Friday, November 7, 2014

همسات وقبسات جديدة



همسات وقبسات جديدة
للمعلم برمهنسا يوغانندا
PARAMAHANSA YOGANANDA

ترجمة محمود عباس مسعود

في أيام صيف الحياة
أستجمعُ الرحيق الوجداني
من زهور المزايا العذبة
النابتة في بساتين النفوس الطيبة
واختزن في قلبي العصارة المستقطرة
من رياحين التسامح الباسقة
وبراعم التواضع ذات الشذى الناعم
والنوارات النادرة للأفكار اللوتسية الغضة.
وعندما تنهمر حولي ثلوج تجارب الشتاء الباردة
والفراق الأرضي الأليم
ألتمس الدفء والسلوى
في الرحيق المختزن في خلية قلبي.
في تلك الخلية المباركة بحضورك
غالبا ما أجد النحلة الإلهية
ترتشف حلاوة أشواقي المعتـّقة
فأشعر بالطمأنينة والبهجة والعزاء.

سأكون شلالات الغبطة
 مدوّيا فرحي في تدفـّق متواصل
حيث يجرف السيل الجبار
 القرومَ الثقيلة لأحزان الآخرين وهمومهم.

سأندفع بسرعة خيالية
 فوق مساحات لا نهاية لها
 من النفوس المتألمة
كي أبدد مخاوفها
وأقضي على متاعبها.

سأكون وميض البرق الخاطف
 في الليل الداجي
كي أظهر على نحو رائع
جمالك المحتجب منذ القدم
خلف ظلمة العيون غير المبصرة.

سأكون أشعة القمر البهيجة
 مقصياً السوداوية عن وجه الأرض.

سأكون إشعاعات النور
المبددة للظلمة المتوارية
 في زوايا الأفكار البشرية.

وبنعمتك يا رب
 سيلاشي سطوعُ الحكمة المباغت
 الأخطاءَ المكدّسة عبر الدهور والأحقاب.

الرضاء الذي يولده الحب في النفس لا يكمن في الشعور ذاته
بل في الفرح الذي يجلبه ذلك الشعور.
لأن الحب يمنح الفرح.

إننا نحب الحب لأنه يمنحنا سعادة فائقة.
والحب ليس الغاية، بل الغبطة هي الغاية
والله هو الغبطة الدائمة والمتجددة أبداً.
وكذلك طبيعة النفس،  لهذا أنشد العارفون
 الذين اختبروا هذه الحقيقة وتذوقوا ذلك الفرح الروحي:

"من الفرح أتينا، وفي الفرح نحيا ويعوم كياننا
وإلى الفرح الكوني سنعود لنذوب في تلك الغبطة يوماً ما."

إن كل الأحاسيس السامية مثل الحب والمواساة
والشجاعة والتضحية والتواضع لا معنى لها لولا الفرح
فالفرح يعني الإنتشاء، وهو مظهر من مظاهر الغبطة الفائقة
أو الرضاء الأعظم.

{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} {إفرحوا وتهللوا}

ومع أن الفرح قد يتولد نتيجة لبعض الظروف الخارجية
لكنه في جوهره النقي غير مقيد بشروط
إذ غالباً ما يظهر دون ظروف مادية.

أحياناً قد تستيقظ في الصباح
 وتحس كأنك تكاد تطير من شدة الفرح
وعندما تجلس في سكينة التأمل ينبض الفرح في كيانك
دون أن يوقظه أي منبه خارجي.

إنه فرح الروح الذي لا نظير له.

أما عندما يقترن الفرح بظروف معينه
فهو لا يتولد من تلك الظروف نفسها
بل أن تلك الظروف عملت كوسيلة للإحساس بالفرح
الكامن أصلاً في النفس، فاحتفرت كالمعول في تربة النفس
 وأطلقت فوارة فرح من خزان الغبطة المخبوء في داخل الإنسان.

ولذلك، في التجربة البشرية عادة ما تمس الحاجة
إلى بعض الأحداث لاستخراج ذلك الفرح المتواري في الأعماق. 

والحب أيضاً من طبيعة الروح لكنه تابع للفرح
 إذ لا وجود للحب دون الفرح.
هل يمكن التفكير بحب دون فرح؟ بالتأكيد لا.

عندما نتحدث عن التألم الذي يولده الحب غير المتبادل
فإننا نتحدث عن حنين لم يتحقق
أما التجربة الفعلية للحب فيصاحبها الفرح دائماً وأبداً.

نحلة عقلي تطير
 إلى روضة قلبي المنعزلة
 المهفهفة بنسيم محبتي
 والمزدانة بلآلئ ندى عذوبتك.

لقد استنبتُّ لك زنابقَ رائعة
 من التمييز الروحي
 ونرجساً أصفر
 لاستيعاب دموع توبتي
 وبنفسجات رقيقة حالمة بالتواضع
 وأقاخيَ واسعة لمدركات الروح.

لك تقدّم أشجار أفكاري
 فواكه شهية من الابتهالات العاطرة
 بأكفٍ متواضعة من الغصون الغضة الندية.

وفي حديقة قلبي
 تحوم نحلة أفكاري
منتشية وسط تقدمات الرحيق النقي لك.

لقد نسي العالم بأسره المعنى  الحقيقي لكلمة "الحب".

وقد أسيء استخدام الحب ومُزق قلبه من قبل كثيرين من البشر بحيث لم يعد يعرف معنى الحب  سوى حفنة قليلة من الناس.

وكما أن الزيت موجود في كل جزء من حبة الزيتون هكذا يتخلل الحب كل ركن من الخليقة. لكن من الصعب جداً تعريف الحب لنفس السبب الذي لا يمكن للكلمات  أن تصف طعم البرتقالة إذ ينبغي تذوق الفاكهة لمعرفة نكهتها. وهذا ينطبق أيضاً على الحب.

كلكم تذوقتم الحب بصورة ما في قلوبكم ولذلك لديكم فكرة عن طبيعته. لكن الناس ككل لا يعرفون كيفية تنمية الحب وتنقيته وتوسيع نطاقه ليلامس الحب الإلهي.

هناك شرارة من الحب الإلهي  موجودة في معظم القلوب في بداية الحياة لكنها عادة ما تـُفقد لأن الإنسان لا يعرف كيف ينميها.

معظم الناس يعتقدون أنه لا ضرورة لتحليل طبيعة الحب. فهم يعرفون الحب كشعور يحسّون به نحو أقربائهم وأصدقائهم ونحو آخرين ينجذبون إليهم بقوة. لكن الحب أكثر من ذلك بكثير.

الطريقة الوحيدة التي يمكنني أن أصف بها الحب الحقيقي هي بوصف تأثيره. فلو أن الإنسان تمكن من الشعور ولو بذرّة من الحب الإلهي
لغمره فيض عارم من الغبطة يفوق قدرته على احتوائه.  

يجب أن نكون أقوياء في عمل الخير وأن نحاول مساعدة الآخرين. الشخص الذي لا يهتم سوى بنفسه وبأسرته فقط لن يعثر على قدر كبير من السعادة وإن لم يفكر بشخص آخر قد يكون متألماً فإنه يحرم نفسه من الفرح الذي يتولد في النفس حراء مد يد العون للمحتاجين ونتيجة لذلك سيبقى وعاء سعادته صغيراً ومحتواه منقوصاً.

المال بالنسبة لي يعني شيئاً واحداً: كي أستخدمه في عمل الخير ومساعدة الغير.

المخلصون الصادقون والراغبون في مصادقتك إكراماً لك وليس لأي غاية أخرى هم قلائل في هذا العالم.

هؤلاء المخلصون هم بهجة الدنيا والصداقة الحقة هي أعظم من أي ثروة في هذا العالم.

المخلص في تعامله مع الناس سيعثر على الله. ومن يمتلك المحبة في قلبه سيعرف الآخرين حق المعرفة تماماً كما لو كان ينظر من خلال زجاجة صافية فيرى ما بداخلها. ومعرفة الآخرين على هذا النحو تتأتى من محبة الله ومحبة الآخرين بتلك المحبة.

ملايين من الراغبين لا يتخطون مشاهد واختبارات العقل الباطن  الذي يظهر عجائبه أثناء النوم.  ولكن في الحالة السامية  تستطيع أن تبصر أو تعرف ما تريده  ليس بالخيال بل بالواقع. 

باستطاعتي أن أجلس على هذا الكرسي  وأحوّل عقلي إلى أي مكان وأرى بالضبط ما يحدث في ذلك المكان.

أحياناً يحيا المريدون في الوعي الباطن  وأحياناً يرتفعون إلى الوعي السامي. وهناك حفنة قليلة من المريدين ممن باستطاعتهم تخطي الوعي السامي وبلوغ الوعي الكوني: فضاء الروح الإلهي  الذي لا منشأ له ولا علة.

في حالة الوعي الروحي النقي لا حاجة للمريد أن يتخيّل الأشياء مسبقاً كيما يختبرها. فعندما يتوحد بالوعي الكوني يتمدد وعيه  ويمتزج في كل ذرة من ذرات الوجود ويصبح على دراية واعية بكل  الكون والكائنات.  ذلك الإختبار هو امتدادٌ للوعي لا انتهاء له.

من يختبر ذلك الوعي يحس أنه موجود في ألياف الأعشاب وعلى قمم الجبال،  كما يشعر بكل خلية من خلايا جسمه  وكل ذرة من ذرات الفضاء.

{أتحسب انكَ جرمٌ صغير ٌ .. وفيكَ انطوى العالم الأكبر؟!}

لكن الوعي الكوني هو ما وراء ذلك أيضاً. فعندما يستطيع المريد الإحساس بوجوده في كل الوجود.. يتذوق الغبطة اللامتناهية والحب الإلهي الأعظم.

{وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا ... بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي}

ويتوحد مع الوعي الإلهي الكلي الحضور.

{فاستبشر اللهَ خيراً وارجُ حظوتهُ ..  لا تيأسنَ من بلوغكَ الهدفا!}

لا يستطيع الإنسان أن يكون مع الله  لمجرد التفكير بأنه حاصل على الإستنارة الروحية.
فتقويم الذات وتحسين الأخلاق هما  مطلبان أساسيان لبلوغ الحالات العليا.

هناك بون شاسع بين معرفة الله الممكنة  ومعرفة الله الفعلية.  ليس بالإمكان التعرف عليه سبحانه  إلا بالتواضع والحكمة والإخلاص والأخلاق الفاضلة والشوق الوجداني.

 المتواضع هو الذي يتعرف على الله  ويعترف به الله.

الذين يتعمقون في ارتياد الوعي الكوني  ينمّون – تلقائياً – قدرات روحية فائقة وسيطرة على القوى الطبيعية.   لكن ما من إنسان حاصل على وعي الله الحقيقي  يستخدم قواه للتفاخر والمباهاة، دون حكمة أو تعقل.

الحكماء يدركون أن الله هو العامل الأوحد في الوجود وبتواضع يعيدون إليه المواهب الخارقة التي امتن عليهم بها.

أليس كل ما في الوجود معجزة؟ والإنسان لمجرد وجوده أليس هو الآخر معجزة؟

فإن كان بنو البشر غير قانعين بكل العجائب التي خلقها الله  فلماذا على القديسين القيام بمزيد من المعجزات؟

أولياء الله الصالحون لا يقومون بأي شيء  ما لم يطلب الله منهم عمل ذلك  ولأسباب غامضة وعويصة الفهم أحيانا.

سأوضّح بالمثال كيف يختلف الوعي السامي عن الوعي الباطن.

الوعي السامي هو تلك الحالة التي تستطع بها – أثناء اليقظة والنوم وبكامل وعيك – استحداث أي إحساس في الجسد بالإرادة وبدون أي منبّه خارجي.

في عالم الخيال اللاشعوري (في دنيا الأحلام) تستطيع أن تشرب كوباً من الحليب الساخن
 لكن هذا الإختبار يَفرض نفسه عليك فرضاً. أما  في الوعي السامي فتستطيع أن تختبر نفس الشيء  أو أي شيء آخر بوعي إرادي أو بإرادة واعية.

 الطريق قد يبدو طويلاً إنما رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.  وما دام الإنسان متفائلا فلا يمكن لأي عائق أن يحول دون تحقيق الغاية المرجوة.

ما زلت أذكر الحيوات الماضية
 التي بها بحثتُ عنك.
وأذكر الليالي العديدة
المزدانة بوميض النجوم
وإطلالات الفجر
ذات البراءة الندية
وساعات الشفق المتناغمة
 مع إيقاع أجراس القطيع
والأعوام الكثيرة المرصـّعة
 بزهور ونوّارات الربيع
ونسائم الصيف
 وغلالات المطر الشفافة
وعناقيد الجليد الماسية
في فصل الشتاء.
آه، كم من مرة انتظرت قدومك

 بقلب يرقص فرحاً
ونفس تكاد تطير شوقاً إليك!

إننا نستمتع كل ليلة أثناء النوم الهادئ الهانئ بتذوق السلام والفرح.
فعندما نغط في سبات عميق يجعلنا الله نحيا في الوعي السامي الساكن، الذي به ننسى كل مخاوف وهموم هذا الوجود.

 في التأمل يمكننا أن نختبر تلك الحالة النفسية المباركة حتى في ساعات اليقظة، وأن نتذوق سلاماً من مستويات أخرى.

عندما يحل الفرح المقدس يصبح تنفسي هادئاً وأرتفع بالروح فأشعر بغبطة ألف نوم مرة واحدة، ومع ذلك لا أفقد شعوري العادي.  هذه التجربة الكونية هي من نصيب المتعمقين في بلوغ الحالة السامية للوعي.

عندما يمتلئ كيان المرء بنشوة الله العارمة يصبح الجسد ساكناً بالمرة ويتوقف النفـَس عن الإنسياب، وتصبح الأفكار هادئة، بل وتتلاشى تدريجيا ويحس المتأمِل بحقيقة روحه وبقربه من الخالق فينهل من النعيم الإلهي ويتذوق نشوة الفرح الذي تعجز عن تقديمها ألف جرعة خمر.

الشخص العادي يشعر بالنعاس عند الخط الفاصل بين اليقظة والنوم، فيحس ببعض السعادة، لكنه يفقد ذلك الإحساس بسرعة ويغط في نوم عميق.  النوم ليس فقداناً كلياً للوعي لأنك عند اليقظة تعرف ما إذا كان نومك مريحاً أم لا.

هناك حالات متعددة للنوم.. بعضها خفيف وبعضها عميق.  لكن الاختبارات الروحية التي تحصل للإنسان مع الله بحالة واعية هي أكثر انتشاءً وانتعاشاً من أعظم غبطة نوم أو كـَرى (الوسن أو النعاس الذي يسبق الإغفاءة)

(وإنْ لم تكن عندي كسمعي وناظري

فلا نظرتْ عيني ولا سمعتْ أذني

فإنكَ أحلى في جفوني من الكرىَ     

 وأعذبَ طعماً في فؤادي من الأمن ِ)

وما وراء غوامض النوم ومجاهله تكمن هذه المباهج المقدسة.

لا يمكننا إرضاء الجميع لأن ذلك أمر مستحيل. إنني أحاول أن لا أزعج أحداً. أعمل ما بوسعي
وهذا كل ما أستطيع أن أفعله.

يجب أن ننشد رضاء الله أولا. غايتي الوحيدة هي مرضاة الله. أستعملُ يديَّ لأبتهل بخشوع أمامه وقدميَّ لأبحث عنه في كل مكان وعقلي لأفكر به وأتأمل روائعه.

يجب أن يحتل الله المقام الأول في قلوبنا حتى نتمكن من الإحساس به سلاماً ومحبة وفهماً ولطفاً وتعاطفاً وحكمة.

هذا لا سواه ما أتيت لأشهد به وأتحدث عنه. إضافة إلى التأمل ينبغي الإحتفاظ بالصحبة الطيبة.
يجب أن لا نركض وراء الناس بل وراء الله.

إن كنتتم تجدون فائدة من هذه الأفكار فاعتبروها بركة من الله لأن الفضل كل الفضل يعود إليه،

تحدثوا عنها للآخرين لعلهم يجدون فيها ما تجدونه. يجب أن لا ننسى تقديم المساعدة لمحتاجيها كل يوم على قدر طاقتنا. ما دام في جيبي مال لا أكف عن العطاء لأن بنكي الذي لا ينفد ولا ينضب معينه هو الله.

ويجب أن نعرف الله مثلما عرفه العظماء. ذلك مستطاع عن طريق التأمل والمجهود الشخصي.

ذات مرة كنت أتمشى خارج الصومعة مفكراً بمعلمي العظيم سري يوكتسوار الذي كان قد فارق الحياة قبل ذلك ببضع سنين.

شعرت بشوق غامر له وحزنت لأنه لم يكن معي ليستمتع بجمال الصومعة وجوّها، وفجأة تراءى لي من السماء وقال:

"أتظن أنك الوحيد المستمتع بهذا المكان الجميل؟ فأنا أيضاً أستمتع به مثلك!"

يجب أن يجتهد المريد الراغب للتوحد مع الله عن طريق الممارسة اليومية للتأمل ومحبته
ومحبة الجميع بتلك المحبة.

تلك هي الطريقة الوحيدة لتلافي الحروب. التعاون الروحي مطلوب إذ بدون الروحانية الحقة لا توجد سعادة فردية أو عالمية. التناغم المقدس هو الحل الوحيد لكل المشكلات الجسدية والمالية والزوجية والخلقية والروحية.

السعادة تأتي من الإحساس بقرب الله. لقد سجن الإنسان نفسه خلف قضبان الجهل وآن له أن يتحرر من هذا السجن المهين. يجب أن يبقى الفكر دائم التوجّه إلى الله مهما كانت الظروف
وعندها ستشعر بسلام وفرح عظيمين.

إن الذين يتشوقون لله ويكرّسون كيانهم له ويشجعون وينوّرون بعضهم بعضا ويلهجون بذكر الله دوماً هم السعداء في هذه الدنيا وهم الفائزون بنعيم الآخرة.

كل ما في الوجود هو اهتزاز موجيّ موجّهٌ بعقل الله. وذلك الإهتزاز الموهوب بالذكاء هو الروح القدس أو الروح الأمين  الذي يمكن التواصل معه عن طريق الدعاء والتأمل.

في سكون روحك وفي خميلة تركيزك العقلي  لا نهاية لحكاية الغرام مع المطلق اللانهائي.
لكن من الصعب الحصول على الله إن سعينا وراء المال أولاً.

يجب أن نجعل الله جزءاً لا يتجزأ من حياتنا وعندها سنحصل على كل ما نحتاجه في هذه الحياة.

من يجعل لله مكاناً دائماً في قلبه يجعل الله نصيبه وافراً من خيرات الأرض والسماء ويفتح أمامه آفاقاً واسعة  تسطع فيها شموس الحكمة  فتنير دروبه وتبدد الظلام من حوله.

 الله هو المحب الأبدي ولا سعادة للإنسان إلا عندما يحب الله  كمحبته – على الأقل - لأعز الناس لديه لأنه لولا الله لما عرفنا ماهية الحب ولا تذوقنا طعمه.

يجب أن نتعلم استخدام الإرادة وتركيز العقل من أجل البحث عن الله بمجامع الفؤاد.

 أفعال الإنسان تفرضها رغباته وتلك العادات تضطره دوماً لفعل ما لا يريد أن يفعله.
 حقاً إن الإنسان عدو نفسه ولا يعرف ذلك.  هو لا يعرف كيف يجلس بهدوء  ولا يخصص وقتاً لله ومع ذلك يريد أن يحصل على السعادة ويضمن وصوله إلى الجنة دون إبطاء!

 لا يمكن الحصول على الإختبار المقدس من خلال قراءة الكتب فقط أو الإصغاء للمواعظ
 أو القيام بالأعمال الخيرية وحسب.  هذه كلها نافعة ولا شك لكنها غير كافية. التواصل مع  الله يلزمه تركيز دقيق وتأمل عميق.

الحياة حلم كبير

تصوروا! بعد عشرات السنين من الآن سيصبح وجودنا هذا حلماً، وكل ما نفعله الآن سيصبح جزءاً من ذلك الحلم.

 وحتى عظماء الإنسانية أصبحوا خيالاً في وعي البشرية.  لكن أولئك العظماء نالوا الأرب لأنهم بلغوا الغاية القصوى وما زالوا أحياء بالروح وهم على دراية حية وواعية بكل ما يحدث لأنهم متوحدون في الوعي الإلهي.

وكل من يحاول التناغم معهم من خلال أفكارهم وتعاليمهم سيحس حتماً بحضورهم ويستجلب بركاتهم وسيعلم في قرارة نفسه أنه على تواصل فعلي معهم.

الحياة حلم كبير. ومع ذلك فعندما ينظر الإنسان إلى جسمه يجده نابضاً بالحياة فتتولد لديه قناعة تامة بحقيقة هذا الحلم. يظن أنه ينبغي له الحصول على هذا الشيء أو ذاك حتى يصبح سعيدا.

 لكن مهما تحققت رغباته لن يعثر على السعادة من خلالها. كلما زادت مكتسبات المرء زادت رغبته في الحصول على المزيد. يجب غربلة المشتهيات وتبسيط الحياة إن أراد الإنسان أن يحيا براحة وطمأنينة ورضاء باطني.

تقول الأسفار المقدسة أن الذي تنساب رغباته دوماً نحو الداخل (باتجاه روحه) هو إنسان على درجة عالية من الرضاء النفسي. وهو في ذلك يشبه البحر الذي لا يتغير ولا ينقص، بل يبقى زاخراً بالمياه التي تنساب إليه دون انقطاع. أما الذي يُحدث ثقوباً من الرغبات في صهريج سلامه ويسمح للمياه الحيوية بالتسرب والهدر لا يعرف شيئاً عن السلام الروحي والسعادة الباطنية.

إننا بحاجة إلى التوجيه من العارفين بالله الذين لهم القدرة على التواصل معه والإحساس الواعي بحضوره.

لقد طلب منا الأنبياء كي نطلب الله في السكينة الباطنية..
في خلوات النفس حيث الروح الأمين والفرح الروحي الفائق.
المستنيرون يؤيدون أيضاً هذه الأفكار
ويؤكدون على أهمية التأمل العميق
 لإدراك الذات العليّة في أعماق النفس.

لا أريد أن يظن الناس أن بمقدورهم بلوغ المعرفة بمجرد الإصغاء إلى الآخرين أو مطالعة الكتب.  بل يجب أن يطبّقوا ما يقرؤونه ويسمعونه.

 الذهاب إلى أماكن العبادة  أفضل من الإنهماك في الثرثرة العقيمة.

 لكن حتى في أماكن العبادة يجب أن يلامس الإنسان حضور الله ويشعر به في قلبه.

النوبات العاطفية والتحليلات العقلانية لا يمكن أن تمنحنا المعرفة الإلهية التي تحن نفوسنا لاكتسابها.

عندما نسلم أنفسنا لله ونودّع الرغبات الأنانية.. وعندما نتيقن بأن الله معنا على الدوام..
يسكن أرواحنا ويلهمنا الأفكار والمشاعر الطيبة النبيلة سنمتلك السعادة والحرية وسنعاين شروق شمس الحكمة في أفق الروح.

الفأر الذي أصبح نمراً
كما رواها الحكيم برمهنسا يوغانندا

في سالف الأزمان،  ووسط إحدى الغابات كانت توجد صومعة يسكنها قديس عارف بالله. هذا الرجل المبارك كان يمتلك حكمة كبيرة وقوى خارقة، ولم يعش أحد بالقرب منه سوى فأر أليف صغير.

العديد من التلاميذ وغيرهم ممن كانوا يرغبون بمشاهدة القديس تجرؤوا على زيارته بالرغم من وجود النمور الكاسرة وغيرها من الوحوش المفترسة محبة في زيارته. وكانوا يأخذون معهم زهوراً وفواكهَ تقدمة له. وكل من زار القديس كان يتعجب من تلك الإلفة القائمة بينه وبين الفأر، وكانوا يلقون ببعض الفتات لفأر القديس الأليف.

ذات يوم وبينما كان جمعٌ من التلاميذ في زيارة للمعلم في خلوته المنعزلة، إذ بقط يطارد الفأر الذي أتى صارخاً إلى أقدام الحكيم طلباً للحماية. في تلك اللحظة، وأمام أعين التلاميذ المنذهلين، قام القديس بتحويل الفأر المذعور إلى قط كبير شرس! وبقدرة قادر صار هذا الفأر يتبختر ويصول ويجول بلا خوف أو وجل في صحبة القطط دون أن يلحقوا به أذى. وكان سعيداً للغاية لهذا التحول الجديد ولم يعكر صفوه أو يكدر عيشته سوى تهامس التلاميذ عندما كانوا يتغامزون ويشيرون إليه على أنه هِرٌ من أصل فئران.

بعد ذلك بفترة ذهب نفس التلاميذ لزيارة معلمهم ثانية وإذا بقطيع من الذئاب يطارد الهر- الفأر الذي راح يموء بأعلى صوته ملتمساً الحماية عند قدميّ القديس الذي قال له: فلتتحول إلى ذئب. وعلى الفور أبصر التلاميذ المندهشون الفأر- الهر وقد تحول إلى ذئب أمام أعينهم. كما دُهش الذئاب أيضا لهذا الانقلاب الفوري في شكل طريدتهم، فخاب أملهم ورجعوا جائعين. أخيراً صار الفأر – الذئب يسرح ويمرح مع الذئاب الأخرى ويأكل معهم ويحتقر الحيوانات الأصغر منه.

وفي مناسبة أخرى كان نفس التلاميذ الذين رأوا بأعينهم المعجزتين السابقتين يدرسون مع معلمهم. وفي منتصف الدرس اعتراهم الفزع لرؤية أحد نمور البنغال الضخمة مطارداً الذئب- الفأر الذي كان منطلقا كالعادة بأقصى سرعة إلى أقدام المعلم طلبا للحماية. فما كان من المعلم إلا أن استعمل من جديد قواه المعجزة فأوقف النمر مكانه، وخاطب ذئبه الأليف قائلا: "يا حضرة الفأر، من الحماقة أن أواصل حمايتي لك من أعدائك. ومن هذه اللحظة أريدك أن تصبح نمراً." وما أن هدأ روع التلاميذ حتى راحوا يضحكون ويقولون لبعضهم: "يا سبحان الله! انظروا إلى نمر القديس الشرس! فهو ليس سوى فأر حوله القديس إلى نمر!"

ومع مضي الوقت أدرك زائرو الصومعة أن النمر المخيف الذي كان يتولى حماية المكان لم يكن بالفعل سوى فأر صغير رقـّاه المعلم إلى فصيلة النمور. وكان التلاميذ المتقدمون يطمئنون الوافدين الجدد للصومعة قائلين لهم: "لا تخشوا النمر فهو بالحقيقية ليس نمرا، بل فأر أعطاه المعلم صورة نمر."

هذا الفأر المتنمر تِعبَ أخيراً من تلك الإهانة العلنية وفكـّر بينه وبين نفسه: "آه، لو تمكنت من القضاء على القديس نفسه فسأتخلص عندئذٍ من سبب تعاستي."

وما أن خطرت تلك الفكرة في باله حتى وثب على الحكيم ناوياً قتله. لكن الحكيم كان له بالمرصاد إذ كان متتبعاً لمسار تفكيره وعالماً بنواياه،  فعرف على الفور ما كان يرتسم في دماغ نِمرهِ العاق،  فزعق به قائلا: "عُد كما كنت."

 وهذا الذي حدث، إذ بمثل لمح البصر تحول ثانية النمر المغرور إلى فأر مذعور!

كل واحد يرغب في الحصول على أكثر مما لدى الشخص الآخر من مال.  وعندما يحصل عليه يبقى غير قانع لأنه يكتشف أن شخصاً أخر أغنى منه. 

الناس يعيشون في دوامة من الشقاء من صنع أيديهم وخلق مشتهياتهم.

 يجب أن نرضى بما لدينا لأن الأشياء المادية لا تمنح السعادة بل كثيراً ما تضاعف هواجس الإنسان  وتزيده قلقاً وتحسباً.

الطريق إلى الله هو أبسط وأسهل الطرق ومع ذلك فقلائل هم الذين يسيرون عليه  بالرغم من الطقوس والشكليات الدينية العديدة.

 من الأفضل أن نتوجه بقلوبنا إلى الله ونطلب منه ما هو أفضل لنا وأبقى.

في الحقيقة أن الله بانتظارنا  لأنه يريد أن يبعدنا عن بؤر الشر ومطبّات الخطر.  يريدنا معه في قلوبنا وأفكارنا لأن بضاعة الدنيا الرخيصة  لا تشبع حنين الإنسان ولا تسد الفراغ الروحي
الذي يحسه في أعماقه

 إن الله يتحدث إلينا على الدوام ولكن قلائل هم الذين يسمعون صوته.

 ذلك الصوت الهادئ غالباً ما يطغى عليه زعيق الأفكار الصاخبة والمشتهيات الصارخة.

 لكن عندما تهدأ الأفكار وتهجع الرغبات نسمع صوت الله بكل جلاء بالرغم من كونه صامتاً خافتاً.

حقاً أن الله يفعل كل شيء لمساعدة الإنسان.. يفتح أمامه الأبواب ويضيء دروبه
ليتبين مواقع خطواته فلا يعثر ولا تزل قدمه ولكن أكثر الناس لا يدركون هذه الحقيقة.

العالم بجملته غارق في مغاصات التشويش والتخبط  بفعل الرغبات الأنانية الجشعة التي تخلق الحروب. لا شيء آخر يخلق الحروب.

البَطل الأعظم في معركة الحياة هو الذي يقهر نفسه  ويتغلب على أهوائه.

 المال والشهرة والرغبات وكل ما يناقض هذا المبدأ هو ضار بسلامنا وسعادتنا.

  لو أن الناس يتعلمون كيف يفكرون دائماً بقيم الحياة الحقيقية لوجدوا السعادة التي ينشدونها
 لكنهم ينحرفون عن قصدهم  وينجرفون مع تيار الرغبات الأرضية.

 لقد وجدتُ أنه ما من إغراء يمكن أن يبعدني عن الدرب الذي اخترته والسبيل الذي انتهجته لنفسي.

أستطيع أن أسحر الألوف بالقوة التي وهبها الله لي  لكن ذلك المسلك سيكون ضاراً بي.
  وعلى أية حال لا أرغب في سحر الألوف واستلاب عقولهم.

 أحب فقط أن أرى المريدين الصادقين الراسخين في الله.

محبو الله سيتذوقون هذه الأفكار والذين يستمر حماسهم سيشعرون ببركات الله
وحضوره من خلال هذه التعاليم.

مستحيل أن يستطيع الإنسان مخادعة الله  لأنه موجود خلف أفكاره مباشرة  ويعرف ما يدور في خلده وما يشتهيه.

 ومتى زهد بالعالم ورغب في التناغم الروحي  سيأتي الله إليه.

 متى تأصلت تلك الرغبة في قلب الراغب يأتي الله إلى ذلك القلب ويملأه خيراً وبركة.

الأشياء المادية تمنح سلاماً مزيفاً ورضاء كاذباً ليس أكثر.  الشيء الوحيد الذي يستحق أن يحيا الإنسان من أجله هو التوافق مع خالقه والحصول على رضاه.

ذلك التوافق يجب أن يكون عهداً أبدياً وميثاقاً لا يُنقض.

اجعلني يا رب شفـّافا بالنقاء علـّني أبرز نورك الشافي في داخلي.

هدّىء مرآة عقلي المهتزة بالقلق علـّـها تعكس وجهك اللامتناهي.

وافتح نوافذ الإيمان في روحي حتى أتنشق عبير سلامك.

لقد أدركتُ أن غاية الحياة الوحيدة هي معرفة الله.

هناك أناس قد لا يكونوا مقتنعين  بأن معرفة الله هي غاية الحياة. ولكن ما من أحد ينكر أن هدف الحياة هو العثور على السعادة.  وأقولها بكل ثقة ويقين أن الله هو منتهى السعادة.
هو النعيم العظيم.

هو الحب الكوني المطلق. هو الفرح الأبدي الذي لا يفارق نفوس المتناغمين معه. فلماذا إذاً لا نحاول الحصول على تلك السعادة الكلية؟

لا يستطيع شخص آخر أن يمنحها لنا.  يجب أن ننميها ونغذيها في نفوسنا على الدوام.

العالم يحاول جاهداً وباستمرار  منح الناس ملذاته، لكن مثل تلك المتع العابرة نهايتها الحسرة والمرارة والندامة.  وحتى أوفر الناس حظا ممن يبدو حاصلاً على كل شيء قد لا يكون مع ذلك سعيداً ولن يرضى بالأرضيات طويلا لأنها لا تروي عطشه الحقيقي ولا تشبع جوعه الروحي.

كلما أكثرنا من التركيز على الأشياء الخارجية كلما قلـّت إمكانية إحساسنا بالمجد الباطني
 الذي يمكننا اختباره بتذوق الغبطة الأبدية للروح الإلهي.

 وكلما توجهنا إلى الداخل كلما قلـّت مصاعبنا الخارجية.  إنها معادلة ثابتة لا تتغير لكن معظم الناس لا يدركون هذه الحقيقة بفعل تأثير الصحبة الدنيوية والمجتمع الذي يعيشون فيه والعادات غير السليمة.

المجتمع يُبقي الشخص غارقاً ومنهمكاً في أمور سطحية  دون السماح له بالتفكير في حقائق أكثر عمقاً.

وحتى الأماكن الروحية يزورها البعض دون رغبة حقيقية  في الإستفادة من جوها المبارك
 فلا يستفيدون شيئاً يُذكر من تلك الزيارات.

من يرغب في معاينة الله يبصره في كل مكان. عادات الإنسان السلبية سالبة ناهبة
 مفترسة ضارية تهدم وتتلف وتمحق وتبيد.

 لقد آن الأوان كي يتعلم الإنسان كيف يكون سعيداً، قنوعاً بما لديه.

 ويجب ألا يرغب في أي شيء أكثر مما يأتي إليه.  الله كريم، يعرف ما يلزمنا ويزودنا به في حينه.  هذا لا يعني أن نتوكل على الله  دون بذل المجهود.. إطلاقاً. المقصود هو أن نقوم بدورنا خير قيام  ونترك الباقي على الله الذي لن يحرمنا أبداً مما نحتاجه ونستحقه.

إن أفضل طريقة لأن نكون سعداء بغير انتهاء هي الشعور بالحضور الإلهي. رغبتنا السامية يجب أن تكون معرفة الله والتصميم في أن نكون معه.

 يجب أن يكون لله المقام الأول والأرفع  في أفكارنا وأحاسيسنا وأن نعتبره الركن الأقوى والأكثر رسوخاً في حياتنا.

إن الله برحمته المطلقة
 يمنحنا فرحه وإلهامه..
ويمنحنا الحياة الحقيقية..
والحكمة الحقيقية..
والسعادة الحقيقية..
والفهم الحقيقي من خلال
 كل اختبارات حياتنا المتنوعة.
لكن مجد الله لا يظهر
إلا في السكينة الروحية التي تحسها النفس
وفي محاولة الفكر الجادة للتناغم معه.

هناك نقف وجهاً لوجه مع الحقيقة.
في الخارج الأوهام قوية للغاية
وقلائل جداً هم الذين يستطيعون التخلص
ن تأثير البيئة الخارجية.

 العالم يستمر بتعقيداته اللامتناهية
 وتجاربه التي لا تعد ولا تحصى.

 إن صوت الله يكمن خلف مظاهر الحياة
 ينادينا دوماً ويتحدث إلينا
من خلال الزهور والكتب المقدسة
 ومن ضمائرنا
 ومن خلال كل الأشياء الجميلة
 التي تجعل الحياة جديرة بالعيش.

عندليب السماء

أنا عندليبك الصاعد إلى سموات حضورك الكوني في بحث دائم عن قطرات غيث حقيقتك.
لقد ابتهلتُ لك بثقة عميقة كي ترسل من غيوم الصمت القاسية زخـّات رحمتك.
وإذ كنتُ في منتهى العطش فقد تلقفت بشوق كل نقطة مقدسة من إدراكي لك.
آه كم تحرّقتُ لأحس بحضورك في داخلي ومن حولي!
لم ينطفئ عطشي المزمن إلا عندما برّدتْ لمستك نفسي المضطرمة وكياني المتأجج حماساً وحنيناً. لقد انقضى موسم جفاف اليأس والقنوط وتلاشت يبوسة المنغصات لدى انهمار مطر سلامك.
والآن أحوم بهدوء وأحلـّق مترنماً بأناشيد القناعة والرضاء.
أنا عندليبك الذي لا يشرب سوى مياه عزائك المنحدرة بلا انقطاع من علياء وجودك.

الأنانية الفردية والصناعية والسياسية والمشاعر المتأججة  بأوهام سمو عرق على آخر.. والإتجار بالعقائد والمعتقدات كلها أحدثت الفرقة والتباعد بين الشعوب والأجناس ومزقت الأرض بالحروب ونتيجة لذلك يحدث ما يحدث من دمار اقتصادي وجهل روحي وشقاء جماعي.

إن تنمية مزيج من المزايا الروحية والفعالية المادية والسمات الإنسانية النبيلة  التي نراها ظاهرة في حياة الناجحين  هي جوهر العيش السعيد  ومن شأنها أن تنتج أرقى البشر
في أي زمان ومكان.

يجب أن نتبنى المُثل العليا من تفكير سليم وتصرف حسن وتعاطف وجداني صادق مع الآخر.

حقاً أن الإنسان يتسامى بالإنصاف والتعاطف وبالتنمية المتساوية والمتوازية للجوانب المادية
والفكرية والروحية والخلقية في شخصه.

غاية كل البشر هي إحراز السلام والرضاء والأمن والمعرفة والخلود.

وفي هذا الشوق للكمال المخبوء في داخلنا تكمن صورة الله..

وهذه الصورة المباركة تحاول إظهار ذاتها من خلال البشر المتناغمين مع طبيعتهم العليا.

التعدد هو قانون الطبيعة والوحدة تفضي إلى المطلق.

بالإنفصال والتعداد يصبح العالم قِدراً تفور وتغلي بالآلام والمعاناة فوق نار الحروب والموت..

والعيش المثالي الذي يؤلّف ما بين القلوب ويقرّب النفوس من بعضها ويوحدها مع الحق
 هو طريق السعادة والسلام  والخلود.

لا شيء يمكنه أن يمنحنا الرضاء ويمسح من عيوننا دموع الشقاء إلا الله وحده.

نفس الإنسان هي جزء منفصل عن الكل ويجب أن تعود إلى الكل كي تصبح كاملة. وبحثنا عن السعادة يجب أن يقودنا إلى الله ينبوع كل المسرّات.

ورغبتنا في المعرفة يجب أن تروي ظمأها من ينابيع الحكمة الإلهية. وسلامنا لن يكتمل إلا إذا توحّد مع سلام الله الذي يعصى على الوصف.

وجودنا يحتاج إلى وجود الله كي يصبح خالداً ووعينا سيصبح دائم التمدد والإتساع عندما يلامس الوعي الكوني ويتحد به.. وفرحنا سيكون لا متناهياً وسيزداد ملايين المرات عندما يقترن بالفرح الإلهي.

المبطان الذي قتله الشره

ذات مرة تناول حكيمٌ الطعام مع شخص شره فقال الحكيم: "إنني أحب هذا الطعام الطيب"
لكنه لم يأكل كثيراً. أما المبطان النهيم الذي لم يكن قد ذاق في حياته مثل تلك الوجبة الشهية
فقد ظل يلقم حتى انبشم ومات من التخمة، طالت أعماركم.

الحكيم ذو الإرادة استمتع بالطعام لكن دون التعلق الحسي الذي قضى على الجشِع. والحكيم كان على تناغم  مع طاقات روحية شفافة تغذي روحه وتنعش خلايا جسده وعندما تناول الطعام تناوله باعتدال حتى لا يعيق أو يعرقل  مدد الطاقة الكونية الذي كان على دراية واعية بانسيابه إليه.

ليس من الضروري ترك كل شيء والتقشف حتى يحيا الإنسان حياة روحية لكن من الضروري التذكر بأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

جنة المحبة وفردوس السعادة

في وهج نورك المبارك أقدّم ابتهالات روحي
وأسألك أن تتقبل تقدمة قلبي المتواضعة.
ابعد عني أشباح الظلام
وارمقني من عين السماء
ومن منافذ قلبي ومشاعري
واظهر لي في هيكل محبتي لك.
باركني كي أرى الخير
وأفكر بالخير
وأصاحب الطيبين الأخيار
وكي أتأمل عليك
يا من أنت منبع كل خير وصلاح.
بنعمتك سأطرد من محراب روحي
كل الأفكار الناشزة
وأتناغم مع حضورك المبارك في ذاتي
علني أحيا في فردوس السعادة
وتتوارد عليّ الخواطر النبيلة السامية.
انفحني بعطر غبطتك
وليغمرني حبك القدسي على الدوام.
باركني كي أحيا في جنة المحبة
متنعماً بحضورك الإلهي
وسلامك السماوي
وكي أدرك أنني نفس خالدة
وأنني أحيا بنورك
وأعيش ببركتك.

إلهي الحبيب
من روضة الفجر
أقطف لك زهور النور
لأضعها تقدمة متواضعة
على قدميك.
دع النجم الثاقب لحبي لك
 يندفع بقوة متعاظمة
 عبر أجواء ذهولي
 وغفلتي عنك
 ويبدد ظلمتها.
لا تنسني
 حتى ولو نسيتك
اذكرني
 وإن لم أذكرك.

تفضلوا بزيارة موقع سويدا يوغا وصفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على فيس بوك

لقراءة المزيد رجاء الضغط في أسفل الصفحة على Older Posts أو Newer Posts

No comments:

Post a Comment