Friday, July 1, 2011

برمهنسا يوغانندا: النتيجة العادلة



النتيجة العادلة


المعلم برمهنسا يوغانندا
ترجمة: محمود عباس مسعود

مزيد من تعاليم المعلم برمهنسا يوغانندا Paramahansa Yogananda

على الرابط التالي: www.swaidayoga.com


العقل يخلق ويبدع كل شيء، ولذلك يجب توجيهه توجيها سليما بحيث لا يخلق
سوى الأفكار والأشياء الطيبة فقط. إذا تمسكت بفكرة ما، بإرادة وإصرار، فإنها
ستتخذ صورة ظاهرة ومحسوسة. عندما يتمكن الإنسان من استخدام إرادته في أغراض
نافعة وبنّاءة على الدوام يصبح سيد قَدَره.
هناك ثلاث طرق هامة لشحن الإرادة وجعلها قوية وفعّالة:

انتقاء عمل بسيط أو مهنة تعذر مزاولتها وإتقانها من قبل، والتصميم على
النجاح في ذلك العمل أو تلك المهنة.
التأكد أولا من أن الذي تم اختياره يمكن تحقيقه ثم عدم الإستسلام للإخفاق
والفشل.
تركيز القوى على غاية واحدة واستخدام كل الطاقات والفرص المتاحة لبلوغ
تلك الغاية.
من المهم جدا التأكد دوما، في أعماق الذات الهادئة، أن الذي يريده المرء ويجدّ في
طلبه هو في صالحه ومطابقا للمقاصد الإلهية. عندئذٍ يمكنه استخدام كامل قوة
إرادته لتحقيق هدفه، مع الاحتفاظ بعقله مركزا على الله مصدر كل القوى
والانجازات.

الخوف يوهن طاقة الحياة
العقل البشري هو مستودع هائل من الطاقة أو النشاط الحيوي. هذا النشاط يتم
استخدامه على الدوام في الحركات العضلية وعمل القلب والرئتين والحجاب الحاجز
والاستقلاب الخلوي وتفاعل الدم الكيماوي، وفي عمل أجهزة الحس الآلية
(الأعصاب). بالإضافة إلى ذلك فإن كمية كبيرة من النشاط الحيوي يتم صرفها في
التفكير والعاطفة والإرادة.
الخوف يوهن النشاط الحيوي. إنه من ألد أعداء الإرادة الفاعلة. الخوف يقوم
باعتصار وإعاقة نشاط الحياة الذي ينساب عادة بانتظام نحو الأعصاب فتبدو وكأنها
قد أصبحت مشلولة، فيهمد الجسم وتتناقص حيويته بشكل محسوس وملحوظ.
الخوف لا يساعدك على التخلص من سبب الخوف. إنه يوهن الإرادة ويستحث الدماغ
كي يبعث بإشارة عائقة إلى أعضاء الجسد. الخوف يعتصر القلب ويعيق عملية
الهضم ويسبب العديد من الاضطرابات البدنية. عندما يظل الوعي مركزا على الله
فلن نخشى شيئا وسنتمكن من قهر كل عائق وعقبة بالشجاعة والإيمان.
الأمنية هي رغبة تعوزها الطاقة. النية هي اعتزام القيام بشيء ما: تحقيق أمنية أو
رغبة. أما الإرادة فيمكن التعبير عنها بالقول: "إنني أعمل دون توقّف حتى أحقق ما
أريده." عندما يدرّب الإنسان إرادته يمكنه إطلاق قوى من النشاط الحيوي
وتوجيهها، وليس عندما يتمنى فقط الحصول على شيء ما دون القيام بما يلزم
لتحصيل ذلك الشيء.
الجهود الجديدة بعد الإخفاق تثمر نموا حقيقيا .
حتى الفشل يجب أن يعمل كمحفّز للإرادة وللنمو المادي والروحي. عند الإخفاق في
أي مشروع، من المفيد تحليل كل العوامل والحالات والظروف ذات الصلة للتخلص
بصورة تامة من احتمالية تكرار نفس الأخطاء في المستقبل. فصل الفشل هو أنسب
وأخصب موسم لزرع بذور النجاح.
لطمات ولكمات الظروف قد تسبب الكدمات والرضوض، ولكن ينبغي الاحتفاظ بالقامة
منتصبة والهامة عالية. يجب عدم الكف عن المحاولة، بل يجب أن نحاول مرة
أخرى بغض النظر عن عدد المرات التي أخفقنا بها. يجب أن نكافح عندما نظن أنه
لا قدرة لنا على المزيد من الكفاح، حتى نشعر في قرارة نفوسنا أننا أبلينا البلاء
الحسن وبذلنا أفضل ما لدينا من مجهود، أو إلى أن تتكلل مساعينا بالنجاح.
يجب أن نصمد في معركة الحياة حتى النهاية مستخدمين قوة الإرادة الجبّارة في
التغلب على كل صعوبات الحياة.
الجهود الجديدة بعد الفشل تأتي بنمو حقيقي، ولكن يجب تنسيق تلك الجهود وشحنها
بالانتباه الدقيق والإرادة الديناميكية الفعّالة.
افرض أنك فشلت حتى الآن، فليس من الحكمة أن توقف الكفاح معتبراً الفشل قضاءً
وقدرا. من الأفضل أن يموت الإنسان مكافحا من أن يوقف بذل المجهود ما دام
بإمكانه إنجاز المزيد، لأن جهوده ستستمر في حياة جديدة حتى عند موافاة الأجل.
النجاح والفشل هما النتيجة العادلة لما فعله الشخص في الماضي، إضافة إلى ما
يفعله الآن. لذلك يجب تنبيه وإيقاظ أفكار النجاح من تجسدات ماضية وشحنها
بالنشاط والحيوية للتمكن من السيطرة على أفكار الفشل في الحياة الحاضرة.
المصاعب والمتاعب التي واجهها الشخص الناجح قد تكون اكثر وأكبر من تلك التي
واجهها الشخص الفاشل. ولكن الأول درّب نفسه على رفض أفكار الفشل جملة
وتفصيلا طوال الوقت.
يجب تحويل الذهن من الإحباط والقنوط إلى الفوز والانتصار، من الهم إلى الهدوء،
من الحيرة الفكرية والقلق النفساني إلى التركيز العقلي، من التشويش والاضطراب
إلى السلام، ومن السلام إلى الغبطة الروحية المقدسة.
عندما تمتلك هذه المعرفة الذاتية تكون غاية حياتك قد تكللت بالنجاح وتحققت تحقيقا
مجيدا.
ضرورة التحليل النفسي
وللراغب في النجاح نسدي هذه النصيحة:
هناك سر آخر للنجاح هو التحليل النفسي. فاستبطان الذات هو مرآة فيها تبصر
خفايا وخبايا عقلك التي بغير ذلك تبقى محجوبة عنك. حاول تشخيص نقاط الفشل
وافرز النزعات والميول الطيبة والرديئة. استخدم التحليل الذاتي لتعرف أين أنت الآن
وما الذي تريد تحقيقه وما هي العقبات التي تعيق طريقك. حدد طبيعة عملك الفعلي
واعرف ما هي رسالتك في الحياة. حاول امتلاك كل مقومات الشخصية الأصيلة
والنبيلة، غير مدفوع بالميول والأهواء. وإذ تحتفظ بعقلك متوافقا ومتناغما مع الله
ستتقدم بسرعة وبأمان واطمئنان على الطريق نحو غايتك المنشودة.
الهدف الأسمى هو العثور على الطريق إلى الله. ولكن هناك واجبات ومسؤوليات
ينبغي إنجازها والوفاء بها في هذا العالم. الإرادة المقترنة بروح المبادرة ستساعدنا
على تحديد تلك الالتزامات وانجازها على أكمل وجه.
قوة روح المبادرة الخلاقة
ما هي روح المبادرة؟ إنها مقدرة خلاقة في باطن الإنسان: شرارة من المبدع
اللانهائي تمنح القدرة على خلق شيء لم يخلقه شخص آخر من قبل، مثلما تمنح
الحافز للقيام بالأمور بكيفية جديدة مبدعة. إنجازات الشخص الذي يمتلك روح
المبادرة قد تكون رائعة ومدهشة كالشهاب الثاقب. وإذ يخلق – حسبما يبدو – شيئاً
من لا شيء، فإنه يبرهن على أن ما يبدو غير مستطاع هو بالفعل ممكن باستخدام
الإنسان لقوة الروح الأعظم الخلاقة.
روح المبادرة والابتكار تمكّن المرء من الوقوف على قدميه، حرا مستقلا ، وهي
إحدى ميزات النجاح.
صورة الله في الجميع
كثيرون يعذرون عيوبهم الذاتية ويدينون الآخرين دون هوادة. يجب أن نعكس هذا
الموقف بأن نتغاضى عن عيوب الآخرين (غير الضارة بالناس) ونضع شوائبنا تحت
المجهر.
من الضروري أحيانا تحليل الآخرين، ولكن في مثل هذه الحالة يجب إبقاء الفكر
متحررا من التحيّز والتمييز. الفكر المنصف الذي لا يعرف المحاباة هو كالمرآة
الصافية الثابتة، غير المهتزة بالإدانة المتسرعة. وكل من يظهر في تلك المرآة
سيبدو على حقيقته دون تزويق أو تشويه.
فلنعاين صورة الله في كل إنسان، من أي جنس ومعتقد. سوف نتذوق طعم الحب
المقدس عندما نشعر بوحدتنا مع البشرية وليس قبل ذلك. في الخدمة المتبادلة
ننسى الذات الصغيرة (الأنا) ونلمس الذات العظمى الواحدة التي لا حدود ولا قيود
لها: الروح الإلهي الذي يوحّد كل البشر ويؤلف ما بينهم.
العادات الفكرية تتحكم بحياة الإنسان
لعادات الإنسان القدرة على تعجيل أو تأجيل نجاحه. ليست الإلهامات العابرة أو
الأفكار المشرقة، بل العادات الفكرية اليومية هي ما يقرر مسار حياتنا.
العادات الفكرية هي مغناطيس عقلي يجذب إلينا صنوفا معيّنة من الأشياء والبشر
والظروف. عادات الفكر الطيبة تمكّننا من اجتذاب الفرص النافعة المواتية، أما
العادات الفكرية السيئة فتقرّبنا من ذوي الطباع والميول الدنيوية ومن ظروف غير
مستحبة.
بالإمكان إبطال مفعول العادات السيئة وشل قواها بتجنّب كل ما من شأنه أن يوقظها
أو ينعشها، دون التركيز المتواصل عليها. بعد ذلك ينبغي توجيه الفكر نحو عادة
طيبة والعمل على تنميتها باستمرار حتى تصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا يمكننا
الوثوق به والاعتماد عليه.
في داخلنا قوّتان متضادتان في صراع لا يهدأ: قوة تدفعنا دفعاً لفعل ما لا ينبغي أن
نفعله، وأخرى توحي لنا بفعل ما يتوجب علينا فعله من الأمور التي تبدو أكثر
صعوبة. الصوت الأول هو صوت الشر، أما الصوت الثاني فهو صوت الخير أو الله.
وبفعل وفضل الدروس اليومية الصعبة نرى بجلاء أن العادات السيئة تغذي شجرة
الرغبات المادية التي لا انتهاء لها، بينما العادات الطيبة تغذي شجرة الأماني
والطموحات الروحية السامية. يجب تركيز الجهود أكثر فأكثر على التنمية الصحيحة
للشجرة الروحية المباركة حتى نتمكن يوما ما من قطف ثمار معرفة الذات الناضجة
الشهية.
إذا استطاع الإنسان تحرير ذاته من كل أنواع العادات السيئة، وإن استطاع القيام بكل
ما هو طيب ونبيل محبة بالنبل والطيبة وليس لأن الشر يجلب الحزن والندامة
فسينمو بالروح وسيتقدم على الطريق.
سيتحرر الإنسان عندما يهجر عاداته السيئة طوعا واختيارا. لن يتحرر إلا عندما
يصبح سيدا قادرا على إصدار الأوامر لمشاعره وأفكاره وإرادته كي تفعل ما ينبغي
فعله، حتى ولو كان ذلك ضد رغباته. في تلك القوة لضبط النفس والسيادة الذاتية
تكمن بذور الحرية الأبدية.
لقد ذكرت حتى الآن عدة ميزات هامة للنجاح: التفكير الإيجابي، الإرادة الفاعلة،
التحليل النفسي، روح المبادرة، وضبط النفس. هناك كتب عديدة تؤكد على واحدة أو
أكثر من هذه الميزات ولكنها لا تعترف بالفضل للقوة الإلهية الكامنة خلف عوامل
النجاح تلك. التوافق مع الإرادة الإلهية هو العنصر الأهم في تحقيق النجاح.
الإرادة الإلهية هي القوة التي تحرّك الأرض وما عليها والكون وما فيه. إنها إرادة
الله التي تدفع النجوم في الفضاء، وإنها إرادته التي تطلق الكواكب في مساراتها
وتنظّم دورات الولادة والنمو والتحلل لكل صور الحياة. فتبارك الله وتباركت إرادته
الحكيمة العليمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء النقر على Older Post أو Newer Post أسفل الصفحة

.

No comments:

Post a Comment