Sunday, November 9, 2014

الكهرباء السماوية


 الكهرباء السماوية
خلجات من أعماق الوجدان





للمعلم برمهنسا يوغانندا 
PARAMAHANSA YOGANANDA   
  ترجمة: محمود عباس مسعود



يا رب، أنت الكهرباء السماوية الغامضة التي تسري في عروقنا وتشغـّل آليات أجسامنا الدقيقة والمعقدة التركيب.. بكل ما فيها من لحم وعظم وعصب وعضل.

إن نشاطك الحيوي لموجودٌ بنا، في كل نـَفـَس من أنفاسنا وكل نبض من أنباض قلوبنا. فلندرك أن كل القوى والخيرات والبركات تنساب منك يا منبع الجود ومصدر كل خير وقوة وبركة في الوجود .

* * *

* من روضة الفجر أقطف لك زهور النور لأضعها تقدمة متواضعة على قدميك.

فليندفع النجم الثاقب لحبي لك في أجواء روحي مبدداً منها ضباب الغفلة وظلام الذهول. لا تنسني يا رب حتى ولو نسيتك.

اذكرني وإن لم أذكرك.*

* * *

باركنا يا رب كي نحيا ببهجة وتفاؤل.

لنستمتع بواجباتنا الأرضية ومحاسن الخليقة التي لا حد لها ولا نهاية.

ساعدنا على تهذيب الحواس كي نتذوق ونتلذذ بالطبيعة المدهشة.

ولنتبّل بنكهتك المباركة كل متع الحياة البريئة.

خلصنا من النظرة السلبية والسوداوية التي تقتل دون مبرر مباهجَ العيش ومسرات الحياة.

* * *

لقد تألمتُ طويلا من الرؤى القاتمة للدنيويات.. فبدلا من رؤيتك أيها الروح الكلي تبصر عيناي جثة المادة الممتقعة الهامدة.

باركني علني ببصيرة الحكمة أرى في كل الأشياء حضورك المبارك.

* * *

صفّ معدننا أيها الكيماوي السماوي! بدّل ضعفنا إلى قوة وأفكارنا الخاطئة إلى مدركات فعلية للحق. حوّل الشياطين البشعة لمطامحنا الأنانية إلى أمنيات سامية مجنـّـحة.. وجهلنا الأليم إلى حكمة قدسية.. وخامات خمولنا الوضيعة إلى ذهب مصفى من الإنجازات الروحية السامية.

* * *

يا رب، بيدين خاشعتين أدنو منك لأقدّم إليك كياني بأسره، مضمخاً ابتهالاتي بعطر الحب الإلهي!

امنحني ثقة الأطفال الأبرياء بك والإخلاص الكلي لك.

باركني كي أشعر بقربك خلف عبارات صلواتي..

ألهمني كي أحس بحضورك في كل عواطفي..

وكي أدرك أن حكمتك النيّرة تعزز فهمي وتقدّس معرفتي.

ولأعلم علم اليقين أن حياتي هي مظهرٌ من مظاهر حياتك الوحيدة الفريدة.

* * *

يا رب، محبتي لك لن يحجبها الكلام المسموع أو الهمس الخفيض. إذ بلغةٍ قدسية لا يُنطق بها سأعرب لك عن حبي الزاخر وشوقي العظيم للقياك.

إن صوتك هو السكون، وفي سكينة نفسي سأسمع صوتك الرقيق.

دعني أشعر أنك أحببتني دوماً مع أنني لم أدرك ذلك من قبل.

* * *

علمنا يا رب كي نحب الطيور والحيوانات والزهور النحيلة والأعشاب الخرساء التي غالبا ما تنسحق تحت أقدامنا غير المبالية.

إن صنوف الطبيعة التي تفوق الحصر هي تعبيرات لعبقريتك المتشعبة المواهب: روائع أصيلة من يدك ذات الحركة والإهتزاز الدائمين.

فلنبصر في كل الخليقة شغلك الفريد الذي يعصى على التقليد!

* * *

باركني يا رب كي لا أبصر سوى الخير والنقاء.

وكي لا أسمع سوى الكلام الملهم وترانيم الحب الإلهي.

هب لي نعمتك أيها الروح الفوّاح بالأريج السماوي كي أستنشق فقط الروائح الطيّبة التي تذكّرني بك.

دعني لا أتذوق سوى الطعام البسيط المغذي.

وليذكـّرني كل ما ألمسه بلمستك الطاهرة المباركة.

* * *

قافلة صلواتي منطلقة نحوك بالرغم من عواصف القنوط الرملية التي تهبّ عليها بين الفينة والأخرى، محاولة إعاقة مسيرتها.

وإذ أتقدم الموكب المقدس أبصر من بعيد واحة تشجيعك الصامت لي فتنتعش قواي وتتجدد معنوياتي، فأضاعف المجهود للوصول إليك.

عندما أبلغ واحة الخير سأغمس شفتيّ إيماني الظامئتين في ينبوع غبطتك وأشرب حتى الإرتواء.

* * *

أمواجٌ عارمة من صوتك القدسي تندفع في الأثير.

الآذان المصمومة بتشويش الملذات الحسية لا تقدر على التقاط عظاتك الملائكية.

أيها المذيع الرباني، دع أجهزة عقولنا، غير المتوافقة معك الآن، تتناغم بالتركيز التام لمؤشر التمييز الروحي الدقيق.

علـّمنا كيف نلتقط الأنغام السماوية والموسيقى الروحية المتماوجة في أثير الروح.

* * *

يا رب، افتح بي بصيرة الروح علها ترشد خطواتي دوماً وتجنبني طرق الأنانية المسدودة.

وإذ أسير على منعطفات الوعي ودروبه المتعرّجة فلأبصر وأنجو من قاطعي الطرق الوقحين: الطمع والأنانية وعدم مراعاة النواميس الخلقية.

أيها النور الباطني العليم بكل شيء، أرني الحلول لكل معضلات الحياة.

* * *

أقطعُ على نفسي هذا العهد المقدس:

لن تغرب شمس محبتي من سماء تفكيري الدائم بك يا رب.

ولن أحوّل رؤية عينيّ عنك إلى شيء آخر سواك.

ولن أفعل أي شيء لا يذكّرني بك.

الأفعال النابعة من الجهل والغباء تقود إلى الكوابيس والأحلام المفزعة.

فلأحلم فقط الأحلام العذبة للإنجازات النبيلة، لأنها من وحيك وإلهامك يا رب!

* * *

رباه، إن حُجب المادة تواريك عني، فإلى متى ستظل محتجباً خلف الستائر الفاتنة للزنابق والورود والغيوم المتوهجة بلون الذهب والليالي الصامتة المرصعة بالنيّرات والدراري؟

وبالرغم من أنها تحجبك، فإنني أحبها لأنها تشير خفية لوجودك.

بيد أنني أحن لرؤيتك تماما كما أنت، بدون أقنعة الخليقة!  

* * *

أيا ناظر الجميع الذي لا تأخذه سنة ولا نوم!

إنك لتبصرني من عين الشمس الثابتة التي لا تتغير، والقمر المتقلـّب الأطوار.  وبنظرة كلية ترقبني من مسامات الفضاء التي لا تـُحصى ومن ومضات النجوم الساهرة.

بلمس النسيم تداعبني، ومن خلال تفكيري الودود بك وبعبادك تمطرني بغيث رحمتك المبارك.

* * *

أيها الصوت الكوني.. يا صوت اللانهاية! دعني أدرك الوعي الروحي من خلال دويّك القدسي.

تردّد من خلالي، موسّعا مداركي من الجسد إلى الكون غير المحدود.

وألهمني كي أحس بنبض الخليقة الخالد بك.

* * *

إنك تحرّك قدميَّ..  تعمل في يديّ.. تخفق في قلبي.. تنساب مع أنفاسي.. وتنسج الأفكار في عقلي.

إرادتك الثاقبة تندفع يومياً كالشهاب في سموات إرادتي البشرية.

دعني امزج قطرة حياتي في بحرك الكوني علـّني أبصر فقاعة ذاتي الصغيرة تعوم على صدرك الفسيح.

* * *

اليتامى والمصابون سمعوا عن عطفكِ ومراحمكِ، وها هم على بابكِ، فهل تردهم خائبين وبلا عزاء ؟

ألا ليت يدك غير المنظورة تمسح الدموع الكاوية من عيون ذوي القلوب الكسيرة والنفوس المتألمة.

والضائعون على دروب الوهم والخداع، لمن سيتوجّهون ومن سيقصدون غير بابك الكريم؟

مع إطلالة فجر حضورك ستتبدد متاعبهم وتتلاشى مصاعبهم.

يا رب، ارفع الحجاب علنا نبصر وجهك العطوف الحنون.

* * *

أيها الصوت الرباني الأقدس، أهدر على شواطئ روحي وحطـّم قضبان التفكير المادي علـّـنـي أتحرر من سجن الجسد.

دعني أسمع في التأمل دويّك الأوقيانوسي اللطيف في جسدي وعقلي وروحي وفي محيطي الخارجي، ولأحسّ به منتشرا إلى كل المدن الصغيرة والكبيرة، وإلى الأرض والمجموعة الشمسية والكون بأسره.

ولأدرك بكامل وعيي وجوديَ المتسع في جسد الطبيعة الكبير!

* * *

أيها اللهب الرباني الخالد، إنكَ لتقذف مشاعل صغيرة من وهجك الإلهي في نفوس وعقول البشر، فتبدو محدوداً، صغيراً، مجزّأً. لكنكَ تبقى المصدر اللانهائي الأوحد لكل شعلة وضياء في الوجود.

* * *

أيها المظفـّر الأزلي! ساعدني كي أنمّي مزايا نبيلة داخل ذاتي: جنود من الهدوء وضبط النفس لأربح المعركة ضد الأعداء الألداء: الغضب والكذب ونكران الجميل.

فلأرفع فوق أقطار حياتي راية حقك الذي يعلو ولا يُعلى عليه.

* * *

أيها الروح الإلهي، دعنا لا نعتبر أي واجب أكثر أهمية من الواجب المقدس للتعرف عليك. فالعمل مهما كان نوعه يمكن تحقيقه فقط بفضل وفعل قوة الإنجاز الممنوحة منك إلينا.

إذاً فلنحبك فوق كل شيء، لأنه بدون نعمة حياتك ومحبتك لا يمكننا أن نحيا أو نحب على الإطلاق.

* * *

أيا نجم القطب الأزلي! حيثما تجولتُ وتحوّلتُ تظل إبرة بوصلة عقلي المغناطيسية متجهة نحوك.

سواء كنت ملفوحاً برياح الأحداث الفجائية أو مبللاً بأمطار المحن والبلايا، ارشد مع ذلك عقلي للتوجّه نحوك بصورة دائمة.

إن طائر محبتي الضارب بجناحيه وسط غيوم الحيرة وعواصف التشويش سيعثر بكل تأكيد على طريقه إليك.

* * *

أيها العازف الإلهي الأعظم، انفخ في ناي جميع الأديان ألحانَ وحدانيتك المدهشة، ولتحمل المعزوفات المقدسة أنغاماً أصيلة لروحك الثري بالأصالة والإبداع.

فلنتناغم معك ولنوحّد ألحان قلوبنا في ترتيلة واحدة نرفعها إليك.. لا إله إلا الله!

* * *

يا رب، إليك أرفع هذا الدعاء:

سواء كانت ممتلكاتي كثيرة أو يسيرة، هب لي قوة الإرادة لتحصيل كل ما أحتاج إليه يوماً بيوم.

* * *

أردد ابتهالاتي الوجدانية على سبحة المحبة المشدودة حبـّاتها معاً بخيط الشوق. الأسماء المباركة:  الله، الروح الكوني، براهما، الآب السماوي،الأم الإلهية كلها أسماؤك القدسية.

في تمثيليتك الكونية على مسارح العصور اتخذتَ ملايين المظاهر والصور، مثلما اتخذتَ أسماءً عديدة، ولكن طبيعتك تبقي واحدة لا تتغير، ألا وهي الغبطة الأبدية!

* * *

يا إله الناموس الكوني، ساعدني كي أتقلد جروحي وندباتي وليدة البلايا والمحن كنياشين وأوسمة من التأديب ممنوحة إليّ من يد عدلك الإلهي الذي لا يعرف المحاباة.

لتعمل مصاعبي اليومية كالترياق المضاد للوهم والخداع، ولتخلصني من الآمال الكاذبة للسعادة الدنيوية.

ليت الدموع التي أذرفها بسبب فظاظة الآخرين تغسل من عقلي البقع واللطخات المتوارية.

ولتفتح كل ضربة حادة من معول التكدير أعماقا جديدة من الحكمة والفهم في أعماقي.

ليت الظلمة غير المقدسة للوجود العادي تفزعني بحيث أهرول بحثاً عن آفاق نقائك ونورك الشافي.

لتضطرني وخزات الحياة وطعناتها المباغتة كي أصرخ مستنجداً بعونك.

ولتكشف حفريات الظروف المؤلمة في تربة حياتي عن ينابيع عزائك الثرة الدائمة الجريان.

ليت بشاعة الخشونة في الآخرين تجبرني على تجميل نفسي بالرقة والطيبة، وليذكّرني كلام رفاقي الجارح باستخدام الألفاظ العذبة فقط.

وإن رمتني العقول الشريرة بحجارتها فلأقابلها بقذائف ودية من نوايا الخير.

وكشجرة الياسمين التي تنثر زهورها العاطرة على اليد التي تهوي بالفأس على جذعها، هكذا فلأرشّ أوراق ورد التسامح على كل من يعاملني بجفاء وعداء.

 تفضلوا بزيارة موقع سويدا يوغا وصفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على فيس بوك


 لقراءة المزيد رجاء الضغط على Older Posts أو  Newer Posts
في أسفل الصفحة



No comments:

Post a Comment