Friday, July 1, 2011

برمهنسا يوغانندا: الغني من أغناه الله

الغني من أغناه الله

الإمبراطور أكبر

للمعلم الحكيم برمهنسا يوغانندا

ترجمة: محمود عباس مسعود

كان الإمبراطور أكبر (1556-1609م.) أحد أباطرة المغول في الهند، وكان من أعظم ملوك القارة الآسيوية الذين عرفهم التاريخ على مر الأجيال. وقد استحق لقب راعي الإنسانية نظراً لما كان يتحلى به من عدل وإنصاف بين الناس واهتمام جدي بشؤونهم. كما عمل جاهداً على استعادة أراضي الهند السليبة وتوحيدها في دولة مركزية قوية.
وكان أكبر من دعاة التسامح بين الأديان المختلفة في الهند. فأثناء حكمه ازدهرت الهندوسية والإسلام جنباً إلى جنب بتوافق وانسجام تامين. فالإمبراطور المسلم (أكبر) كان يتزيا أحياناً بالزيّ الإسلامي ويذهب للصلاة في المسجد، وأحياناً أخرى كان يرتدي اللباس الهندي ويقصد المعبد الهندوسي للتأمل والعبادة.
هذا الإمبراطور الكبير القلب والواسع الصدر لم يتوقف يوماً واحداً عن إغداق الهبات والعطايا على المحتاجين والمؤسسات الإجتماعية في طول البلاد وعرضها.
كان من عادته أن يركب في عربة ملكية فاخرة يجرها ثمانية جياد مطهمة. وكان الحراس والمنادون يعلنون عن قدوم موكبه الفخم بالطبول والصنوج والأبواق في كافة أرجاء المدينة.
وبالرغم من كل هذا المجد والأبهة، كانت هناك أوامر صارمة من أكبر نفسه لتوقيف الموكب في أي وقت وفي أي مكان إن أراد أحد الرعايا أن يرفع إليه طلباً أو يلتمس منه عوناً.
ذات يوم وأثناء مرور الموكب الملكي المهيب في جادة عريضة تحفّ بها الأشجار من الجانبين، لاحظ الإمبراطور ضريرين جالسين على بُعد أمتار قليلة من بعضهما وهما يصيحان طلباً للعون والصدقة.
أمرَ أكبر توقيف العربة أمام الضرير الأول الذي كان يصيح:
"
الغني من أغناه الإمبراطور."
وبعد أن استمع جيداً لتلك العبارة طلب من السائق أن يتقدم نحو الضرير الآخر الذي كان يصيح:
"
الغني من أغناه الله."
على مدى شهر كامل، كان الإمبراطور يسمع نفس العبارتين كلما مر بجانب الضريرين اللذين كانا يطلبان الغنى منه ومن الله. أخيراً دبّت النخوة في رأسه ورغب في مساعدة الرجل الأول الذي كان شعاره: الغني من أغناه الإمبراطور.
وذات يوم طلب أكبر من خباز القصر أن يخبز له رغيفاً كبيراً (من نوع الكماج السميك) على أن يكون قلب الرغيف محشواً بالذهب الخالص. هذا الرغيف أعطاه أكبر للضرير الأول وتجاهل كلياً الضرير الثاني الذي كان يتأمل الغنى من الله وليس من الإمبراطور.
بعد ذلك بقليل ذهب أكبر في رحلة صيد ولدى عودته مرّ في نفس الجادة فرأى الضرير الذي أعطاه رغيف الذهب ما زال في مكانه ويصيح كسابق عهده: ’الغني من أغناه الإمبراطور.
فطلب توقيف العربة الملكية أمام الضرير وقال له: "ما الذي فعلته بالرغيف الذي أعطيته لك؟"
فأجاب الرجل:
’يا صاحب الجلالة، الرغيف الذي تكرمت به عليّ كان كبيراً ولم يكن جيد الخـَبز لأنه كان ثقيلاً جداً، ولذلك بعته بعشرة فلوس للضرير الآخر وكنت ممنوناً للحصول على تلك الفلوس التي هي في الأصل من خيركم‘.
تلفـّت أكبر حوله بحثاً عن الضرير الآخر فلم يجده. وبعد الإستفسار عنه علم أنه أعطى الرغيف لزوجته وما أن شقـّته حتى عثرت على الذهب فاشتريا به بيتاً متواضعاً وقد تحسن حالهما بعد أن حقق الله أمنيتهما وأغناهما من واسع فضله.
ما أن سمع الإمبراطور ذلك حتى أدرك المغزى العميق لتلك الحادثة. وبتواضع باطني لا مزيد عليه تظاهر أنه منفعل وغاضب وراح يؤنب الضرير الأول قائلا:
’ما الذي فعلته يا غبي؟ لقد أعطيتَ رغيفي المحشو بالذهب إلى صديقك الذي اتكل على الله وليس عليّ أنا من أجل الغنى. من الآن وصاعداً يجب أن تتبنى شعاره وتنادي مثلما كان ينادي: الغني من أغناه الله.
أو ما معناه:
من لهُ الوهّابُ يعطي
وحدهُ يُدعى غنيا

والسلام عليكم
مزيد من تعاليم المعلم الحكيم برمهنسا يوغانندا على الرابط التالي
www.swaidayoga.com

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء النقر على Older Post أو Newer Post أسفل الصفحة


No comments:

Post a Comment