Saturday, January 5, 2013

بين خيارين

الرجل الذي رفض الذهاب إلى الجنة
للمعلم برمهنسا يوغانندا
ترجمة محمود عباس مسعود
-------------------------

في قديم الزمان عاش زاهد متنسك على ضفاف نهر مبارك، وقد صرف سنوات طويلة من عمره في التأمل العميق لكن للأسف لم تكن جهوده مثمرة ولم يفرح بجني محصول وافر بالرغم من مجهوده في البحث والتنقيب عن أسرار الحياة ومنابع الغبطة

ومع أن صاحبنا كان محاطاً طوال الوقت بجو سماوي من حيث المناظر الخلابة والنفوس الطيبة والكتب القيّمة وحلقات الذكر المباركة، ظل عقله مع ذلك يفكر بأنسب الطرق لتشليح الناس وإلحاق الأذية بهم

ذلك التفكير كان خارجاً عن إرادته وعلى ما يبدو كان ناجماً عن أسباب كارمية موغلة في القِدم. وكلما كان يحاول طرد تلك الأفكار غير المرحب بها كانت تقتحم عقله بقوة أكبر فتعكر سلامه وتحرمه راحة البال

أخيراً وعد نفسه قائلا:  سأواصل الدعاء والإبتهال ولن أتوقف حتى أتحرر من هذه الأفكار المقلقة التي تطعن خاصرة سلامي أثناء تأملي

مرت ساعة، ثم ساعتان والأفكار الشريرة تتوارد على ذهنه كالإعصار فتضرب هيكل تأمله وتهزه هزاً عنيفا

أخيراً وبعد انقضاء ثلاث ساعات من المحاولة المضنية، تلاشت الأفكار المزعجة فجأة من عقله وبدلاً منها أبصر في رؤية جميلة ولياً من أولياء الله واقفاً بلحمه ودمه أمامه

لم يبدُ الولي المتألق حياً وحسب بل نطق بعبارات غاية في الرقة قائلا

"يا بني، في تجسدك السابق كنت لصاً محترفاً لا هم لك سوى الإيقاع بالآخرين وسلبهم ممتلكاتهم. إنما قبل وفاتك بقليل استفاق ضميرك فعقدت العزم على التصحيح وعاهدت نفسك على أنك ستغير مسلكك المشين وتتبع مسار الخير. لهذا السبب ولدتَ في هذه الحياة بتصميم روحي قوي لأن تكون إنساناً صالحاً ولكن مع ذلك جلبت معك أيضاً أفكاراً سيئة كانت محور حياتك في تجسدك السابق

  ومن المؤسف يا بني أنك تعيش في هذه الأجواء المباركة وحولك أصدقاء طيبون وحلقات ذكر وتأملات ومع كل ذلك تعيش في جحيم من القلق النفسي والأفكار المتلاطمة الهدامة

بعد برهة من الصمت واصل الولي حديثه

  لذلك، ووفقاً للقانون الكوني، ولأنك لم تبذل قصارى جهدك للإستفادة من الفرص الروحية المتاحة لك في هذا التجسد فإنك ما لم تضاعف جهودك التأملية الآن سيتحتم عليك عند الموت أن تختار بين أمرين إثنين
إما العيش في الجنة مع عشرة حمقى أو العيش في الجحيم مع حكيم واحد، فأيهما تفضل؟

فأجاب المريد دون تردد

  يا ولي الله، أحبذ العيش في الجحيم مع حكيم واحد لأنني أعلم من تجربتي الذاتية أن عَشرة حمقى يصنعون من النعيم جهنماً، في حين أؤمن في قرارة نفسي وأعلم علم اليقين أنني إن كنت مع حكيم واحد، حتى في قاع العالم السفلي سيساعدني على تحويل الجحيم إلى جنات النعيم 

والسلام عليكم
مزيد من خواطر وتعاليم المعلم برمهنسا في سويدا يوغا



إسم المعلم برمهنسا يوغانندا يكتبه البعض على هذا النحو
 بارامهانسا يوغاناندا
 

No comments:

Post a Comment