Sunday, November 9, 2014

الستارة سترتفع وتنقشع

ي

الستارة سترتفع وتنقشع


للمعلم برمهنسا يوغانندا 
PARAMAHANSA YOGANANDA   
  ترجمة: محمود عباس مسعود

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء الضغط
 على Older Posts أو  Newer Posts

في أسفل الصفحة أو أحد السهمين



كل واحد منا هو صورة الله.  لقد انبثقنا عن روحه الإلهي وجوهره يكمن بنا بكامل نقائه ومجده ونعيمه الفائق. ذلك الميراث المقدس حصن لا يُقحم. إن إدانة الإنسان نفسَه بأنه خاطئ متطوح في دروب الخطيئة هو من أعظم الآثام على الإطلاق. لإنه بذلك يحكم على نفسه بالعجز والإحباط وعدم القدرة على النهوض والإرتقاء. صحيح قد يأتي الإنسان بأعمالٍ مخالفة للقوانين الطبيعة والإلهية، لكن عليه تغيير المسار على الفور والتوجه إلى الطريق الصحيح. الإنسان في طبيعته النقية هو هيكل مقدس والروح الإلهي يسكن به.
يجب أن نتذكر على الدوام أن الله يحبنا محبة خالصة غير مشروطة. لكن بما أنه وهبنا مطلق الخيار للتقرب منه أو الإبتعاد عنه فإنه في انتظار إعرابنا له عن رغبتنا في حبه قبل أن يأتي إلينا.
ذات مرة سمعت صوته يهمس أثناء التأمل: "تقول أنني غير موجود معك، لكنك لم تنظر إلى الداخل. إنني لا أفارقك لحظة واحدة. أدخلْ إلى هيكل الروح وستراني.  فإنني هنا على الدوام، لأستقبلك وأحييك تحية الحب الإلهي."
الإخلاص العميق ضروري على الطريق الروحي.  في النقاء والصدق يبزغ فجر الروح.
ورد في القرآن الكريم "وبشّر الذين آمنوا أن لهم قدَم صدقٍ عند ربهم."
والسيد المسيح قال "إنك أخفيتَ هذه (الحقائق) عن الحكماء والفهماء (في عيون أنفسهم) وأظهرتها للأطفال (الأبرياء).

 (ما أحسنَ الصّدقَ في الدنيا لقائلهِ
                  وأقبحَ الكِذْبَ عند اللهِ والناسِ)

إن حكمتنا البشرية هي لا شيء أمام الله. والطريقة الوحيدة التي يمكننا التقرب منه هي أن نمنحه نفس المحبة الخالصة التي يختصنا بها.
كل واحد سيعثر على الخلاص في نهاية المطاف، لكن المتلكئين على الطريق يسقطون في هوة اللامبالاة.  عدم الإكتراث يصد الإنسان عن إدراك  مدى أهمية العثور على الله الآن وفي هذه اللحظة.  إن كوكبنا الأرضي الكبير السابح في الفضاء، وهويتنا البشرية، لم يُمنحا لنا لتمضية سنوات معدودات هنا ثم لنمضي بعدها إلى اللاشيء.. بل لعلنا نفكر ملياً ونتعمق في فهم سر الوجود. إن العيش دون فهمٍ لغاية الحياة هو حماقة وغباء وإضاعة للوقت.  ألغاز الحياة تحيط بنا من كل جانب، وقد وهبنا الله الذكاء لنجد الحلول لها.
في بحثي عن الحب الدائم أدركتُ أن الله هو الذي أحبني في كل أنواع الحب البشري.  لقد أحبني كأم وأب وأصدقاء.
لقد بحثت عن ذلك الصديق الخالد وراء كل الأصدقاء،
وعن ذلك المحب العظيم الذي أراه الآن وامضاً في كل الوجوه الطيبة المحبة. ذلك الصديق الإلهي لم يخيّب أملي ولم يخذلني مرة واحدة.
الله يكمن خلف كل ما في الوجود. يجب أن نكرم أبوينا ونحْسِن إليهما، ولكن ينبغي أن نحب الله من كل قلوبنا وأرواحنا. ويجب أن ندرك أهمية التواصل الحيوي معه، دون إضاعة الوقت بعد الآن.
عندما ننام لا نعرف ما إذا كنا سنستيقظ أم لا. إننا نغادر هذه الأرض الواحد تلو الآخر. ولكن هذه الفكرة يجب أن لا تبعث على القلق. عندما نموت يُطلب منا الولادة ثانية على الأرض، مبتدئين حياة جديدة من حيث ما انتهينا في هذه الحياة.
إنني أرى الحياة مثل تشكُّل الأمواج وانحلالها أو ملاشاتها على صفحة المحيط.  الموجة البشرية تبزغ من سطح المحيط الإلهي عند ولادتها، وعند الموت تهجع في قلب الله. لقد أدركتُ هذه الحقيقة وأعلمُ أنني لا أموت قط بالرغم من موت الجسد.  لأنه سواء كنت هاجعاً في أوقيانوس الروح الإلهي أو مستيقظاً في الجسد المادي فإنني واحد مع المحيط الكوني.  تلك السعادة العظمى لا يمكن العثور عليها في العالم.  وفي نفس الوقت لا حاجة لنا للهروب إلى الغابة بحثاً عن الغاية.  نستطيع أن نعثر على الله في أدغال الحياة اليومية هذه.. في أعماق كهف السكون.
قد يقترف الإنسان أخطاءً عديدة لكنه مصاغٌ على صورة الروح الإلهي. لقد خلق الله هذا الفيلم الوهمي للأرض ومباهجها لغاية واحدة فقط: عل الإنسان يدرك أنها مجرد مسرحية كونية فيهجر الأوهام ويحب الله وحده. تلك هي الحقيقة ولا يمكن أن تكون خلاف ذلك.  لماذا خلقنا الله لنحب أفراد أسرتنا ولنراهم فيما بعد يفارقوننا الواحد تلو الآخر؟ هذه الأحداث تحصل لتجعلنا ندرك أن الله هو الذي يحبنا من وراء كل محبينا.
الحياة صورٌ متحركة لكن من الصعب فهم هذه الحقيقة لأن الأوهام تبدو حقيقية والحقائق تبدو أوهاماً.  العالم يتلاشى من وعينا كل ليلة أثناء النوم علنا نفهم أن الكون المادي غير حقيقي.
درْسُ النوم هذا يأتي لا ليفزعنا بل ليجعلنا ننشد حقيقة الله. لا يمكن لأي شيء أن يرضي النفس سوى الله وحبِّه.  روح الله هي الحقيقة التي لا نظير لها.  لا وجود لما هو غير حقيقي، والحقيقي لا يمكن أن يكون غير موجود. الحكماء يدركون هذه الحقيقة الساطعة.
لقد انصرمتْ أعوامٌ عديدة من أعمارنا ولم يبقَ منها سوى سنين وأسابيع وأيام وساعات. فلِمَ إضاعة الوقت دون فائدة؟ يجب أن نرغب في التواصل مع الله ليل نهار وأن نكون مخلصين كل الإخلاص في رغبتنا هذه قبل أن تنقضي فسحة العمر الممنوحة لنا ونغادر هذه الأرض دون إنجاز يذكر.
في هذه اللحظة بالذات أبصر نور الله العظيم يغمر كل الموجودات. يا له من فرح غامر! يا له من نور عجيب!
إلهي أشكركَ وأسجدُ لك على هذه البركات الغزيرة للإحساس بحضورك.
بارك الجميع بنفس الكيفية علنا ندرك أنك الحقيقة العظمى في الكون وأنك غايتنا التي لا غاية بعدها.
يجب أن نحبه ونتحدث إليه كل ثانية من حياتنا.. في العمل والراحة.. في الحركة والسكون.. بابتهال عميق وشوق ملتهب. وسنرى ستارة الوهم ترتفع وتنقشع. إن الله معنا في كل لحظة من لحظات عمرنا. والذي يتأمل ويتناغم معه يبصره في جمال الزهور وشهامة النفوس الطيبة والعواطف السامية النبيلة والأحلام الجميلة. أخيراً سيبزغ من وراء الحجب الكثيفة ليقول لكل مريد صادق:
"لقد افترقنا لأمدٍ بعيد لأنني رغبت في أن تمنحني محبتك عن طيب خاطر.  لقد خلقتك على صورتي، وانتظرتُ حتى تستخدم حريتك وتمنحني محبتك من تلقاء ذاتك."
يجب أن نسأل الله كي يمنحنا الهبة الخالدة الباقية لحبه الإلهي.  ولكن ما من أحد يمكنه العثور على الله الودود دون بذل المجهود؟ إن بذلتَ 25 بالمائة من المجهود فالباقي يكون على الله والمرشد الروحي. لا أطلب شيئاً لنفسي لأن الفضل كل الفضل هو لله منبع كل الخيرات والمكرمات. فلتواكبكم نعمته وليلازمكم وعيه ولتدركوا فيض حضوره بكم ومن حولكم.
إن الله لا يستجيب لنا على الفور لأننا مترددون في إظهار مدى رغبتنا له. يجب أن لا نخشى الاقتراب منه، بل ينبغي اعتباره خاصتنا، حبيبنا، وأن نبحث عنه دون انقطاع بأفكارنا وأفعالنا وقلوبنا وعقولنا وسنجده أعظم موئل للأمن والأمان في هذا الوجود.
يا رب.. إنني أقدم لك هذه الباقة من النفوس الطيبة علّها تزيّن هيكل حضورك. واكب أصحاب هذه النفوس الذين هم عيالك وأحبتك. إننا نترنم بإسمك المبارك. بدد ديجور الجهل بنورك القدسي. اطرد الظلمة من عقولنا بضياء وجودك المشع المتسع. نحن خاصتك مهما كانت أوضاعنا وأحوالنا. اظهر ذاتك لنا يا ذا الجلال والإكرام.  بارك كل واحد منا. تقبّل نفحات أفكارنا المشتاقة ونبضات قلوبنا المحبة التوّاقة. لكَ نرفع كل الحب والتكريم والشوق لأنك حبيبنا وكل ما نملك في هذا الكون.
باركنا بنعمتك. اهدم أسوار الرغبات التي تحول دون تواصلنا معك. ولتكن الملك الإلهي المتربع على عرش كل طموحاتنا. ولينتشر نور مجدك على العالم الفسيح.  باركنا جميعاً.  أفعمنا بضوع حضورك. ولندرك أكثر فأكثر بأنك كنت لنا على الدوام، وأنت لنا الآن وستكون لنا ومعنا إلى الأبد.
نحمدك على النعمة والمحبة اللتين أغدقتهما على محبيك المتأملين قربك والمنتظرين بشوقٍ حضورك. آملين أن تكبر دائرة مريديك لنحتفل بحضورك المبارك ونسعد بالقرب منك.
باركنا كي نفتح قلوبنا لبعضنا ونصفّي نوايانا علنا نستحق حمايتك ورعايتك.  اظهر ذاتك باطناً وظاهراً. وحّدنا جميعاً وعلى ضوء ذلك التوحّد فلندرك وجودك الأوحد.
وبإخلاص قلوبنا المتحدة وشوق نفوسنا المنسجمة نسجد أمامك طالبين العون والهداية والإدراك الدائم لحضورك في أرواحنا.
لتضطرم نار المحبة الخالدة في قلوبنا ولنشعر بقربك منا الآن وإلى الأبد.. يا ربنا.. يا حبيبنا!
منك الجمالُ ومني عذبُ إنشادي
                       يا نفحةَ الأنس ِ يا نهلة ً للصادي
نظمتُ فيكَ أشعاري محمّلةً
                   بالشوق والحب يا محجوبَ يا بادي
يا غايةَ العمر ِ إن العيشَ يحلو بكَ
                     والنفسُ تسبحُ في محيطكَ الهادي!
والسلام على أهل الأشواق.



 تفضلوا بزيارة موقع سويدا يوغا وصفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على فيس بوك


 لقراءة المزيد رجاء الضغط على Older Posts أو  Newer Posts
في أسفل الصفحة





No comments:

Post a Comment