Sunday, December 30, 2012

الحياة تحلو بالتأمل

يجب أن يكثر المريد من التأمل لأن الحياة تحلو بالتأمل على الله. التأمل أعظم بكثير من صرف الساعات الطوال بحثاً عن المال والحب البشري أو أي شيء آخر قد يتبادر إلى الذهن.  كلما تأمّل الشخص وكلما ظل عقله راسخاً في الحالة الروحية أثناء العمل كلما زادت قدرته على الإبتسام.  إنني في ذلك الأفق الآن وعلى الدوام.. في وعي الله المغبوط. لا شيء يؤثر بي.  وسواء كنت بمفردي أو مع الآخرين يبقى فرح الله نابضاً دوماً في كياني.  لقد تمكنت من الاحتفاظ بابتسامتي.  لكن الفوز بتلك الابتسامة كان عملاً شاقاً! إن نفس تلك الابتسامات موجودة أيضاً في داخلك.. نفس فرح ونعيم الروح موجودان بك.  لا حاجة لك لاكتسابهما بل فقط لاستعادتهما. لقد فقدتهما فقداناً مؤقتاً بسبب تحقيق الذات مع الحواس، وبإمكانك استردادهما.
من يعتقد أن الأشياء المادية التي يمكن التمتع بها عن طريق البصر والسمع والذوق والشم واللمس تمنح فرحاً نقياً فهو يخطئ خطأ كبيرا. الحواس لا تمنح الإنسان السعادة بل بالأحرى تسلبه إياها. إن وضعت شروطاً حول سعادتك كأن تقول "لا يمكنني أن أكون سعيداً ما لم أرَ ذلك الوجه" فلن تتذوق أبداً طعم الغبطة الصافية النقية، لأن المتع الحسية لا دوام لها. الأيام والأعوام تفعل فعلها المدمر بالجمال الجسدي.  كل ما في العالم المادي يخضع لقانون التغيير.  وهكذا فلو تمكن الإنسان من رؤية كل الوجوه الجميلة في العالم، ولو استمع لكل الأنغام ولمس كل ما يرغب في ملامسته، لن يعثر مع ذلك على السعادة الحقيقية.  ومع ذلك فقد يتوهم بأنه سعيد.  أحياناً بعد أن يكون قد بذل مجهوداً فائقاً للحصول على شيء ما يجد أن لا سعادة في الشيء ذاته.  ومع ذلك فإنه يحصل على بعض الرضاء جرّاء الجهد الذي بذله في سبيله، ولهذا يفكر بأنه سعيد.  لكن هذا النوع من الرضاء وقتي وسريع الزوال.
فمن العبث إذاً التفتيش عن السعادة في الحواس.  يجب العثور على الفرح الروحي وإظهاره في الكلام وقسمات الوجه.  عندما يفعل الشخص ذلك فإن بسمة صغيرة منه ستشحن الجميع بمغناطيسته المباركة حيثما كان، وسيشعر الآخرون بالسعادة.
لكن الله وحده هو القادر على تغيير القلوب.  يجب ألا نعزو لأنفسنا القدرة على فعل الخير.  فاعل الخير الأوحد في الوجود هو الله. هذا العالم عالمه.  فإن شعرت بقربه وأدركت أنه المتصرف في كل شيء.. وإن رفعت له كل شيء: الأعمال الطيبة وحتى غير الطيبة ستندهش لتجد أن كل أعمالك ستتحول إلى أعمال طيبة.
عندما يلازمك وعي الله لن تقوى على عمل ما لا يرضيه.  يجب أن نقدم حياتنا له وأن ندرك أن الله هو الذي يلهمنا الأفكار النبيلة ويستحثنا للقيام بالأعمال الخيرة.  يجب التخلص من تلك "الأنا" التي هي أكبر عائق في سبيل هذه المعرفة المحرِّرة.  الإنسان لن يقدر على رفع يده لو أن الله أطفأ شعاع الحياة الضئيل في نخاعه المستطيل! [النقطة الرئيسية التي منها تدخل قوة الحياة إلى الجسد.]
كنت أجلس ذات مرة في الهواء الطلق وكان الطقس بارداً جداً. حوّلت وعيي للداخل وبرمشة عين لم أتمكن من الإحساس بالبرد على الإطلاق.  فغمرني فرح عظيم وبين الحين والآخر رأيت جسمي وكل ما حولي يذوب في نور واحد.  كنت أبصر الأشكال من حولي إن ركزت عليها وكان العالم يتلاشى إن ركزت على النور.  لا يمكن رؤية شيء بدون الوعي.  فإن كنت تتمتع بسيطرة تامة على عقلك وتنظر للداخل إلى نفسك سترى ذلك النور الإلهي العظيم، حتى بعينين مفتوحتين.
عندما توجّه نظرك إلى الخارج من خلال العينين يدرك وعيُك العالمَ الخارجي.  كل ما في الوجود صورٌ متحركة في فيلم الله الكوني.  لقد استطعت أن أرى ذلك اليوم الإحساساتِ والأفكارَ التي كانت أحلاماً بالنسبة لوعيي المنبثق عن الله.  كما تمكنت من الإحساس بالفرح النقي دون أية إحساسات على الإطلاق لدى تحويل وعيي إلى الداخل.  ومع أنني كنت أجلس في ذلك البرد القارس، مرتدياً بعض ثياب خفيفة، استطعت أن اشعر باختفاء البرد والمناظر وحلول الفرح لا غير.  فيما بعد شعرت ببعض الإحساسات أثناء اختبار ذلك الفرح العظيم.

ترجمة محمود عباس مسعود
مزيد من خواطر وتعاليم المعلم برمهنسا في سويدا يوغا


No comments:

Post a Comment