Friday, July 1, 2011

برمهنسا يوغانندا: الرأس المفصول الذي نطق

الرأس المفصول الذي نطلق

في العصر المغولي عاش في الهند إمبراطور جبار، قاسي القلب جلف الأخلاق، لم يفقه شيئاً من أساسيات الرحمة والشفقة.

كان عنيفاً وكثير الفضول مثلما كان مستبداً لا يسمح لأحد بمخالفته الرأي حتى ولو كان ذلك الرأي سليماً ومنطقياً، وكم من رؤوس طارت عن أكتاف أصحابها لهذا السبب بالذات.

أخيراً بلغت قسوة الإمبراطور الذروة عندما قابل أحد أولياء الله الصالحين. هذا الولي أتى بمعجزات وخوارق عديدة لمساعدة الناس لا لإرضاء ميولهم أو إشباع فضولهم. وكان العديد من المرضى يحصلون على شفاء فوري من ذلك الرجل العارف بالله. كما أن العديد من الهائمين في ظلام الجهل أبصروا النور المحرر بفضل اتصالهم بذلك الرجل العظيم.

القصص والشهادات عن القوى الشافية للولي انتشرت في طول البلاد وعرضها، حتى بلغت أخيراً مسامع الإمبراطور الجبار فأثارت فضوله وأمر بإحضار القديس إلى البلاط المغولي المشهور.

وما أن مثل القديس أمام الإمبراطور حتى قال له دون مقدمات:

"إن كنت ولياً مثلما يدّعي الناس ويحتفون بما يسمونه معجزاتك فإنني آمرك بأن تحافظ على رأسك بالبرهنة لي عن معجزاتك الآن في حضرتي."

لكن القديس الذي كان مسيّراً بالإرادة الإلهية لم يأبه لتهديد الإمبراطور له ولم يرغب في الحط من قيمة قواه الإلهية بعرضها جزافاً لمجرد إرضاء فضول إمبراطور جاهل وجاحد لنعم الله، فالتزم الصمت.

كرر الإمبراطور طلبه مشفوعاً بالوعيد والتهديد والغضب يتطاير كالشرر من عينيه الجهنميتين. وإذ لم يحصل على جواب من القديس استل سيفه وصاح بصوت جهوري وقد أخذ الحنق منه كل مأخذ:

"أريدك أن تعلم يا حضرة القديس أن من يخالف أمري لم تلده أمه بعد. فإن لم ترضِ ِ فضولي باجتراح معجزة في هذه اللحظة بالذات فسيتدحرج رأسك على البلاط."

أخيراً نطق القديس بهدوء ولكن بحزم قائلا:

"افصل رأسي إذاً عن جسدي أيها الملك الفضولي، وعندها ستحدث معجزة ترضي فضولك. وأؤكد لك أنك لن ترى معجزة قبل أن تقطع رأسي. هذا سأفعله كي أحررك من طبيعتك الشريرة. وفي نفس الوقت أرفض الامتثال لإرادتك، وأكرر بأنك فقط عندما تقتلني ستحدث المعجزة.

وهذه التضحية الكبرى بحياتي سأقوم بها لشفائك من جهلك المرذول أيها الملك المغرور. والمعجزة التي ستحدث ستشهد بوجود القوى الإلهية التي لا تعرف عنها شيئا. هيا أعمل سيفك في رقبتي ولا تتخاذل."

أظلمت الدنيا في عيني الملك واحتدم غيظه إلى أقصى حد بفعل تحدي القديس له. وإذ لم يتمكن من ضبط نفسه ضرب رأس القديس ففصله عن جسده. وبينما كان لا يزال ممسكاً بالسيف الذي يقطر دماً صُعق وكاد يغمى عليه من شدة الخوف لرؤية ما حدث بعد ذلك.

فالقديس أوفى بوعده، إذ راح رأسه المفصول يرقص على رخام القصر حول قدميّ الملك، وبدون رئتين أو أي أعضاء أخرى من الجسد راح ينطق بصوت عالٍ وفي نفس الوقت يسجل ما ينطقه بالدم على الرخام، فقال وكتب:

"أيها الإمبراطور الجبار، يا من تستمتع بتعذيب الآخرين، لقد تمكنتَ من فصل رأسي عن جسدي لكنك لم تقوَ على انتزاع الأسرار الروحية من صدري. وها أنا ما زلت حياً في الله الواحد الأحد ودليل ذلك أنني أتكلم وتسمعني، وتلك هي معجزتي."

والسلام عليكم.

المصدر: تعاليم المعلم برمهنسا يوغانندا

ترجمة: محمود عباس مسعود

مزيد من تعاليم المعلم برمهنسا على الرابط التالي

www.swaidayoga.com

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء النقر على Older Post أو Newer Post أسفل الصفحة

No comments:

Post a Comment