Thursday, December 11, 2014

من بساتين الروح



من بساتين الروح
للمعلم برمهنسا يوغانندا

PARAMAHANSA YOGANANDA
ترجمة محمود عباس مسعود

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء الضغط
 على Older Posts أو  Newer Posts

في أسفل الصفحة أو أحد السهمين





* تنوي الذهاب إلى مكان ما، فتستعجل نفسك رغبة في الوصول إليه بسرعة، وعندما تصل تجد أنك لا تستمتع بالمكان بسبب ما يعتمل في نفسك من لهفة وقلق وربما اضطراب.



حاول بدلاً من ذلك أن تكون أكثر هدوءاً ورصانة واتزاناً.



وإن جنح الفكر للقلق والاهتياج اصفعه بإرادتك حتى يلزم الهدوء.



الإثارة تؤثر سلباً على توازن الأعصاب، لأنها ترسل كمية كبيرة من الطاقة إلى بعض أعضاء الجسم وتحرم غيرها من حصتها الطبيعية.



وهذا النقص في التوزيع الصحيح للطاقة هو سبب العصبية.



الجسم الهادئ المرتاح يريح الأعصاب ويستجلب الطمأنينة النفسية.



----------------------





في تناغم النفس مع الله تبدأ البصيرة بالتفتح التدريجي.



يجب امتلاك الثقة التامة بأن الله سيستجيب لكل ابتهال نابع من القلب. ومن يتوجه إليه طلباً للإستنارة سيفتح بصيرته وينير عقله وقلبه.



عندما تنفتح البصيرة فإنها تظهر بصورة شعور يبدو أنه نابع من القلب، وذلك الشعور على درجة عالية من الدقة والصفاء.



 ومع ذلك الشعور سيحصل المريد على قناعة راسخة وتوجيه صائب لانتهاج المسار الصحيح، وسيتمكن تدريجياً من تمييز ذلك الشعور والوثوق به.



هذا لا يعني الإستغناء عن التفكير، فالتفكير الهادئ وغير المتحيز يقود أيضاً إلى البصيرة. أما التفكير العاطفي المدفوع بالغرور والإعتداد بالنفس فيقود إلى فهم مغلوط واستنتاجات خاطئة.



ارفض رفضاً قاطعاً الشك الهدام والإعتقاد الخاطئ وتوجه قلباً وروحاً إلى مملكة الإيمان والثقة التامة بالله.



وفي هدأة التأمل سيتمكن وعيك من التركيز على الحقيقة والفهم الصحيح.



في ذلك الإختبار يزهر الإيمان ويتفتح، وعن طريق البصيرة ستختبر

{ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر}



----------------------





كل نفثة من نفثات حنيني وابتهالي

تفتح في روحي أبواباً ونوافذ

منها أعبر إلى نعيم الله.



مثلما تشع الشمس على أكثر الطرقات اكتظاظاً

هكذا سأبصر إشعاعات الحب الإلهي

في كل الأماكن المكتظة لنشاطاتي اليومية.



باركني يا رب كي أوقظ روحي مع صحوة الفجر

وآتي بها إلى أعتابك المباركة.



يا رب، امنحني روحاً تتسم بالسخاء

كي أشارك الآخرين بما عندي

وساعدني كي أبصر في بحيرة عقلي الساجية

انعكاس قمر روحي

متألقاً بنور حضورك.



اليوم سأغوص عميقاً في بحر التأمل والتفكير بالله

إلى أن أعثر على لآلئ الحكمة والفرح الإلهي.



سأحبك يا رب أكثر من أي شيء آخر

لأنني بدونك لا أقدر على محبة أي إنسان أو أي شيء.



في أغوار الجبال

والسموات الساكنة

وفي أعماق روحي

وكهف السكون

أحس بوجود الله

وأشعر بغبطته الدائمة

وأشرب من ينابيعه الصافية

التي لا تنقطع ولا تجف طوال الأبد.



أحبك وأعبدك يا رب

يا من يستوي حبك

على عرش كل قلبٍ طيب ومحب.



----------------------



طلب أحدهم من المعلم برمهنسا كي يدله على طريقة تساعده على امتلاك شخصية مغناطيسية جذابة، فقال:

يجب أن تكون ذا حضور فكري عند مخالطة الآخرين لأن شرود الذهن يدمر الشخصية أكثر من أي شيء آخر.  طبعاً لا أقصد شرود ذهن العظماء الذين عادة ما تكون أفكارهم مستغرقة في أمور كبيرة.



كن يقظاً وواعياً دوماً وستصبح مغناطيساً جذّاباً.

ما من أحد يحب أن يتجاهله الآخرون. كلنا نريد أن تراعى مشاعرنا ونؤخذ في الإعتبار، وبالمثل علينا أن نراعي مشاعر الناس ونبدي نحوهم اعتباراً، تحقيقاً للألفة والوفاق والإنسجام.

ولكي تفعل ذلك يجب أن تكون يقظاً، متوقد الذهن، ومنتبهاً لكل من حولك.

لا قدرة للميت على إهانة الآخرين، لكن الذي لا يعيرهم انتباهاً يفعل ذلك.

عندما تكون في صحبة الآخرين تفاعل معهم بانتباه وحيوية واهتمام، لكن تحاشَ الحديث عن نفسك.



الكل يريد التحدث عن نفسه لكنه أسلوب واهٍ. ليتحدث الآخرون عن أنفسهم إن أرادوا، فاصغ لما يقولونه. دعهم يتحدثون عن مشاكلهم ومآثرهم وانطباعاتهم، أما أنت فدع مغناطيسيتك تتحدث عنك.

نور المصباح يتحدث عنه بوضوح تام، فدع اهتزازاتك الصامتة تتحدث عنك بنفس الوضوح.



----------------------





لقد أراني الله في رؤيا أن الذين يموتون في القتال يحلمون حلماً مريعا للموت، لكن حالما يرتفع الطيببون من الجسد يتيقظون كيقظتهم من كابوس مزعج ويسرّهم التحرر منه.



إن كل تجارب حياتنا هي جزء من الحلم الكوني. الإنسان هو من خلق كابوس الحرب، ولكن بعد أن يغادر ضحايا الكابوس أجسادهم يدركون أن ذلك كان حلماً مريعاً تيقظوا منه، ويدركون أنهم ليسوا أمواتاً. تلك حقيقة ميتافيزيقية عظيمة.



لو علم الإنسان أنه يحلم لما تألم من تجارب الحلم المزعجة. ولكن إن حقق ذاته مع الحلم ووجه له أحدهم ضربة قاضية فإن ذلك الموت الحلمي يبدو اختباراً حقيقياً ورهيباً حتى يستيقظ ويدرك أن ذلك لم يكن حقيقياً.



وهذا ينطبق أيضاً على حالة ما بعد الموت. فما أن نغادر أجسادنا حتى ندرك أن وعينا لم يمت بل أننا  تحررنا من الجسد وقيوده ومحدودياته المادية، وفي ذلك الإنعتاق تكمن حرية كبرى.



يجب أن لا نطلب الموت أبداً، بل يجب بالأحرى أن نحضّر وعينا بالتناغم مع الله والتأمل عليه، بحيث عندما يأتي الموت في حينه نتمكن من النظر إليه كحلم ليس أكثر.



أستطيع أن أرى الطبيعة الحالمة للحياة والموت متى أردت.



لذلك فإنني لا أعلق أهمية كبيرة على هذا الجسد.



----------------------



 هناك فيزيولوجيا روحية تقوم عليها الجملة العصبية، تتيح للإنسان على نحو فريد بلوغ أسمى مراحل تطور الوعي.



فدماغ الإنسان الأكبر من أدمغة معظم الحيوانات باستثناء الحوت والفيل هو أكثر تعقيداً ويمتلك أكبر قدرة على التفكير. وهذا يجعل من الدماغ البشري أداة مناسبة للإنسان الذي يمتلك وعياً أكثر تطوراً من وعي باقي المخلوقات. وتلافيف الدماغ الدقيقة والمعقدة تتيح للإنسان أكبر قدر من التفكير الكبير والعميق.



ولذلك فالإنسان وحده قادر على بلوغ مستويات متقدمة من التمييز، وبالتالي معرفة خالقه. والحكيم هو من يوظف قدراته العقلية في خدمة ومنفعة البشرية على الصعيد المادي والعقلي والروحي.





----------------------





حلَّ الشتاء بردائه الأبيض الزنبقي البارد

وتناومت رغائبي لمباهج الصيف.

وقيل لي كي ألتمس دفءَ قلبك الحنون..

وإذ أطلَّ الربيعُ راقصاً، مزداناً بشتى الزهور..

مضمخاً بعطر الحقول والروابي.. قيل لي كي أحبك يا إلهي.

وأتى الصيفُ منشداً ألحانه الخضراء في الأوراق الغضة وحفيف الحور وهفيف الصنوبر،

فألحَّ عليّ كي أنشد لك..

وحتى التربة الطرية القلب داعبت قدميّ المتعجلتين

والتمستْ منهما الاقتراب من محرابك الكلي الوجود.

وقالَ لي الشذى الناعم كي أتتبع مساره..

إلى هيكلك القدسي في قلب الورود والرياحين المتمايلة.

والطيور قالت لي كي أغني لك مثلها..

والنسيم المتماوج فوق الغدران والسواقي

أوقظ فقاعات محبتي لك فراحت تمرح فوق صدرك الكبير.

ومع ألياف العشب المنحنية بهاماتها تعلمت كيف أنحني

وأسجد لك يا رب.

والبخور أيضاً حدثني عن روائع أريجك البديع

وكيف ينبغي أن أحتفظ بقلبي مليئا بعطرك القدسي أمام عرشك اللانهائي.

والأحجار الصغيرة الخرساء الصابرة قالت لي كي أبصرك حتى في الذين يحاولون سلبي سعادتي..

وطلبتْ مني السنون المنسية كي أرسل لأخوتي البشر رسالة محبة ووداد مغلفة في كل دقيقة وثانية..

وكل فكرة قالت لي كي أبحث عنك في قلبها..

وأوحى لي حبي كي أحب كل الموجودات بكَ..

وهمس حبي لي كي أحبك بما أوتيت من قوة يا إلهي.



----------------------



ذات مرة استلقيتُ على سرير من الأعشاب والزهور وحلمت أن كل ما في الوجود جميل وبهيج.

كان رأسي مستنداً إلى حشائش طويلة خضراء وكثيفة، تروّح لي بنسمات تحمل شذىً عذباً.

ثم استحثني دافعٌ لأن ألمس يدي وجسدي، فدهشت من عظمة صانعه. أجل، دهشت كيف أنني أنا المتيقن من حقيقة جسدي سوف أغادره يوماً ما كي يتوسد الثرى... هذا الجسد الذي سيصبح بارداً، شاحباً، عديم الحركة وقت الموت، في حين يبدو الآن نابضاً بالحياة ويأوي مئات الأحاسيس وملايين الأفكار ومليارات الخيالات والتصورات.

هذا الجسد هو المسرح الذي تدور عليه فصول الحياة حيث تتفتح براعم البسمات لتعْقبها فيما بعد حتمية الوفاة. هنا وسط اللحم والعظم والدم، وخلف قناع البشرة الجميل تقبع ذئاب الأمراض وسباع الرغبات..



وهنا أيضاً تحت اللحم يوجد معبر سري إلى مملكة النور. هذا الجسد سيذوى ويضمحل عندما يغادره سيده – النفس – دونما رجعة. ولمَ لا؟ فعندما يسأم السيدُ المستنير للمقر الجسدي العيشَ في كوخ المادة الموحل المتداعي، مقيداً بحبال الأعصاب التي تقتضي رعاية دائمة، يطيب له الإقامة في بيت آخر في ركن ما من أرض الله.. في بقعة أخرى من الوجود الكلي حيث يتضوع عبير الفرح في كل مكان ودون انقطاع.



النفس الخالدة تمثّل دور الحياة والموت بابتسامة دائمة ثم ترتحل إلى بيتها الأبدي.



هل يتحتم على المتفرجين المكوث للأبد في دار السينما بعد انتهاء العرض؟ قطعاً لا.. إذ يجب أن يعود الناس إلى بيوتهم. وبالمثل، تأتي النفوس إلى هنا للتمتع بالعرض السينمائي لهذه الحياة ثم ترحل وتعود ثانية. إنها تحب رؤية الأفلام والمسرحيات، وعندما تمل من مشاهدة العروض التي حلمت بها، وتتقن الدروس التي يريدها الله أن تتعلمها تعود مرة وإلى الأبد إلى مقر النعيم السرمدي.





عندما لا تكون القيم مؤسسة على الحق فهناك ثغرات يتسرب البؤس والمعاناة من خلالها.



إن كانت القيم قائمة على الأنانية والصراع المميت والمنافسة الحادة فالنتائج ستكون ملوثة لأن البواعث تكون غير نظيفة، ولن يكون المال مباركاً في مثل هذه الحالة.



يجب أن يطهر الإنسان وعيه من الأنانية وأن لا يحاول الإغتناء على حساب الآخرين.  التنعم الحقيقي هو معنوي وليس مادياً، والمكسب الحقيقي في الحياة هو امتلاك كنوز الحكمة والمعرفة ومحبة الله.



يجب أن نحيا ببساطة ونعمل دوماً على مساعدة الآخرين وتحسين أوضاعهم قدر المستطاع.  لكن تلك الغاية الشريفة لا تنسجم مع الأثرة والجشع دون اعتبار للآخر.



الدنيويون غير متوازنين ولذلك لا يعتبرون ناجحين. العيش البسيط المتوازن هو فن رائع وهو علامة من علامات النجاح. من يجعل همه الأول والأخير تحصيل المال لا يلقى عند الله قبولاً.



صحيح أن الله غرس فينا الإحساس بالجوع علّنا نعمل ونعيل أجسادنا، لكن إعالة الجسد ليست غاية الحياة الوحيدة. الغاية هي أعظم بكثير من أي اعتبار مادي أو زمني مهما بدا رائعاً ومجيداً وباهراً.



----------------------





سأل أحد المريدين المعلمَ برمهنسا عن كيفية الإحساس بالحضور الإلهي فقال:



كل ليلة، وقبل الإستسلام للنوم، تأمل حتى تشعر أن وعيك قد اخترق عالم الأفكار ودخل بُعداً آخر.



ومع ذلك فهذا ليس كل ما هنالك.. إذ بعد تحويل الفكر إلى الباطن يجب أن يتدفق الحنين وتندفع الأشواق كالطوفان نحو الله. عندما يسلّم المريد ذاته إلى الله تسليماً تاماً يحسّ فجأة بأنه لامس حضوره المبارك وتعرفَ عليه. وسيرى نوراً عظيماً في غاية السطوع، وقد يبصر الملائكة ونفوساً طيبة..  أو قد يشم عطراً سماوياً مثملاً، وسيعلم آنذاك أن الله قد استجاب له، وستنفتح بصيرته ويطلعه الله على خفايا الحياة.



أو قد يغمره سلام عظيم أثناء التأمل. وإذا ما واصل التأمل وبث الله عظيم محبته سيحس بالفرح الإلهي الذي يفوق حد الوصف. وهنيئاً لمن يحظى بهذا الإختبار السعيد.



----------------------



الحب الإلهي يفتح باب السماء حيث يدخل المريد إلى حضرة الله.

إن سأل إنسانٌ الله الكريم الحكيم كي يعطيه خبز الحياة الأبدية فلن يعطيه حجر الجهل المادي.

وإن طلب المتعبد طعام الحكمة فلن يقدّم الله له حية الخداع.

وإن سأل المتعبدُ الله الحصول على جوهر الغبطة الإلهية التي تطفئ كل ظمأ فلن يعطيه عقرب القلق والشقاء النفسي.

إن عرف البشر المنخدعون كيف يعطوا أولادهم عطايا جيدة، فكم بالحري أن يعطي الرب – ينبوع كل خير ومسرّة – المعرفة الروحية والتنوير لمحبيه!

إن الله يجود بأسمى حكمة وأعظم معرفة على طالبيها، ويجود بذاته على المريد الجاد الذي لا يرضى عنه بديلا. من يبحث عن الله بمجامع قلبه وبكل همة هو أحكم الحكماء، وهو أعز الناس على الله. وعندما يتزايد حنين المتعبد يجلب لنفسه استجابة نادرة ومحببة من الله ويستمتع بنشوة الحب الفريدة التي يختبرها محبو الودود.



إن الشخص الحكيم الذي يلعب دوره في هذا الحلم الكوني بوعي روحي وشوق إلهي متعاظم هو قريب من الله عزيز عليه. فهو يمتلك المحبة النقية ويحب الله دون أي دوافع أنانية ودون أي شروط مسبقة، كأن يقول على سبيل المثال "يا رب سأتعبد لك شرط أن تمنحني الصحة والمال ورخاء العيش."



بين الحكيم والله محبة عميقة متبادلة لا حد لها ولا انتهاء. إن طلب أحدُهم الله طمعاً في غاية معينة فإن الله على دراية تامة بأن الإنسان مهتم بعطاياه أكثر من اهتمامه به.



ليس من الخطأ أن يصلي الإنسان من أجل تحقيق احتياجاته، لكن عندما يبتهل من أجل التعرف عليه ورؤية نور وجهه الكريم ينبغي ألا يرغب بأية مآرب شخصية من وراء ذلك وألا يكون فكره محصوراً بالهبات بل بالواهب نفسه. وعندما يتمكن المريد من القيام بذلك صدقاً فسيحصل تلقائياً على باقي الهبات الأخرى من ينبوع الجود وبحر الكرم.



{اطلبوا أولا ملكوت السماء والباقي يُعطى لكم.}



وفي الغيتا نقرأ:



"المحزون وطالب المعرفة والمتشوق لامتلاك القوة الروحية في هذه الحياة وفي الأخرى، والحكيم.. جميعهم يبحثون عن الله، وزهرتهم هو الحكيم لأنه راسخ في إيمانه بالله، مترسخ في حبه له."



{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}



----------------------





طلب أحد المريدين من المعلم برمهنسا نصيحة حول كيفية التصرف حيال بعض المواقف والتعامل مع الآخرين، فقال:



اتبع الحق ولا تحد عنه، وتجنب التلفظ بما يجلب الأذى عليك وعلى الآخرين حتى وإن كان صحيحاً، ما دمت لا تبتعد بذلك عن روح الحق.  وفي نفس الوقت يجب عدم الإنتقال إلى النقيض الآخر واللجوء إلى الكذب تجنباً لقول حقائق مؤلمة.



كن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين دون التطرق إلى ما هو غير ضروري. قل الحقائق المُرضية وتجنب قول ما يؤذي الناس ولا ينفع أحداً. لا تطلع الآخرين على كل أسرارك رغبة منك بالصدق والصراحة، لأنك إن أطلعتهم على مواطن ضعفك فسيحاولون إيذاءك أو السخرية منك عندما يطيب لهم ذلك، فلماذا تمنحهم سلاحاً قد يوجهونه ضدك؟ تكلم وتصرف بكيفية تجلب السعادة والسلام لك ولغيرك.



من الضروري تنمية التمييز الروحي لمعرفة الفرق بين الحق الذي يجلب الخير وبين سرد وقائع دون النظر إلى النتائج التي قد تفضي إليها، فالأمور بخواتيمها و"خير الأمور أحمدها مغبة".



ليس من المستحسن قول كل ما تعرفه، وليس من المستحسن أيضاً المراوغة والتكتم على أمور ينبغي أن يعرفها الآخرون من أجل صالحهم.



عند عدم امتلاك التمييز الكامل فمن الأفضل التحفظ في الكلام إلى أن تمتلك إدراكاً مباشراً للحقيقة ذات النتائج العادلة للجميع.



داوم التفكير بالله واطلب عونه وهدايته وستنفتح بصيرتك فترى الأمور بوضوح وستحسن عندها التمييز.





شحن خلايا الجسم بحيوية الشباب



القوة الكونية تنساب إلى الجسم على الدوام ودون توقف، لكن معظم الناس لا يشعرون بهذا الفيض الحيوي الغزير. أما الذين يحسّون به فتتوهج خلاياهم بالنشاط ويشعرون بتيار منعش يمدّهم بقوة متجددة.



الطبيعة بأسرها تنحني إجلالاً لرب الكون، وقوّته تنساب من خلال الإنسان. لكن المشكلة تكمن في عدم توطيد العلاقة بين الإنسان ومصدر كل القوى . إننا نحيا مباشرة بالقوة الإلهية ولا جدوى لكل القوى الأخرى بدون قوة الله المعيلة.



الغذاء والأوكسجين وأشعة الشمس.. هذه العناصر يمكنها تزويدنا بالصحة إلى حدٍ ما، لكننا نحتاج لمعرفة الطريقة التي بواسطتها يمكننا الحصول على الصحة التامة من المصدر اللانهائي، لأن المصادر المادية هي مجرد بطاريات صغيرة تفرَغ شحنتها، في حين أن المصدر اللانهائي هو مولّدٌ جبار لا تنضب قواه ويمد النفس بالنشاط والسعادة والقوة دون انقطاع. لهذا من الأهمية القصوى الإعتماد قدر الإمكان على المصدر اللانهائي.



يجب أن يتعلم الراغب الطريقة الصحيحة للإستفادة من ذلك المدد الحيوي من مصدره مباشرة، ويجب أن يدرك أن الفكر هو حقيقة، فكل المظاهر الطبيعية هي تجسيد للفكر الإلهي لأن الله فكّر بهذه الأرض قبل خلقها.



كثيرون يعتقدون أن الفكر هو من نتاج الجسد، لكن تكوين الجسد الفائق الدقة، والتنسيق الرائع بين أجزائه وأعضائه يشير بوضوح إلى أن الجسد هو من صنع عقل كوني فائق السمو.



الفكر هو العنصر الرئيسي الذي يتحكم بالجسم، ومن المهم جداً أن يتجنب الشخص الإيحاءات الفكرية للقصورات البشرية من مرض وضعف وهرم وإحباط ، وأن يؤكد لنفسه أن نشاطاً لا ينضب ينساب من خلاله وهذا النشاط موهوب بالذكاء وقادر على شحن خلايا الجسم بالعافية وحيوية الشباب.



الفكر هو الدماغ والمشاعر وإحساسات كل الخلايا الحية، وباستطاعته إبقاء الجسد إما ناشطاً يقظاً أو خاملاً متبلداً. الفكر هو الآمر الناهي، والخلايا الجسدية هي رعاياه التي تمتثل لأوامر ونواهي سيدها المطاع: الفكر.



إننا نبدي اهتماماً ملحوظاً بنوعية الغذاء الذي نتناوله يومياً، وبالمثل يجب أن نهتم بنوعية الغذاء الفكري والنفسي الذي نقدمه لعقولنا كل يوم.



العالِم الميتافيزيقي يقول أن الجسد ليس موجة كهرطيسية بل مويجة من الوعي سابحة في بحر الوعي الإلهي.



كل يوم يجب أن نعزز قوانا الجسدية

وأن نضاعف قوانا العقلية

ونتعرف على ذاتنا الحقة

بالتأمل والتفكير السليم

والعمل الإيجابي المثمر والمفيد

للجسم والعقل والروح معاً.



----------------------



إن من يظهر ضعف الآخرين ويسبب لهم الإحراج والحنق هو بعيد عن الحكمة والسداد.



يجب أن نمقت الخطيئة وليس الخاطئ لأنه أخ لنا في الروح بالرغم من ظلمة الجهل التي تغلفه وتخيّم عليه.  الغرض من الإدانة يجب أن يكون الشفاء لا التشفي والتجريح. يجب أن نعامل الأخ الخاطئ كما نرغب أن نـُعامَل لو كنا مكانه وفي وضعه.



{من ستر عيب أخيه في الدنيا ستر الله عيبه في الآخرة}



مثلما ندين الآخرين يديننا القانون الروحي بنفس المقدار.



ويجب ألا نتوقع الكثير من الآخرين، ولا ننتظر نتائج حسنة على الدوام من أي إنسان حتى ولو كان يبذل أفضل ما بوسعه.  قد يسقط الشخص ويتعثر، لكنه سيظل آمناً ما دام يبذل قصارى جهده ليرتقي سلّم الفضيلة والصلاح من جديد.



كل يوم يجب أن نحاول رفع معنويات المريض جسدياً أو نفسياً أو روحياً في بيئتنا مثلما نساعد أنفسنا أو أفراد عائلاتنا.  ومن يحاول من اليوم العيش طبقاً للقوانين الإلهية – بدلاً من العيش الأناني القديم الذي يجلب العناء والشقاء – سيجد أنه مهما كان الدور الذي يلعبه في الحياة متواضعاً يبقى مع ذلك دوراً هاماً ما دام يقوم بواجبه على أكمل وجه بحسب توجيه مدير المسرحية الكونية وسيد أقدارنا جميعاً: الله عز وجل.



----------------------



عندما نتفاعل مع الآخرين بإخلاص فعلي وبمحبة صادقة ومراعاة للمشاعر ، سنجلب إلينا أصدقاء طيبين دون أن يكون للمصالح الشخصية أو الحسابات الأنانية أدنى اعتبار، وإلا فلن نتمكن من التعرف على أصدقائنا الحقيقيين.



لا بد من التخلص من المراءاة والزيف، والتصرف على نحو لا يلحق الأذى المتعمد بالآخرين.  يجب عدم إغضاب الأصدقاء أو الإستخفاف بهم أو استعدائهم أو إعطائهم سبباً لأن ينمّوا مشاعر غير ودية نحونا. 



ويجب عدم إساءة معاملة الأصدقاء أو استغلالهم أو تقديم النصيحة لهم ما لم يطلبونها، وعندما يطلبونها يجب تقديمها بإخلاص ولطف، دون خوف من التبعات. الأصدقاء يساعدون بعضهم بالإنتقاد الأخوي البناء.





مصارعة الظروف وخلق المناخ الملائم



تجارب الحياة الصعبة لا تأتي لكي تشل إرادتنا وتهزمنا، بل لتشحذ عزمنا وتعزز إيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا.



البعض يظن أن تلك التجارب والتحديات قوىً مدمرة لا تـُقهر.. فيستسلمون.



الموقف النفسي الصحيح كفيل بتنشيط القوى الباطنية للتعامل بفعالية مع الحياة وتجاربها.



إن لم يتصارع الشخص مع شخص أقوى منه فلن يصبح قوياً. وبالمثل عندما نواجه صعوباتنا بجرأة وبقوة نفسية نصبح أكثر قوة ومنعة.



عقولنا هي جزء لا يتجزأ من وعي الله الكلي. وتحت موجة وعينا يقبع محيط وعيه اللانهائي.



عندما تنسى الموجة أنها جزء من المحيط الأعظم تفصل ذاتها عن تلك القوة الأوقيانوسية. ونتيجة لذلك أصبحت عقول الناس واهنة بفعل القيود المادية ولم تعد قادرة على العمل المثمر والإنتاج الوفير.



عندما تنفض العقول عنها غبار الجهل وتقطع القيود المكبلة لقواها ستصبح أكثر قدرة على الإبداع والتفاعل بإيجابية مع الحياة.



وعندما تتمسك بفكرة معينة وتشحنها بإرادة قوية تتحول تلك الفكرة إلى قوة ديناميكية.



وعندما يصبح الفكر ديناميكياً يتمكن – بعونه تعالى – من خلق المناخ الملائم للنجاح طبقاً للخريطة غير المنظورة المرتسمة في الذهن.



يفشل الناس لأنهم يستسلمون لظروف الحياة القاسية دون مقاومتها بدلا من مقاومتها دون استسلام. لا بد من تمرين قوة الإرادة..



وإذا عزمت فانطلق باسم الله وعلى بركته



----------------------





عندما ترغب بإنشاء عادة جيدة أو القضاء على عادة سيئة، ركّز على خلايا الدماع حيث تتموضع آليات العادات على اختلافها. لإنشاء عادة جيدة، أجلس أولاً بهدوء وتأمل ملتمساً العون الإلهي.



ركّز ذهنك على محور الإرادة في الجبهة ما بين الحاجبين وبعمق أكد لنفسك العادة التي تريد أن تغرسها في الدماغ. وعندما ترغب في القضاء على عادات سيئة، احصر أيضاً انتباهك في مركز الإرادة وأكد بعمق أن كل الأخاديد التي تعشش فيها تلك العادات يتم مسحها.



بالتركيز وقوة الإرادة يمكنك مسح حتى الأخاديد العميقة للعادات القديمة المستحكمة.



أكد لنفسك مراراً وتكراراً أن لديك من قوة الإرادة ما يكفي لاستئصال جذور العادات غير السليمة من منطقة الدماغ.   الوقت الأنسب لمثل هذا التأكيد هو الصباح الباكر عندما تكون الإرادة والإنتباه يقظين.



واصل التأكيد لنفسك بأنك متحرر من كل الإملاءات وستجد يوماً ما أنك - بعونه تعالى - قد تحررت بالفعل من العادة التي تريد التخلص منها.



مهما كان الشيء الذي تخشاه، ابعد فكرك عنه واتركه لله. عزز يقينك بالله وثق بأنه قادر على مساعدتك، واعلم أن قدراً كبيراً من المعاناة ناجم عن الهم والقلق.



لماذا يتعين عليك أن تتألم الآن والشيء الذي تخشاه لم يقع بعد؟ بما أن معظم اضطراباتنا تأتي عن طريق الخوف، فإن أقصينا الخوف من حياتنا سنشعر بالحرية وسيكون الشفاء فورياً.



كل ليلة وقبل النوم مباشرة أكد لنفسك أن الله معك وأنه يحميك ويرعاك. تصور نوره الواقي يحيط بك من كل جانب وستشعر بحمايته العجيبة.

----------------------



في هذه المسرحية الكونية، يقوم البشر من كل الأجناس بتمثيل دراما الحياة على مسرح الزمن.  

يجب أن ندرك مغزى الحياة دون الإنهماك الزائد أو التحقق المفرط مع أدوارنا المؤقتة. إن إدراكنا للحياة كثيراً ما يشوبه التشويه والإنحراف لأننا ننظر بعيون الأنانية والأفق المحدود، ولو نظرنا بعين الروح لأبصرنا الأمور من منظور آخر تماماً.



عندما نفتح عين الحكمة نبصر نور الله الشامل، وفي ذلك النور نعاين طبيعتنا الروحية التي هي انعكاس لطبيعة الوعي الكلي الذي يتخلل كل جزيئات وأجزاء الكون. الحقائق الروحية تحيط بنا وتقرع على أبواب عيوننا المغمضة وتستحثنا كي نبصر النور بدل الظلمة ونعمل بوحي الحكمة وليس الجهل ونملأ قلوبنا بالمحبة لا بالكراهية ونتعاون على إحلال السلام وجلب الوفرة والأمن إلى عالمنا.



عندما نفعل ذلك سيتبدد الجهل وتنعدم الفوارق الوضعية وسنبصر الوحدة في التعداد ونصبح أكثر توافقاً من الإرادة الإلهية.



إن علاقتنا مع الله ليست علاقة باردة أو علاقة غير قائمة على الحب والدفء كالعلاقة بين رب العمل والأجير. نحن عياله واهتمامه بنا لا يتوقف، وهو يصغي لنا على الدوام.



 إننا جزء لا يتجزأ من كيانه وعلاقتنا به حية وحيوية.  لقد وهبنا ثروة لا تنضب من المحبة والفهم والبصيرة والإرادة الطيبة والقوة الروحية، لكن معظمنا بدد تلك الثروة على اللاشيء.



الله يريدنا أن نحيا بأمن وطمأنينة وتعاون ودي كما يليق بأفراد أسرة نبيلة متحابة، لكن الأطماع والحسابات الأنانية نبتت وترسخت في النفوس وفرقت ما بين الأهل.



الله يريدنا سادة لكننا اخترنا أن نكون عبيداً.  لقد ابتعد الإنسان كثيراً عن بيته السماوي وفقد الفردوس الباطني المتمثل في الإحساس بقربه من الله وقرب الله منه،  ولن يتمكن من استعادة ذلك الفردوس دون مجهود ذاتي.  لقد خلقنا الله على صورته ولكن غابت تلك الحقيقة عن أذهاننا.



لقد استسلمنا للوهم بأن قـَدرَنا هو العناء ومآلنا الفناء، ويجب أن نمزق حجاب الوهم بخنجر الحكمة لنرى الحقيقة الناصعة من خلف الحجاب.





من نحن وما هي طبيعتنا الحقة؟



البشر لديهم فوارق ظاهرية بيّنة، سواء من حيث تركيبتهم السيكولوجية أو العاطفية أو الأدوار التي يلعبونها في الحياة أو الأعمال والنشاطات التي يمارسونها أو الرغبات التي يحسّ بها كل منهم.



لكن تحت كل هذه الفوارق يكمن شيئان اثنان يريدهما بل ويحتاجهما كل إنسان دون استثناء.



أحدهما هو التحرر من كل صور التألم والعوز. أما الشيء الآخر فهو السعادة التامة والدائمة.. الرضاء الكلي حيث السلام والحب والحكمة والفرح.



في الحقيقة إن ما يسعى البشر لبلوغه هو الله، سواء استخدموا تلك التسمية أم لم يستخدموها. الحكماء يقولون أن الله هو جوهر الغبطة وروح السعادة. ولن يشعر الإنسان بالرضاء التام ما لم يستق مباشرة من الينبوع الكوني. وتلك نقطة محورية لفهم الحالة البشرية.



ولكن أين يبحث الناس عن ضالتهم المنشودة؟ يبحثون عنها في الأمور الدنيوية فقط: في الممتلكات والظروف الخارجية والعلاقات مع أشخاص آخرين. إنما مستحيل العثور عليها في أي شيء أو في أي شخص أو في أي ظرف في هذا العالم نظراً لطبيعة الخليقة نفسها.



الخليقة قائمة على مبدأ الثنائية. يستحيل الحصول على صورة بلون واحد فقط، إذ لا سبيل للإستغناء عن النقيض. وبالمثل، مستحيل أن يوجد مظهر واحد من مظاهر الوجود بمعزل عن الازدواجية. لكن لدى تمحيص الرغبات التي تحرّك الناس نجد أن كل منا يرغب فقط بالحصول على الأشياء الطيبة، الممتعة، الجميلة، والإيجابية دون أدنى رغبة في التعامل مع كل ما هو كريه وغير مستحب.. إنما ذلك من المستحيلات!



في هذا العالم الثنائي لا وجود للذة دون الألم، أو للنور دون الظلام، أو للخير دون الشر، أو للحياة دون الموت. لا يمكن فصل أحد وجهيّ العملة عن الوجه الآخر. وهذا يعني أن ما نتشوق إليه في أعمق أعماقنا لا يمكن الحصول عليه من هذا العالم.



هناك قول شرقي مأثور في هذا السياق هو: "تلك هي الحقيقة سواء عرفتها الآن أو بعد ألف عام."



والسؤال هو: هل مكتوب علينا مواصلة البحث في المكان الخطأ وبالتالي الشعور بالخيبة والإحباط نتيجة لذلك؟



الناس يبحثون.. أجل يبحثون بكل ما أوتوا من قوة لكنهم غير قادرين على العثور على ما يبحثون عنه مما يخلق في نفوسهم القنوط وفقدان الأمل. ولا يؤدي ذلك إلى القنوط وحسب بل إلى استياء كبير وغضب عارم، وبالتالي إلى أعمال عنف. هذا كله يحدث لأنهم لا يبحثون عن ضالتهم في المكان الصحيح، ونتيجة لذلك لا يعثرون على مُنية قلوبهم. الناس في عصرنا هذا لا يعرفون الكثير عن معنى الحياة وغايتها، ولذلك يعانون من الحيرة والإرباك.



الإنسان في طبيعته كائنٌ يبحث عن هدف. فإن لم يكن له من هدف في الحياة، وإن كان عقله وطاقاته وإرادته وعواطفه غير موجّهة في منحى إيجابي بنـّاء يتحول إلى اتجاهات مدمرة كتعاطي الكحول والمخدرات واللجوء إلى العنف وهلم جرّا.



الغاية الأسمى للحياة هي معرفة الله... ويتعين على الإنسان إحداث توافق بين أدواره ونشاطاته الخارجية عن طريق العمل الصحيح والنظرات السليمة والمواقف الإيجابية والتصريف النافع للعواطف.



هذان المظهران لطبيعتنا: المظهر الباطني أو الروحي والمظهر الخارجي ليسا في تناقض مع بعضهما فيما لو تم فهمهما على الوجه الصحيح. بل يدعم أحدهما الآخر ويساعداننا على تنمية وتطوير قدراتنا وإمكاناتنا مادياً ونفسياً وعاطفياً وروحياً.



الناس يعيشون في فراغ كبير دون حوافز فكرية أو منشطات نفسية.. يشعرون بالسأم لانعدام الغاية ولفقدان ما من شأنه أن يعطي لحياتهم قيمة ومعنى.



الشخص العادي قد يستطيع العمل والتصرف كما لو كان متكاملاً من الناحيتين النفسية والعقلية، ولكن هل هو سعيد؟ الغاية الرئيسية من الحياة هي معرفة من نحن وما هي طبيعتنا الحقة.



فإن أولينا الجانب الأعمق من الحياة الاهتمام الذي يستحقه لا بد أن نشعر بالسعادة لأن سعادة الإنسان مرتبطة بتواصله مع ذاته الروحية التي لا كيان ولا كينونة له بدونها.



ذات مرة كانت فقاعة صغيرة عائمة على سطح البحر

متوجسة من العواصف والبروق

فسمعت صوتاً يهمس لها:

"أيا فقاعة الحياة الصغيرة، ما خطبك؟

ألا تعلمين أنكِ جزء من محيط الحياة؟"

فنظرت الفقاعة الصغيرة حولها وأدركت تلك الحقيقة.

الوعي البشري يعوم كالفقاعة الصغيرة

على سطح بحر الوعي الكوني

ظاناً أنه فقاعة مؤقتة..

مرتعداً من المرض والفاقة والموت.

أيا أيتها الفقاعة، أمن المحيط تخشين؟!

انظري حولكِ.. تأملي جيداً

وحوّلي نظرتك من محيطك الصغير

إلى محيط الله اللامتناهي

تعمقي.. تعمقي ووسّعي الإدراكْ

كي تعلمي وتوقني

بأنكِ واحدة مع بحره الفسيح

وأن الله معكِ

يحرسكِ

يعيلكِ

الآن .. وإلى الأبد.



استئصال جذور الفشل والمرض



الخوف من الفشل أو المرض يتم تغذيته بالتفكير الدائم به حتى تتسرب فكرة الفشل أو الفشل من العقل الواعي إلى العقل الباطن وصولاً إلى الوعي السامي.



بعد ذلك يبدأ الخوف المترسخ في اللاشعور والوعي السامي بالتفريخ والنمو حتى يملأ العقل الواعي بنباتات الخوف التي ليس من السهل القضاء عليها كالقضاء على الفكرة الأولية عند بزوغها.



وهذه النباتات الضارة تثمر أخيراً ثماراً سامة ومميتة...



إنما لحسن الحظ يمكن استئصال جذورها من الداخل بالتركيز القوي على الجرأة وبتطعيم الوعي بالإيمان المطلق بالله وبأنه قادر على مساعدة الراغبين في مساعدة أنفسهم وحمايتهم من الأذى.





تلافي الشِباك والأحابيل



كلما شعرت برغبة قوية في قلبك تلح عليك كي تحققها،استخدم التمييز واسأل نفسك:

"هل هي رغبة طيبة لا بأس من تحقيقها أم رغبة سيئة يتعين عدم تكريمها بالتحقيق؟"



الرغبات المادية غير السليمة تشجع عاداتنا السيئة بإعطائنا آمالاً كاذبة وسعادة مزيفة.

في مثل تلك الحالات  يتعين استدعاء قوى التمييز لإظهار الحقيقة.

العادات السيئة تقود في نهاية المطاف إلى التعاسة.

وإذ يفتضح أمرها وتظهر على حقيقتها تصبح عاجزة عن اصطياد الإنسان بأحابيل المعاناة وشباك الشقاء.



لقد أنعم الله عليّ بالسعادة خلال هذه السنوات المديدة من عمري .

وسواء رأى الناس ابتسامة الرضى على وجهي أم لا، فإن الفرح الإلهي يلازمني على الدوام ولا يفارقني أبدا. إن نهر الغبطة العظيم يجري باستمرار تحت رمال وعيي ويتفجر ينابيعَ مباركة تروي حدائق حياتي. 



لا تقلبات الحياة المفاجئة تقدر على تعكير صفو سلامي، ولا شبح الموت يمكن أن يسلبني تلك السعادة الروحية التي أحس بها.



كان من الصعب جعل تلك الحالة دائمة وغير قابلة للتغير، لكن ثمار الروح التي أتمتع بها الآن وأعمل على مقاسمتها الآخرين استحقت كل ذلك المجهود الذي بذلته من أجلها. 





إنني أفكر وأعمل مدفوعاً بالروح الإلهي.

 لم يكن المال غايتي في الحياة بل خدمة إخوتي وأخواتي في الإنسانية.

ولذلك فقد فتح الله لي الكثير من أبواب الخير لإعالتي وإتمام رسالتي.

أمنيتي الوحيدة هي خدمتكم، ولهذا الغرض أنا هنا.

في أية لحظة أحتاج إلى مساعدة يحققها الله لي على الفور.

إن قوة الله تعمل في حياتكم أيضاً.

ستلمسون بأنفسكم هذه الحقيقة عندما يتعزز إيمانكم وتدركون أن الغنى لا يأتي من النجاح المادي بل من العلي القدير.





مع أن الحياة تبدو متقلبة غريبة الأطوار

وغامضة تكتنفها الشكوك

وتعج بكل أنواع المشاكل والإضطرابات

لا زلنا مع ذلك في حماية الله الدائمة.



يجب أن لا نضخم الأمور

وألا نفقد رباطة جأشنا في مواجهة الأحداث

لأننا إن سمحنا للهلع بالإستيلاء علينا

فإننا نمنح بذلك أهمية للشر

ونعمّق جذوره التي تنمو وتترعرع

في تربة الرهبة والقلق. 



----------------------



يجب أن لا نتوقع الحصول على السعادة والسلام الدائمين من اختبارات الحياة، بل يتعين علينا التماسهما والعثور عليهما في داخلنا. عندها، مهما كانت التجارب التي نمر بها سنتعامل معها بنفس الكيفية التي بها نشاهد اختبارات وتجارب شخص آخر في فيلم سينمائي، سواء كانت سارّة أو مؤلمة.



بإمكان الشخص تحويل كل تجاربه إلى اختبارات تعيسة مؤلمة إن هو سمح لفكره بذلك. 



فهو قد يمتلك الصحة الجيدة ومع ذلك لا يقدّر قيمتها. لكن إن أصابه مرض سيتواضع عندئذ ويقدّر نعمة العافية.  يجب أن نعترف بفضل الله ونشكره على نعمه التي يسبغها علينا دون أن ننتظر الظروف المعاكسة كي تجعلنا شاكرين وبالجميل معترفين.



الحياة يجب أن تكون مزيجاً من التأمل والعمل.

عندما يفقد الإنسان توازنه النفسي يصبح عرضة لهجمات الهموم وأبخرة الأحزان ووخزات الألم.

وإذا ما حاول خرق قوانين الصحة والبحبوحة والحكمة فإنه سيعاني لا محالة من المرض والفقر والجهل.

يجب أن نحتفظ بسرائرنا نقية ودوافعنا نظيفة وأن نتصرف بكيفية تجلب لنا السلام النفسي، وألا نسمح لظروف الحياة بتعكير صفونا وتدمير سعادتنا.

كما ينبغي أن نقوّي الفكر وأن نرفض حمل عبء الضعف العقلي والخلقي الموروث من سنين وأجيال.

هذه الشوائب ينبغي حرقها في نيران التصميم الجديد والعمل المفيد.

وبهذا التوجّه البنّاء يتمكن الراغب الجاد من بلوغ آفاق التحرر والحرية.




 تفضلوا بزيارة موقع سويدا يوغا وصفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على فيس بوك






  لقراءة المزيد رجاء الضغط على Older Posts أو  Newer Posts

في أسفل الصفحة





باراماهانسا يوغاناندا بارامهانسا يوغاناندا بارماهنسا 


No comments:

Post a Comment