Sunday, January 20, 2013

فولاذ الحكمة والأمراض الثلاثية

فولاذ الحكمة والأمراض الثلاثية
---------------------------------------

قال: هل تؤمن بالنمو الذاتي؟

أجاب: نعم أؤمن
قال: وكيف ننمو؟

أجاب: ننمو من خلال كل تجربة نمر بها ما دمنا ندرك أن بمقدورنا استخلاص دروس نافعة منها. فلكل ما نختبره من ألم ومعاناة معنىً وغاية. وبالرغم من قسوة التجارب، لكنها كالنار التي تصهر خام الحديد إلى فولاذ جميل المنظر، قوي التحمّل ومتعدد الإستخدامات

قال: وماذا تعني هذه المقارنة؟

أجاب: إن فولاذ الحكمة الذي نستخرجه بفعل نيران التجارب الحارقة هو شيء رائع. فالحياة تطهرنا بتحويل معادننا الخسيسة إلى عناصر نفيسة بحيث يمكننا أن نعيش في هذه الحياة كنفوس نقية بنقاء الجواهر، صلبة بصلابة الفولاذ، وفي نفس الوقت مرنة وقابلة للإنحناء دون التعرض للإنقصام تحت ضغوطات المحن والتجارب الصعبة

قال: وهل للحزن والجروح النفسية من مغزىً أيضاً؟

أجاب: إنها ترقق الأحاسيس وتقرب الإنسان من خالقه

قال: أرى أحياناً وجوهاً كالحة لا تضحك حتى للرغيف السخن
أجاب: عندما نرى وجوهاً مشوهة بالغضب، ممسوخة بالوحشية يجعلنا منظرها نرغب بطرد البشاعة من النفس التي لا يدنسها شيء كنوايا الشر والأحقاد الدفينة التي تحجب صورة النفس المباركة في الإنسان مثلما يلوث السخام صفحة المرآة. فتصرفات الآخرين المؤلمة يجب أن توقظ بنا الرغبة لتحسين تصرفنا وضبط أنفسنا كي نكون سادة لأهوائنا الجامحة لا عبيدا لها

قال: وهل من كلمة عن الكلام؟

أجاب: الكلام العذب ترياق عجيب للعديد من الأمراض وفيه قوة سحرية ومغناطيسية جبارة تجلب الكثير من الخيرات والبركات لصاحبه. فالذي يستخدم الكلام العذب المهدّئ للخواطر يشعر بتيار خفي ينساب من خلاله دون انقطاع ويمتلئ كيانه بفيض من الطمأنينة لأن ذلك التيار متصل بمصدره الأعلى الدائم التدفق والجريان إلى النفوس المتناغمة مع ذلك المصدر، وسيتمكن من نقل سيّال السعادة إلى النفوس المتعطشة للسلام

قال: وهل في الجعبة شيء عن المرايا؟

أجاب: نعم. كل يوم ينظر الإنسان في المرآة لرؤية وجهه لأنه يريد أن يظهر على أحسن ما يرام أمام الآخرين، فكم بالحري أن يقف يومياً مع ذاته ويحدّق في مرآة التحليل الباطني لمعرفة ما يكمن خلف المظاهر السطحية البراقة! فكل ما هو جذاب ظاهرياً يستمد جاذبيته من نفس الإنسان الباطنية. وما من شيء يلطخ مرآة النفس النقية كالتشوهات النفسية المتمثلة في الغضب والحقد والحسد والكراهية والهلع من لطمات الزمان. ومن يحاول تحرير نفسه من هذه المركّبات الغريبة على طبيعة الروح سيشع نور الجمال الباطني من داخله وسيتذوق ما يحس به صاحب النفس المطئنة

قال: وهل نكتشف غير ذلك بالتحليل؟

أجاب: بالتحليل نكتشف أن مشاكل الإنسان هي ثلاثية: فهناك مشاكل واضطرابات تهاجم جسم الإنسان وأخرى تهاجم عقله وهناك صنف ثالث يسد منافذ الروح

قال: أوضح
أجاب: المرض والشيخوخة والموت هي الصعوبات التي يتعرض لها الجسد والعقبات التي تعترضه. أما الأمراض النفسانية فتغزو العقل عن طريق الحزن والخوف والغضب والرغبات المكبوتة والتذمر والكراهية والوساوس العاطفية وحمّى الهيجان العصبي والسرطان النفسي الذي يشل القوى العقلية. أما المرض الأخطر فهو مرض الروح الذي يتمثل في الجهل الذي عنه تنبثق ومنه تنسرب باقي الأمراض.

عافانا وإياكم الله من كل الأمراض
والسلام عليكم

محاضرات في معرفة الذات للمعلم برمهنسا يوغانندا
ترجمة بتصرف: محمود عباس مسعود
 
مزيد من خواطر وتعاليم المعلم برمهنسا في سويدا يوغا




 

No comments:

Post a Comment