Sunday, November 9, 2014

قوة الإرادة وتأثير البيئة



أفكار حية
  قوة الإرادة وتأثير البيئة

للمعلم برمهنسا يوغانندا

ترجمة: محمود عباس مسعود



المتاعب والمضايقات تحدث بسبب عدم دراية الإنسان بأعماله الماضية التي قام بها في مكان ما وفي زمن ما. فمعاناته الحالية ناجمة عن أفكار وأفعال صدرت عنه فتجسّدت بذوراً تغلغلت في تربة الوعي فأنبتت نبتاً وأخرجت ثمراً له نفس مواصفات الأفكار التي أطلقها والأفعال التي قام بها.

المحن والبلايا لا تأتي لتحطم الإنسان وتشلّ إرادته، بل لتجعله يقدّر الله حق قدره ويحترم قوانينه التي من خلال مراعاتها يمكنه الحصول على السعادة الحقيقية.

الله لا يرسل تلك التجارب القاسية لأنها من صنع الإنسان في المقام الأول. وما على الإنسان إلا إيقاظ وعيه من سبات الغفلة وابتعاثه من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة.

في معظم الأحيان تعدنا الحواس بقليل من المسرات الوقتية الزائلة لكنها تمنحنا في النهاية آلاماً ومعاناة طويلة. أما الفضيلة والسعادة الحقة فلا تعِدانا الكثير، لكن في النهاية تمنحانا فرحاً نقياً ودائماً. لهذا السبب أعتبر السعادة الباطنية الدائمة فرحاً والملذات الحسية المؤقتة متعاً.

إن كانت هناك عادة سيئة تضايق الإنسان وتقض مضجعه فللتخلص منها يمكنه تجنّب كل ما من شأنه أن يوقظها أو ينبهها، دون التركيز عليها بغية قمعها. تلك هي الطريقة غير المباشرة لمكافحتها.  ولكن هناك أيضاً طريقة إيجابية مباشرة تكمن في  توجيه الفكر نحو عادة طيبة والعمل على تنميتها حتى تصبح جزءاً من حياته يمكنه الركون إليه والإعتماد عليه.

ذوو الخلق القويم هم عادة أسعد الناس. فهم لا يدينون أحداً على مضايقات ومشاكل تحصل لهم، بل يعزونها إلى أنفسِهم ويعتبرون أنهم هم المسؤولون عنها شخصياً.

هم يدركون جيداً أن ما من أحد له القدرة على إسعادهم أو تكديرهم ما لم يسمحوا لأفعال وأقوال الآخرين وأفكارهم بالتأثير عليهم سلباً أو إيجاباً.

الجامدون من الناس هم غير سعداء.  إنهم فاقدو الإحساس تماماً كالحجارة.

يجب أن يحيا الشخص بكل أفكاره ومشاعره وبصيرته وأن يكون يقظاً ومتنبهاً لكل ما يدور حوله، تماماً  كالمصور البارع الذي يتحين أنسب الفرص لالتقاط أروع الصور لأبهج المناظر.

سعادة الإنسان الحقة تكمن في استعداده الدائم للتعلم والتصرف السليم والمحترم. وكلما قوّم نفسه كلما ساعد في ترقية الآخرين من حوله وإسعادهم.

قلائل هم الذين يحللون أوضاعهم ويقررون ما إذا كانوا يتقدمون على الطريق أم يرجعون القهقرى.

وككائنات بشرية مزودة بالإدراك والحكمة والفهم فواجبنا الأكبر توظيف حكمتنا ومدركاتنا بطرق صحيحة حتى نعرف ما إذا كنا نتقدم للأمام أو نعدو للخلف.

وإن داهمنا الفشل على نحو متكرر فيجب أن لا نيأس ولا نفقد الأمل. الفشل يجب أن يعمل كمحفـّز لا كمثبّط لنمونا المادي والروحي.

حقاً إن فصل الفشل هو أفضل وأنسب المواسم لغرس بذور النجاح. يجب اجتثاث الفشل من الجذور وحرث حقول الحياة بهمة وعزيمة وزرعها ببذور الخير من أجل جني محصول وفير بعونه تعالى الذي لا يضيّع أجر العاملين.. (ولمثل هذا فليعمل العاملون)!

يجب عدم التفكير بالخسارة والفشل.. بل تجديد المحاولة المَرة تلو الأخرى مهما كانت المحاولات الفاشلة كثيرة ومريرة.

كل مجهود جديد بعد الفشل يجب أن يكون سليم التخطيط ومشحوناً بالنشاط الفكري.

كما ينبغي الموازنة ما بين الطموحات المادية والأشواق الروحية، دون السماح لأحدها بأن يطغى على الآخر.

ما من إنسان روحاني بحيث يمكنه الاستغناء عن النجاح المادي.

وما من إنسان مشاغله المادية متراكمة لدرجة تصده عن التفكير بالله وتخصيص الوقت اللازم للتأمل والخدمة والواجبات الروحية.

الفاشل المزمن لم يتعلم بعد دروس الحياة.. والروحاني الأناني يعاقب نفسه بفقدان التوازن العقلي بسبب تجاهله للحياة المادية.

إن كرّس الشخص كل أعماله ونشاطاته لخدمة الآخرين وأنجزها بنفسية رضية فإنها بالفعل تستحق الإعتبار ويستحق عليها الشكر.

يجب أن لا نكون وحيدي الجانب.. بل ينبغي موازنة فعالياتنا وإعطاء أعمالنا وواجباتنا الأولوية، بحسب أهمية كل منها..

الواجب هو ذلك العمل الذي يقوم به الإنسان بفرح وليس بدافع الكسب المادي.

الواجب الروحي والخلقي يجب أن يأتيا في المقام الأول في الحياة.

لدى كل إنسان قدرات كامنة لم يستثمرها بعد. ولديه كل القوى التي يحتاج إليها. العقل بحد ذاته هو قوة عظمى.. ويجب تحريره من العادات والمفاهيم المقيدة البالية.

إن تأثير الكواكب والنجوم على حياة البشر ناجم عن القوى المتداخلة من جذب ودفع بين الكواكب وأجسام البشر.

الأفكار الشريرة تقود صاحبها إلى بيئة شريرة كي يعبّر عن ذاته حسبما يشتهي ويريد. لكن الإنسان يمكنه تغيير فكره ووعيه بقوة الإرادة، ويمكنه بالتالي تغيير بيئته. أما إن بقي الشخص في بيئة شريرة لفترة طويلة فإن تلك البيئة تبدأ بالتأثير عليه بصورة لاشعورية.

ومع مرور الأيام يخسر بالمرة حريته في اختيار بيئة سليمة وصحية ويصبح رهن المؤثرات السلبية للبيئة السيئة.

أما صاحب الإرادة القوية فيتوافق مع الله

ولا ينتظر حتى تتفضل عليه الكواكب والنجوم بابتساماتها..

بل يتابع مسيرته كالشهاب الثاقب

غير متأثر سوى بنجم الله الهادي

الذي هو شمس الشموس

 ورب الناموس والنفوس.

والسلام عليكم.


تفضلوا بزيارة موقع سويدا يوغا وصفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على فيس بوك

 لقراءة المزيد رجاء الضغط على Older Posts أو  Newer Posts
في أسفل الصفحة




No comments:

Post a Comment