Friday, July 1, 2011

برمهنسا يوغانندا: قهر النزعات الشريرة

التعامل مع النزعات الشريرة
المعلم برمهنسا يوغانندا
ترجمة: محمود عباس مسعود
الشخص الذي يفرط في تناول المشروب يصبح مدمناً ويشكل نتيجة لهذا الإدمان عادة خبيثة ضارة. وإن لم يبذل مجهوداً لوقف انغماسه في السَكـَر فقد يصبح كحولياً ويعاني من رغبة جامحة للمشروب دون وازع أو رادع. أولئك المنكودون غالباً ما يصرفون أموالهم على المشروب. يتناولون قليلاً من الطعام ويبدو أنهم يحصلون على بعض التغذية من الشراب المسكر نفسه. ومع تأصّل تلك العادة المنحوسة بهم يفقدون الشعور بالمسؤولية نحو أنفسهم من حيث المحافظة على صحتهم واحترامهم في بيوتهم وفي المجتمع والعالم.
الوصف المتقدم لكحوليي المُسْكِر هو مجرد وسيلة إيضاح لما أسميه "كحوليين عقليين". هؤلاء الكحوليون العقليون أو النفسانيون يمكن تصنيفهم طبقاً لحالاتهم السيكولوجية الخاصة التي قد تكون مزمنة ومستعصية كالغضب والخوف والرغبة الجنسية الجامحة أو التلذذ بإيذاء الآخرين أو المقامرة أو السرقة أو الحسد أو الكراهية أو الطمع أو الطباع السيئة أو الدجل أو الغباء والخبل.
عندما يُظهر الشخص منذ طفولته المبكرة نوبات غير طبيعية من الغضب والخوف والحسد أو أياً من الصفات المذكورة أعلاه فهذا دليل على أنه اكتسب تلك العادات النفسية الشاذة في وجود سابق. الأهل الذين يلاحظون أياً من هذه النزعات النفسية الشريرة في أولادهم، حتى في سن مبكرة، يجب أن يتعاملوا مع الأمر بجدية ويتخذوا بعض الخطوات لمنع الطفل من التحول إلى مدمن سيكولوجي، بوضعه إن أمكن في بيئة أخرى تحت العناية الطيبة لمرشدين روحيين.
وبفضل الصحبة الحسنة والبيئة الملائمة لعدة سنين، فقد يتحرر الكحولي العقلي من القبضة الخانقة للشرور المكتسبة. وأثناء تلقي الكحولي العقلي للعناية الصحية الصحيحة في بيئة طيبة يجب أن تـُشرح له العواقب الوخيمة لعاداته الذميمة، ويجب تشجيعه على التفكير بها وبذل مجهود فعلي لعدم إظهار تلك العادات الكريهة المشؤومة في أي حال من الأحوال. إن كل انغماس في عادة عقلية مكتسبة في تجسد سابق يزيدها قوة وتجذراً في الوعي إلى أن يصبح صاحبها عبداً لها بكل معنى الكلمة.
الغضوب، الشهواني، أو الجشِع ينسى مكانته ولا يقيم لعلاقته بالمجتمع وزناً فيقترف أخطاءً كبيرة تهدم حياته وحياة الآخرين. كثيرون من أولئك الكحوليين العقليين يظنون أنهم بالإعراب عن عاداتهم السيكولوجية ينفسون عن أنفسهم ويشعرون بالفرَج بكيفية ما. لكن الإنغماس بالدوافع المؤذية هي عادة وخيمة العواقب، لأنه بتكرار مثل هذه التعبيرات الكريهة يصبح الشخص مدمناً سيكولوجياً، جاعلاً من نفسه مهزلة أمام الناس في أي مكان وزمان.
إن تعرَّض الأطفال لبيئة شريرة وعقولهم ما زالت في طور المرونة فإنهم سينمّون عادات سيئة من شأنها أن تؤدي – إن لم يتم كبحها – إلى كحولية عقلية مستعصية. الأهل الذين يلاحظون تغيّراً فجائياً في أحد أبنائهم.. كتحوّل الطفل الهادئ الطباع إلى ولد دائم السخط، يجب أن يولوه عناية مباشرة ويجب تحديد وإزالة أسباب فشله وإحباطه والبحث عن سبل جديدة بنّاءة لتصريف طاقاته بكيفية نافعة وفعّالة.
الذين يُبدون أياً من الخاصيات المتقدم ذكرها هم كحوليون عقليون. إنهم يركبون بطيش وتهوّر شلالات العادات الرديئة الهادرة، محطمين سعادتهم تحطيماً باستسلامهم الإرادي العاجز لتيارات أهوائهم وإظهارهم لأسوأ صفاتهم.
لا جدوى من تأنيب أو معاتبة الكحوليين العقليين أو لومهم على طباعهم العنيفة. إن حالتهم النفسية هي نتيجة لتكرارهم المستمر لعاداتهم السيئة. يجب معاملتهم كمرضى سيكولوجيين يعانون من أسقام نفسية مستعصية.
إن تبديل الصحبة هو أنجع علاج لأي ضرب من الكحولية العقلية الحادة، لأن الإرادة في الكحولي العقلي مستعبدة للعادة ولذلك لا يمتلك أدنى مقاومة للشر. العلاج الأنسب له هو نقله مباشرة إلى محيط يعمل كترياق لحالته العقلية المسممة. يجب وضع كحولي الغضب – إن أمكن – مع شخص أو عدة أشخاص لا يغضبون حتى تحت الظروف التي تبعث على إثارة الحفيظة والنزق. الشهواني ينبغي إحاطته بأشخاص يتمتعون بضبط النفس. اللص المحترف يحتاج إلى مجتمع من أناس أمناء. الهيّاب الوجل يمكن مساعدته بتشجيعه على الاختلاط بالشجعان ومطالعة سير الأبطال. ذوو الطباع الشائكة والنفسيات الحامضة يجب أن يصاحبوا ذوي المزاج السار والبشاشة الاعتيادية.
على الكحولي العقلي أن يتذكر أن الإمساك أو التصريف الضعيف (للفضلات) وتناول اللحم، لا سيما لحم البقر والخنزير، سيزيدان مرضَه النفسي تعقيداً وتأزماً ويرسخان ذلك المرض في دماغه. إن تضمين كمية وافرة من الفاكهة والخضروات في الغذاء اليومي، وصيام ليوم واحد في الأسبوع على عصير الفاكهة، مع صيام أطول بين الحين والآخر، سيكون عوناً كبيراً على تعديل أخاديد الدماغ التي بها تتمركز العادات الخبيثة.
الإفراط في ممارسة الجنس يلحق ضرراً بالجملة العصبية وخلايا الدماغ، مما يلهب نيران الغضب في الكحولي العقلي. كما أن الإنغماس الجنسي الزائد يفتك بقوة الإرادة. لذلك يتوجب على كل الكحوليين العقليين أن يتعلموا كيفية التحكم بالغريزة الجنسية كيما يمارسوا الإعتدال في العلاقات الزوجية حسبما تقضي سنة الطبيعة.
غالباً ما نجد المعيلين أو كاسبي لقمة العيش في الأسرة.. أباً كان أو ابناً، وفي بعض المجتمعات أمّاً أو ابنة، يبدون نزعة سلطوية بسبب الشعور بأنهم في مكانة تخولهم السيطرة وفرض الرأي. يجب أن لا يصب هؤلاء الديكتاتوريون الصغار غضبهم على أفراد أسرتهم الذين يحتاجون إليهم ويعتمدون عليهم. لأنهم إن فعلوا يفقدون احترام وتقدير أحبتهم.
عندما يفكر ديكتاتور الأسرة أن باستطاعته فعل ما يحلو له في البيت فإنه يشرع في إبداء طباعه الكريهة أو صفاته المقيتة حتى خارج نطاق الأسرة، وأخيراً يتعود على هذا المسلك المشين فيفعل ذلك في أي مكان وزمان. فما لم يتحكم هؤلاء المستبدون برغبتهم في فرض سيطرتهم على أحبتهم يصبحون بالتدريج كحوليين عقليين، يتصرفون دون نضج عاطفي ويسببون متاعبَ جمة للقريبين منهم أو للذين يخالطونهم بين الحين والآخر، ولأنفسهم أيضاً.
من يعتقد أنه كحولي عقلي يجب أن يحاول علاج حالته. ويجب أن يكف على الأقل عن محاولة إصابة الآخرين بالعدوى. تصوّر أنك جالس في بيتك بهدوء أو تقرأ كتاباً قرب المدفأة وفجأة يأتي أحدهم إلى بيتك بظربان نتن الرائحة! بالطبع ستحدث ضجة وضوضاء، وأنت ومن حولك ستحاولون بلا شك طرد الظربان شر طردة، وبمحاولتكم تلك ستبللكم المواد الكيماوية الكريهة الرائحة. وبالنتيجة سيتأذى أهل البيت والظربان معاً.
وبالمثل، فليس من الصواب للظربان البشري أن يدخل بيئة لا ترغب بحضوره، لأنه ربما يسبب مضايقات لكل من حوله، وأخيراً يُعامل بقسوة.
تذكروا أيها الأصدقاء أن الظربان البشري الذي يحمل اهتزازات عقلية لطباع لئيمة منعكسة في وجهه وبادية في عينيه يخلق ضرراً كبيرا في البيئات الهادئة المسالمة الخالية من الاضطراب. هذا الحيوان البشري غير مرغوب به في أي مكان.
إن إخفاء الكحولية العقلية لأفضل من الإستسلام لتأثيرها بين الناس. الإنغماس المخزي أو إطلاق المرء العنان لأهوائه وشهواته ومشتهياته هو التربة التي بها تنمو وتترعرع النزوات السابقة واللاحقة للولادة. فعلى كل من يعاني من هذا الوباء أن يضاعف حذره من العيش في بيئة تغذي البذور السيكولوجية الفطرية للعادات السيئة أو الطباع الشرسة.
طبعاً عندما تقابل شخصاً يعاملك بمجاملة مفتعلة ويخاطبك بابتسامة مصطنعة "عاش من شافك!" في الوقت الذي يقول فيه بينه وبين نفسه "الله يلعن الساعة التي جمعتنا" تحس بشعوره وينتابك النفور منه وتشمئز من مجاملاته الكاذبة.
أنا شخصياً أريد أن أعرف مكاني من الناس. إنني أحبذ الصراحة مهما كانت جارحة وخشنة على المراءاة المزيفة. ما من أحد يرغب في توجيه أفعى النفاق نحوه من تحت باقة ابتسامات وردية أو من خلف عبارات معسولة طلية.
ومع كل ذلك فمن الأفضل للكحولي العقلي أن يكون وديّاً نحو الآخرين، حتى ولو من قبيل المراءاة والتصنع، بدلاً من إصابتهم بسموم طباعه المشؤومة.
إن الممارسة اليومية لضبط النفس، حتى في الأمور الطفيفة، ستساعد الكحولي العقلي على الإفلات التدريجي من انغماسه المرذول في الطباع السيئة.
والسلام عليكم.
مزيد من تعاليم المعلم برمهنسا على الرابط التالي:
لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء النقر على Older Post أو Newer Post أسفل الصفحة

No comments:

Post a Comment