل مرة يقوم بعمل طيب يجذبه الله نحوه، وكل مرة يرتكب فعلاً قبيحاً يسحبه الشيطان ناحيته. لكن لا قدرة للشيطان على الإحتفاظ بالإنسان للأبد لأنه مخلوق على صورة الله.

كلما شعر الشخص بالكراهية في قلبه فليتذكر أن الشيطان يحاول تدميره، وعندما يشعر بالحب فليعلم أن الله يناديه إليه.

هناك نماذج شريرة ونماذج خيّرة. الله يظهر نماذجه أو أنماطه كي يجذبنا إليه، والشيطان أيضاً يعرض بضاعته لنفس الغاية. وما أروع رجل الله الذي راح ينشد عندما تأمل تلك المعروضات:

"الحياة حلوة، والموت حلم.. والصحة حلوة والمرض حلم، عندما يتردد لحنك القدسي في حنايا روحي يا إلهي."

الشر والخطيئة ليسا من طبيعتنا، بل هما مستوردان من الخارج ومغروسان في النفس.

والخير كالذهب المطمور تحت الأوحال، الذي لا يفقد جوهره، بل يتألق بصفائه الطبيعي حال إزالة الطين عنه.  وبالمثل فإن الخير في نفس الإنسان هو دائم.. ومهما تلطخ ذهب النفس بأوحال الجهل الكثيفة والمتصلبة، ما علينا إلا حكّ تلك الأوحال بسكين الحكمة أو غسلها بمياه المعرفة لإظهار الرونق الجميل للذهب الأصيل.

تفعيل الطاقات الروحية

يجب إيقاظ النفس
من أحلام الضعف والوهن
وابتعاث العقل في آفاق الحكمة
بالتأمل والتمرين والإسترخاء
وضبط النفس والتغذية الصحيحة
والثبات والقوة النفسية التي لا تقهر.

لا تعترفْ بالهزيمة
لأن الإعتراف بها هزيمة أكبر.

لديك قوىً غير محدودة
وينبغي تفعيل تلك القوى
هذا كل ما في الأمر!

التفكير الجاد والمعمق
هو الطريقة للتحرر من القيود
ومن الكثير من المشاكل.

يجب أن يتشرب الوعي بالله
وبالمدركات الروحية العليا.

المصاعب قد تكون كثيرة
والأعباء ثقيلة
لكن عدو الإنسان نفسه
أي ذاته الصغيرة أو "الأنا – الإيغو"

النفس الحقيقية خالدة
في حين التجارب والمشاكل مؤقتة ومتغيرة.

الإنسان بجوهره روح
والجوهر الروحي ثابت لا يطرأ عليه تغيير.

باستطاعتك إطلاق طاقاتٍ وقوى هائلة
والتغلب على المحن والبلايا
وكل ما يعترض سبيلك من عقبات وعراقيل.

***

الفكر قوة كالكهرباء
 والحالات النفسية
 تعود إلى الفكر وطريقة التفكير.

الكهرباء نافعة وضارة في آن
 فمن يحسن التصرف بها
 يضعها في خدمته
 وإلا فقد تصعقه.

وكذلك الفكر أيضاً
 إن تم توجيهه في مسارات صحيحة
 يجلب لصاحبه السعادة
 وبخلاف ذلك يجلب له المتاعب.

الفكر كالحصان الجامح
ومع ذلك ليس ترويضه بالأمر المستحيل
والتفكير الإيجابي هو أحد طرق التحكم بالفكر.

الفكر السليم صديق حميم
والفكر السقيم عدو مقيم.

الفكر السليم يجذب السلام والسلامة
والفكر السقيم يطلق سهاماً فتاكة
فترتد على صاحبها مضاعفة
ولذا قيل الجزاء من نوع العمل.

وما دام المرء يبعث بنوايا الخير
ستتحول أفكاره إلى مشاعل
 تنير حجرات النفس
وتطرد أكداس الظلام
فيشعر إذ ذاك براحة عميقة
 وتشع عيناه بابتسامة الرضى!

التوافق مع الآخرين
 لا يعني موافقتهم على كل شيء
 أو تضحية المُثل من أجلهم
 لأن هذا الأسلوب من التوافق غير مستحب
 ولا ينسجم مع الحق.

 فالمصلحون والعظماء لم يتوافقوا
 مع كثيرين من الناس من حولهم
 ومع ذلك احتفظوا بمَثلهم الأعلى
 لأنهم أدركوا أن ما كانوا يقومون به
 كان عين الصواب.

يجب عدم المساومة على مبدأ
 وعدم اللجوء إلى نوايا مبيتة لتحقيق غرض ما
لأن ذلك لا يليق بالمبدئيين.

من يستطع العيش بكيفية ترضي الله
 ولا تلحق الأذى بالغير فلا خوف عليه.

أولاً وقبل كل شيء يجب التوافق مع الله
ثم مع الضمير ومن بعدها مع الناس.

أما إن لم يُرضِ هذا النهج الآخرين
فيكفي أن يكون المرء مرتاحاً في داخله
ويشعر بطمأنينة ذاتية تغنيه عن رضى الناس.


إن قوة النفس ورغبتها
في التوجّه إلى الله
تدعى مغناطيسية روحية
وبهذه المغناطيسية
تجذب النفس لذاتها بركات
واهتزازات رفيعة
وكل التجارب البشرية الطيبة
التي تذكـّرها بالخير والصلاح.
المغناطيسية الروحية
هي القوة التي بواسطتها
يجذب ويجلب الشخص إلى نفسه
أصدقاء طيبين
وأشياء ضرورية وهامة
ومعرفة بديهية للأمور.
وهذه القوة مستمدة
 من قوة الله المغناطيسية الجاذبة.

شمعة السلام

خذ وعاء عقلي واملأه بسلامك.
خذ قارورة مشاعري واملأها برحمتك.
خذ سلة روحي الفارغة واملأها بثمار حكمتك.
 اسكب مياه محبتك في روحي علني أصبها في أكؤس عطاش الروح.
اهدم جدران الأنا واغمرني بحضورك الكلي.
إن شعاع فجر المحبة ليطل من فتحات قلبي فيذكرني بنور شمس حبك
المنتشر في سماء حياتي.

لقد أشرق سطوع حبك الباهر على نفسي فاستنارت وملأ نورك فضاء روحي.

أنت الحياة التي تعيل جسدي والعقل الذي يلهم أفكاري والحكمة التي تبدد جهلي.

إنني أضيء شمعة حبي النحيلة لأقرأ الكتاب الذهبي المحفوظ في داخلي منذ القِدم.

حبك كان ولم يزل شمعة السلام غير المنظورة التي تبدد الظلمة وتريني رسائلك
المدونة على صفحات القلوب.


مشارف اللانهاية

بعد البحث المتوالي عنك
والتجوال المتواصل في غابات أسرارك العجيبة
بلغت أخيراً مشارف اللانهاية.
بثقة ودأب دعوت إسمك القدوس..
وفجأة فـُتح باب حضورك.
هناك.. في وسطه
وعلى عرش الرؤى المجيدة أبصرتك.
لم يكن مسمعي متناغما
مع صوتك المبدع الخلاق
وبشوق ولهفة انتظرتُ سماع صوتك
فتسلل إليّ سحرُ سكينتك
وبهمسات بديهية
علمتني لغة الملائكة.
وبتلعثم اللقاء الجديد
أمطرتك بأسئلتي واستفساراتي
القديمة قدم الدهر:
"لماذا يا إلهي الخطيئة والآلام؟
ولماذا الخداع والأوهام؟"
فاتخذت أشعة محرابك
شكلا من الأحرف النورانية
ناقلة إليّ أجوبتك الأصيلة والموثوقة
مانحة السلوى والعزاء.
الآن، وفي معبد سلامي الباطني
أستمتع بقربك في قلب السكون
ونتحادث بكلمات صامتة لا يُسبر غورها.
أيا إله الخفايا التي لا ُتستقصى
سأخاطبك للأبد
بكل ما في قلبي من بلاغة وفصاحة!

عندما يومض نورك في روحي

ليظهر مجدك يا رب
وليبدد نورُ حكمتك
الجهلَ والخصام والحسد
من شطآن الأرض للأبد.
حوّل ضعفنا إلى قوة
ووهننا إلى عزيمة
واشحن أجسامنا بكهرباء الحيوية

واغمر الفكر والروح بنورك الشافي.
خذ بيدنا كي لا نغرق في مياه الغفلة عنك
واملأ كياننا بمحبتك وحكمتك
ولنشعر أننا قريبون كل القرب منك
وأن شمس رحمتك
تسطع علينا على الدوام.

***
إنني أضع أزاهير أفكاري الهامسة الناضرة
في هيكل السكون..
فيشيد عطرها الصامت
ويشدو بأمجادك..
وبإشراقة نورك القدسي
أبصر جمال وجودك
وتتحقق أحلامي السعيدة.
عندما يومض نورك في روحي
تشتعل الحجب بنار الحكمة
فأبصر مجدك
ويتعاظم فرحي.

بحر الخيرات الإلهية

أيها النور الكوني
كلُّ يوم أراك ترقش السماء بألوان برَّاقة
أرقبك تكسو التربة القاحلة بالسُّندس الزمرُّدي
إنك في دفء شعاع الشمس
ومُتجلٍّ في كلِّ مكان!
ساعدني يا رب كي أبصر محيَّاك في مرآة سكينتي.
أَظْهر مملكة وجودك الرحبة، أَظْهر ذاتك!
لقِّن قلبي كي يبتهل، ونفسي كي تشعر
أنَّ كلَّ الأبواب ستشرّع ليظهر من خلالها
حضورك المبارك.
أيها المحبوب الأقدس
دعني أدرك الآن وللأبد، أنك كنت ولم تزل لي.. لي للأبد.
ها هي أحلام أخطائي قد تبدَّدت ولـُحِدت في مقبرة النسيان.
إنني متيقظ، أصطلي في وهج شمس الحياة تحت جناحيك.
إنَّ بحر الخيرات الإلهية ينساب من خلالي
وأحس بأنني الوسط الذي من خلاله تسري
كل القوى المقدَّسة الخلاَّقة.
باركني يا رب كي أبحث عنك
وأهتم بك أكثر من أي شيء آخر
مثلما يفعل محبوك.

***

هناك مطالب ومتطلبات كثيرة
 يفرضها العالم علينا
ويقنعنا بأهميتها القصوى
وبعدم إمكانية العيش بدونها
أو الإستغناء عنها..
لكن المطلب الأساسي يجب أن يكون
الحصول على سلام الله
الذي لا تجف منابعه
ولا ينضب معينه
والذي يمنح لكل شيء في الحياة طعماً ومعنى.
ولنتذكر أن الله هو جوهر كياننا
وأن المحبة هي النافذة التي نرنو من خلالها
إلى وجهه الكريم.
من يرغب في الإحساس بالحضور الإلهي
ويغذي تلك الرغبة السامية فكراً وفعلاً
سيحقق الله مطلبه
ويعينه على تمزيق الحجب
التي تحول دون معاينة الأنوار المباركة.
من يعقد العزم على المضي قدماً على الطريق
لن يصده شيء
ولن يعيقه عائق
حتى يبلغ مقصده
ويحظى بمنية قلبه.

تفضلوا بزيارة صفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على الفيسبوك

وأيضاً موقع سويدا يوغا

  لقراءة المزيد رجاء الضغط على Older Posts أو  Newer Posts

في أسفل الصفحة


باراماهانسا يوغاناندا بارامهانسا يوغاناندا بارماهنسا

يوغا  برمهنسا يوغانندا 
 

No comments:

Post a Comment