Thursday, January 19, 2017

ومضات من حياة حكيم

ومضات من حياة حكيم


بقلم شري دايا ماتا الرئيسة السابقة لجماعة معرفة الذات
 والتي دونت تعاليم المعلم برمهنسا يوغانندا واحتفظت بها للأجيال

 أتتنا عدة رسائل من الأصدقاء يطلبون فيها التعريف بالمعلم برمهنسا
 فوجدنا من المناسب أن نضع هذه المقدمة لكتاب (غاية الإنسان القصوى) لعلها تعطي فكرة عن المعلم الحكيم برمهنسا يوغانندا - الإدارة

عندما أبصرتُ برمهنسا يوغانندا للمرة الأولى، كان يخطب في جمهور غفير منبهر في مدينة "سولت ليك" سنة 1931

وإذ وقفت في الركن الخلفي من القاعة المكتظة فقد ذ ُهلت عن كل ما حولي سوى الخطيب وكلماته

لقد استغرق كياني بأسره في الحكمة والحب الإلهي اللذين كانا يتدفقان إلى نفسي ويغمران قلبي وعقلي، وكل ما كنت أفكر فيه هو "هذا الإنسان يحب الله مثلما تشوقتُ دوماً لمحبته. إنه يعرف الله، وإياه سأتبع." وهذا الذي فعلته منذ تلك اللحظة

وإذ شعرت بالقوة الروحية المجيدة لكلماته في حياتي إبّان تلك الأعوام المبكـّرة مع معلمي الجليل برمهنسا، فقد بزغ في داخلي إحساس قوي بالحاجة الملحّة لتدوين وحفظ أقواله المأثورة لكل العالم ولكل الأجيال

ومن حسن حظي أنني خلال ملازمتي للمعلم برمهنسا، وعلى مدى سنين عديدة قمت بتدوين محاضراته ومشورته الشخصية، ويا له من كنز عظيم وعميم من الحكمة المدهشة والحب الإلهي الفريد

لقد كان فيض الإلهام يتدفق من المعلم الملائكي منعكسا في كلامه المتوارد؛ إذ كثيراً ما كان يتكلم لدقائق دفعة واحدة دون توقف، أو قد يستمر لساعة كاملة

وإذ جلس سامعوه منذهلين ومفتتنين فقد كان قلمي يجري بسرعة فائقة! وإذ قمت بتدوين كلماته بواسطة الإختزال فقد شعرت كما لو أن نعمة فريدة قد حلـّت، مترجمة ً صوت المعلم على الفور إلى رموز إختزالية على الصفحات

ولقد كان نقلها – ولم يزل – إلى الكتابة العادية واجباً مقدسا وعملا ً مباركا إلى هذا اليوم. وحتى بعد هذا الوقت الطويل – وبعض ملاحظاتي تعود إلى أكثر من أربعين سنة – فعندما أشرع في نقلها أجدها جديدة في عقلي بكيفية معجزة، كما لو أنها دُوّنت نهار أمس لدرجة يمكنني معها أن أسمع - النغمة المميزة لصوت المعلم الملائكي، في كل عبارة من عباراته، في أعمق أعماق نفسي

نادراً ما كان المعلم يقوم بأدنى تحضير لمحاضراته. وإن قام بأي تحضير على الإطلاق فربما اشتمل ذلك على بعض الوقائع يدوّنها بسرعة وإيجاز. ففي طريقه إلى المعبد كان يسأل أحدنا – في السيارة – قائلا

" ما هو موضوع محاضرتي اليوم؟" وكان يضع عقله على الموضوع ومن ثم يلقي المحاضرة ارتجالا ً من ينبوع إلهام إلهي باطني

مواضيع محاضرات المعلم كان يتم الإعلان عنها مسبقاً في المعابد، ولكن عقله كان يعمل أحياناً في مجال آخر مختلف كلياً عند الشروع في الحديث

وبصرف النظر عن موضوع ذلك اليوم، فقد كان المعلم ينطق بالحقائق التي كانت تشغل وعيه في تلك اللحظة، ساكباً معرفة لا تقدّر بثمن في سيل مستمر من فيض تجربته الروحية وإدراكه البديهي اليقيني. ودائماً تقريباً كان عدد من الناس يتقدمون في نهاية الخطبة كي يعربوا له عن امتنانهم لتنوير أذهانهم حول مسألة كانت تؤرقهم أو ربما لشرح فكرة فلسفية كانت تهمهم بصورة خاصة

أحياناً، وأثناء إلقاء محاضراته، كان وعي المعلم يحلـّق عالياً بحيث كان ينسى الحاضرين لبرهة قصيرة ويناجي الله مباشرة. لقد كان كيانه بأسره منتشياً بالفرح ويفيض بالحب الإلهي

وفي حالات الوعي السامي تلك، كان وعيه في توافق تام مع الوعي الإلهي، فأدرك الحق في ذاته ووصف ما اختبره ورآه

لربما شعر الآخرون بالرهبة من إشراق برمهنسا يوغانندا لولا دفئه وعدم تكلفه وتواضعه الهادئ الذي كان يبعث السكينة والطمأنينة على الفور في نفس كل شخص. فكل واحد من الحاضرين كان يشعر بأن حديث المعلم كان موجّهاً إليه شخصياً

ولقد كانت الدعابة وروح المرح من السمات المحببة لشخصية المعلم. فبعبارة منتقاة، أو بإيماءة ذات مغزى، أو بتعبير وجهي ظريف كان يستجلب استجابة ودية ويثير ضحكات قلبية في اللحظة المناسبة لتوضيح نقطة معينة أو لإراحة السامعين بعد تركيز ذهني مكثـّف وطويل على موضوع خاص أو مسألة عميقة ودقيقة

لا يستطيع الشخص أن يدوّن في كتاب الخاصيات الفريدة والطابع الشامل لشخصية برمهنسا يوغانندا المشرقة والمفعمة بالحيوية والمحبة. ولكن أملي المتواضع في تقديم هذه الترجمة الوجيزة هو إعطاء ومضة شخصية تزيد في متعة القارئ وتقديره لتعاليمه

وإذ شاهدت معلمي الملائكي في توافق تام وتناغم كلي مقدس مع الحضرة الإلهية، وسمعت الحقائق الغزيرة والدفق الوجداني لروحه الثرة والثرية؛ وإذ دوّنت تعاليمه العظيمة لكل الأجيال؛ وإذ أضعها الآن بين أيدي القرّاء، لا يسعني إلا أن أقول: يا لفرحي العظيم

أسأله تعالى أن تفتح الكلمات الجليلة للمعلم أبواب الإيمان الراسخ بالله والحب الإلهي له في نفوس الراغبين


ترجمة محمود عباس مسعود

ملاحظة: لقد تعرف المترجم على شري دايا ماتا وكانت بينهما مراسلات استمرت لسنين عديدة

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء الضغط على
  Newer Posts أو  Olders Posts 



في أسفل الصفحة أو أحد السهمين

 

No comments:

Post a Comment