Friday, July 1, 2011

برمهنسا يوغانندا - درر ومأثورات

أقوال المعلم الحكيم

برمهنسا يوغانندا

نصائح وإرشادات للمريدين السائرين على الطريق الروحي

ترجمة: محمود عباس مسعود

مزيد من تعاليم المعلم

برمهنسا يوغانندا Paramahansa Yogananda

على الرابط التالي:

www.swaidayoga.com

وُلد المعلم برمهنسا يوغانندا في غوراكبورالهند في 5 يناير/كانون ثاني 1893

ومنذ سنيه المبكرة كان شديد التعطش للروحيات، وقد أوصله حماسه الروحي المتأجج إلى معلمه سوامي سري يوكتسوار الذي لقنه العلم الروحي القديم (كريا يوغا). فبمعونة مفتاح الكريا وهداية وتوجيه الحكيم العظيم سري يوكتسوار حقق برمهنسا يوغانندا غاية الحياة القصوى: التوحد مع الله.

في سنة 1920 وفدَ السيد الجليل يوغانندا إلى أمريكا نزولاً عند رغبة معلمه وتلبية لدعوة تلقاها ليقوم بتمثيل الهند في المؤتمر العالمي للمتدينين الأحرار المنعقد آنذاك في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة (وعمره 27 سنة!) وإثر إلقاء خطبته الأولى عن "عِلم الدين" حاضر الآلاف وكرّس شخصياً مائة ألف تلميذ في علم الكريا يوغا المقدس من كافة أنحاء العالم.
لم يقم برمهنسا يوغانندا بالتعليم وحسب، بل برهن بمثال حياته كيف أن الإنسان باستطاعته إبراز قواه الروحية الكامنة بواسطة تأمُّل اليوغا والاستقامة في العمل والمعاملة، وبواسطة الحكمة ومحبة الله.
الأقوال التالية مقتبسة من كتاب: (مأثورات خالدة أو قال المعلم)

وهي تنطق بصوت الحق لمعرفة برمهنسا يوغانندا بالله.

ملاحظة: (اللاحقة {جي} التي تقرن أحياناً بالأسماء الهندية توحي بالتقدير والاحترام)


سأل أحد التلاميذ: "سيدي، ما الذي يجب أن أفعله كي أتعرف على الله؟"
فأجاب المعلم:
"
في كل لحظة من لحظات فراغك غُص في بحر التفكير العميق به. تحدث إليه حديث القلب للقلب، حديث الروح للروح. إنه أقرب من القرب وأعز من الحبيب. اعشقه مثلما يتعشق البخيلُ المالَ، واحببه محبة المتيّم الولهان لحبيبة قلبه، محبة الغريق لنسمة الهواء. فعندما تبثه حنينك العارم وشوقك الغامر سيأتي إليك."
«««
{ شكا أحد التلاميذ للمعلم من عدم تمكنه من العثور على عمل، فقال له المعلم:
"
لا تتمسك بتلك الفكرة الهدّامة. إذ كجزء من هذا الكون لك فيه مكان ضروري لازم. هزّ العالم إذا اقتضى الأمر كي تعثر على عملك. لا تكف عن المحاولة وسيُكتب لك النجاح."
«««
{قال أحدهم: "ليتني أمتلك الإيمان يا سيدي!"
فأجاب السيد برمهنسا:
"
الإيمان يجب تنميته أو بالأحرى الكشف عنه في أعماقنا. إنه موجود ولكن ينبغي إظهاره. لو راقبت مجرى حياتك لوجدت طرقاً لا حصر لها يعمل الله بها من خلالك، وهكذا سيترسخ إيمانك ويتعزز يقينك. قلائل هم الذين يتطلعون إلى يد الله الخفية. معظم الناس يحتسبون أن تطور الأحداث والظروف الطارئة حالات طبيعية لا محيد عنها ولا هروب منها. ولكن ما أقل الذين يدركون التغيرات الجذرية والجوهرية التي يمكن إحداثها بفضل الدعاء وبفعل الإبتهال لله!"
«««
{ كان أحد المريدين يستاء من أقل تلميح إلى عيوبه، وذات يوم قال له المعلم:
"
لماذا تعترض على تقويم اعوجاجك؟ ألستُ أنا هنا من أجل هذا الغرض بالذات؟ كثيراً ما كان معلمي يعنفني أمام الآخرين لكنني لم أبدِ تذمراً أو امتعاضاً لأنني تيقنت من أن سري يوكتسوار كان يهدف إلى تنويري وتخليصي من جهلي. والآن لست سريع التأثر للإنتقاد. لم تبقَ بي قروح وجروح تؤلمها لمسات الغير. لهذا أخبرك علانية عن عيوبك. فإن لم تداوِ نقاط المرض في عقلك ونفسك فستنكمش ألماً وترتعش كلما فركها الآخرون."
«««
{ قال المعلم لمجموعة من المريدين:
"
لقد رتـّب الله لنا هذه الزيارة إلى الأرض، ولكن معظمنا نصبح ضيوفاً غير مرغوب بهم، محتسبين بعض الأشياء هنا بأنها ملكنا الحقيقي. وإذ ننسى أن إقامتنا الأرضية هي أقامة مؤقتة فإننا نخلق ارتباطات وعلاقات عديدة، مثل: "بيتي"، "عملي"، "مالي"، "أسرتي"، إلى ما هنالك. ولكن عندما تنتهي تأشيرة دخولنا إلى الأرض تضمحل وتتلاشى كل الروابط البشرية، وسنضطر عندئذ إلى ترك كل الأشياء التي كنا نظن أننا نمتلكها. والكائن الوحيد الذي يرافقنا في كل زمان ومكان هو قريبنا الأزلي الأبدي الله. ألا فاعلموا الآن أنكم الروح لا الجسد. لماذا تنتظرون الموت كي يعلمكم بطريقته الفظة المباغتة؟"
«««
{ وجد المعلم أنه من الضروري تأنيب أحد التلاميذ بسبب غلطة خطيرة، وفيما بعد قال متنهدا:
"
لكم أود أن أؤثر بالآخرين عن طريق المحبة لا غير! إن قلبي يتصدع ويتوجع عندما أجد أن لا مفر من تدريبهم بطريقة أخرى."
«««
{ حاول أحد العقلانيين المتعجرفين إرباك المعلم أثناء بحث مسائل فلسفية معقدة، فقال المعلم مبتسما:
"
الحق لا يخشى من الأسئلة أبدا."
«««
{ اعترف أحد التلاميذ بحزن للمعلم، قائلا: "إنني غارق في الأخطاء لدرجة لا أجد معها أملا في التقدم الروحي. وعاداتي السيئة قوية ومستحكمة بحيث أن مجهود مقاومتها قد أنهكني واستنزف قواي."
فأجاب المعلم متسائلا:
"
أبمقدورك إذاً أن تحسن مقاومتها غداً بدلاً من اليوم؟ سوف تتوجه إلى الله يوما ما. أفليس من الأفضل التخلص منها الآن؟ سلـّم أمرك لله وقل له: "إلهي، سواء كنت عاقاً أم باراً فإنني خاصتك، وأطلب منك أن تعينني وتكلأني برعايتك."
"
إن واصلت بذل الجهود وتكرار المحاولات فستتغير نحو الأفضل. فالقديس هو ذلك الخاطئ الذي لم يكف عن المحاولة في إصلاح ذاته."
«««
{ قال المعلم:
"
في غياب الفرح الباطني يجنح الناس نحو الشر. والتأمل على إله الغبطة يملؤنا طيبة وصلاحاً."
«««
{ قال المعلم:
إن بين الجسد والعقل والروح ارتباطاً وثيقاً متبادَل، ويؤثر أحدهم على الآخر. فواجبك نحو الجسد هو أن تبقيه سليماً معافى، ونحو العقل أن تنمّي قواه، ونحو الروح أن تتأمل يومياً على مصدر وجودك. إن قمت بواجبك نحو الروح فإن الجسد والعقل سينتفعان أيضا،. ولكن إن أهملت أمر الروح فسيعاني كذلك الجسد والعقل نتيجة لذلك الإهمال."
«««
{ استفهم أحد التلاميذ: "يا معلم، لقد علمتنا كي لا نصلـّي من أجل الحصول على الأشياء المادية، بل أن نطلب من الله كي يظهر ذاته لنا. فهل من الخطأ أن نسأله كي يحقق لنا حاجة ما؟" فأجاب المعلم:
"
لا بأس أن نخبر الله بأننا نريد شيئا ما، ولكننا نظهر إيماناً كبيراً إن قلنا ببساطة: "يا رب، إنني أعلم أنك تدرك مسبقاً كل ما احتاجه، فاسندني وأعلني حسب مشيئتك."

إن رغب إنسانٌ، على سبيل المثال، باقتناء سيارة فخمة وصلى بحرارة كي يمتلكها فسوف يحصل عليها. ولكن امتلاك سيارة قد لا يكون أفضل شيء بالنسبة له. إن الله لا يصغي أحياناً لابتهالاتنا الصغيرة لأنه يريد أن يتحفنا بهبات أروع وعطايا أفضل."
ثم استطرد قائلا: "رسّخ إيمانك بالله وثق بأن الذي خلقك سيعيلك ويزوّدك بضرورات العيش."
«««
{ أخفق أحد التلاميذ في تجربة روحية فراح يلوم نفسه بحسرة ومرارة، فقال له المعلم:
"
لا تعتبر نفسك خاطئاً، لإنك إن فعلت دنـّست الوعي الإلهي في داخلك. لماذا تربط ذاتك مع نقاط ضعفك؟ أكد بدلا من ذلك هذه الحقيقة لنفسك: "أنا قريب من الله وهو يحبني."

ابتهل له: "إلهي، سواء كنت عاقاً أم طيباً فإنني خاصتك. يقـّظ من جديد تذكـّري وشوقي لك يا رب!"

«««
{ علـّق أحد زائري صومعة إنسينيتاس قائلا: "كثيراً ما أفكر بأن الله ينسى الإنسان، وهو بلا شك يتحاشى التقرب من البشر." فأجاب المعلم:
"
بل الإنسان هو الذي يتجنب القرب من الله. من هم وأين هم الذين يطلبون التعرف على الله؟ إن هياكل معظم العقول البشرية تغصّ بأوثان الأفكار المضطربة والرغبات والشهوات الجامحة. وهكذا يصبح الله نسياً منسيا. ومع ذلك فإنه يرسل أنبياءه وأولياءه المستنيرين من حين إلى آخر كي يذكـّروا الإنسان بإرثه المقدس.
"
مستحيل أن يهجرنا الله أو يتخلى عنا. فهو يعمل بخفاء بكل السبل لمساعدة بنيه المحبوبين (من رجال ونساء) ولتسريع تقدّمهم الروحي."
«««
{ طلب أحد المريدين الشباب النصيحة فقال له المعلم:
"
العالم يغرس بك العادات السيئة والميول المنحرفة، ولكن العالم لن يكون مسؤولا ولن يعطي جواباً أو يقدم حساباً عن أخطائك الناجمة عن تلك الميول والعادات. إذاً لماذا تمنح كل وقتك لصديق مخادع؟ خصص ساعة يوميا من أجل الاكتشافات الروحية العلمية. أليس الله – واهبك الحياة والأسرة والمال وكل شيء آخر – بمستحق لجزء واحد من أربع وعشرين من وقتك؟"
«««
{ سأل تلميذ ٌ: "سيدي، لماذا يستهزئ بعض الناس بالقديسين ويسخرون منهم؟"
فأجاب المعلم:
"
فاعلو الشر يبغضون الحق والدنيويون قانعون بالإنحراف والإنجراف وراء التيار. كِلا الفريقين لا يحب التغيير. لذلك فإن مجرد التفكير بالقديسين يقلقهم ويعكـّر راحتهم. وهؤلاء يمكن تشبيههم برجل عاش لسنين طويلة في حجرة مظلمة. وإذ يشعل أحدهم الضوء فإن السطوع المباغت يزعج شبه المكفوف ويبدو بالنسبة له ظاهرة غير اعتيادية."
«««
{ تحدث المعلم ذات يوم عن التمييز العنصري فقال:
"
إن الله لا يرضى بأن توجَّه له الإهانة عندما يرتدي ثيابه السوداء."
«««
{ قال المعلم:
"
يجب ألا نرهب كوابيس الألم وألا نطير فرحاً بأحلام الاختبارات الجميلة. فإن أولينا أهمية لثنائيات الوهم الكوني مايا أو لازدواجيات الأضداد التي لا فكاك منها فإننا بذلك ننسى الله مقرّ النعيم الأبدي الذي لا يتغير ولا يتبدل. وعندما نستيقظ به سندرك أن الحياة البشرية ليست سوى صور قوامها الظلال والنور، مسلـّطة على شاشة السينما الكونية."
«««
{ أبدى زائرٌ الملاحظة التالية:
"
مع أنني أحاول تهدئة عقلي، لازلت أفتقد القدرة على التخلص من الأفكار المضطربة والنفاذ إلى العالم الباطني. لا بد أنني أفتقر إلى الحب الإلهي." فأجاب المعلم:
"
إن الجلوس في الصمت محاولا الشعور بالحب الإلهي قد لا يجديك نفعا. لهذا السبب أعلـّم فنون وطرق التأمل العلمي. مارس هذه الفنون وستتمكن من عزل العقل عن المشوشات الحسية وتيارات الأفكار العابرة الأخرى."
ثم أضاف: "بممارسة الكريا يوغا يرتقي وعي الممارس ويعمل على مستوى أرفع. عندها سيبزغ الحب الإلهي للروح اللانهائي تلقائيا في قلب المريد."
«««
{ وصف المعلم حالة "الكف عن العمل" الواردة في البهاغافاد – غيتا، فقال:
"
عندما يقوم اليوغي الصادق (المريد المخلص) بأداء عمل ما، فإنه لا يترك – من الناحية الكارمية – أثراً، تماماً كالذي يكتب على صفحة الماء." [أي لا يترك خلفه سجلا كارميا]. المعلم المستنير وحده هو المتحرر من قيود الكارما (القانون الكوني الصارم الذي يحتم على الأشخاص غير المستنيرين تحمّل نتائج أفكارهم وأفعالهم.)

«««
{ استصعب أحد التلاميذ تصوّر وجود الله في جسد الإنسان، فقال المعلم:
"
مثلما يُظهر الفحم المتوهج وجود النار، هكذا تنبئ الآلة الجسدية العجيبة عن وجود الروح الإلهي فيها."
«««
{ قال المعلم في إحدى محاضراته:
"
بعض الناس يفكـّرون أنه ما لم يعان المتعبد محناً وتجارب فلن يكون قديساً. آخرون يصرون على أن العارف بالله ينبغي أن يكون متحررا من الألم. إن حياة كل معلم تسير وفقا لنموذج خفي ومحدد. القديس فرنسيس الأسيزي مثلا كان مصاباً بالعاهات الجسدية، والمسيح الكلي التحرر سمح بأن يُصلب جسده. (والنبي محمد عليه السلام نادى بالجهاد الأكبر: مجاهدة النفس.) بعض الشخصيات العظيمة الأخرى من أمثال (المعلم الملكي) توما الأكويني ولاهيري مهاسايا أمضوا حياتهم دون عناء يذكر. يبلغ القديسون الخلاص الأخير من خلفيات مختلفة جدا. الحكماء الحقيقيون يبرهنون ذلك بصرف النظر عن الظروف الخارجية. فهم لديهم القدرة على إظهار صورة الله في داخلهم، ويقومون بأداء الأدوار التي يخصصها لهم الله، سواء أعجبَ ذلك الناس أم لم يعجبهم."
«««
{ قال المعلم:
"
إن الله يفهمك عندما يسيء الكل فهمك. إنه المحب الذي يرعاك بحنان ويعطف عليك دوماً مهما كانت أغلاطك وأخطاؤك. الآخرون يمنحوك مودتهم لفترة قصيرة ومن ثم يهجروك. ولكن الله لا يتركك ولا يتخلى عنك. ففي وسائل لا حصر لها يلتمس الله حبك يوميا. إنه لا يعاقبك على رفضك له ولكنك تعاقب نفسك إن فعلت وستجد أن كل الأشياء تخدعك إن لم تكن وفياً لله." (إن خـُنتَ ربَّكَ خانتكَ المقاديرُ.)
«««
{ استعلم أحد التلاميذ قائلا:
"
سيدي، هل تستحسن الطقوس الدينية؟" فأجاب المعلم:
"
الشعائر الدينية قد تلهم الإنسان كي يفكر بالله خالقه الأعظم. ولكن إن زادت عن حدها تحيّرت النفوس بمغزاها وجدواها!"
«««
{ سأل أحد التلاميذ: "ما هو الله؟"
فأجاب المعلم:
"
الله هو الغبطة الأبدية. جوهره المحبة والحكمة والسعادة المطلقة. إنه يظهر أمام قديسيه بالشكل الذي يحبذه كل منهم. والمريدون الذين يعبدون المظهر اللا شخصي يشعرون بالله كنور لا نهائي، أو يسمعون صوت أوم أو آمين الإلهي العجيب: الكلمة الأزلية.. الروح الأمين.
إن أسمى اختبار يمكن للإنسان أن يحصل عليه هو أن يتذوّق تلك الغبطة التي تحوي كل مظاهر الإلوهية الأخرى من محبة وحكمة وخلود. ولكن كيف لي أن أنقل لك بالكلام طبيعة الله؟ إنه يعصى على التوصيف. فقط بالتأمل العميق ستتعرف على جوهره الفريد."
«««
{ قال المعلم إثر التحدث إلى زائر مغرور يفرط في الحديث عن نفسه:
"
إن أمطار الرحمة الإلهية لا تتجمع فوق قمم الكبرياء المتشامخة، بل تنحدر بسهولة إلى أودية التواضع!"
«««
{ كان المعلم يقول لتلميذ من ذوي الميول العقلانية كلما رآه:
"
عليك بالحب الإلهي! تذكر كلمات السيد المبارك: "أشكرك لأنك أخفيتَ هذه (الحقائق) عن الحكماء والفهماء (في عيون أنفسهم) وأعلنتها للأطفال (الأبرياء)."
وزار التلميذ المعلمَ في خلوته بالصحراء في ميلاد عام 1951، وكان على طاولته بعض الألعاب التي كان ينوي تقديمها للآخرين كهدايا. وبروح الأطفال أخذ السيد برمهنسا يلهو بها لفترة ما، ثم سأل التلميذَ: "أتعجبك هذه الدمى؟" فأجاب التلميذ ضاحكاً وهو يحاول إخفاء الدهشة التي اعترته: "أجل يا سيدي."
فابتسم المعلم واستشهد ثانية بأقوال السيد المسيح: "دعوا الأولاد يأتون إليّ لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله."
«««
{ كان أحد التلاميذ مرتاباً في قدرته على مواصلة طريقه الروحي. ولكي يشجعه، قال المعلم له: "الله ليس بعيدا، بل قريب وأراه حاضرا في كل مكان."
فقال التلميذ محتجاً: "ولكنك معلمٌ عارفٌ بالله يا سيدي!"
فأجاب المعلم: "كل النفوس سواسية، والفارق الوحيد بينك وبيني هو أنني بذلت المجهود. لقد أثبتُ لله أنني أحبه فأظهر ذاته لي. اعلم أن الحب الإلهي هو المغناطيس الذي لا يقدر الله على الإفلات منه!"
«««
{ قال المعلم محذرا طلاب معرفة الذات من التهامل الروحي:
"
عندما يبلغ المريد حالة الإستنارة التامة (نيبريكالبا صمادهي) لا يسقط في أشراك الخداع بعدها. ولكن ما لم يبلغ تلك الحالة سيظل عرضة للسقوط والخطأ. لقد كان لمعلم هندي شهير تلميذ متقدم جدا في الروحيات بحيث كان معلمه يعتبره قدوة حسنة ومثالا صالحا لغيره. وذات يوم لمـّح التلميذ إلى أنه كان يساعد امرأة تقية بالتأمل معها، فقال له معلمه: "احذر واحترس يا حضرة الناسك!"
وبعد أسابيع قليلة أفرخت بعض بذور الكارما السيئة في حياة التلميذ ففر مع المرأة لكنه بالرغم من ذلك عاد سريعا إلى معلمه وصاح معتذرا: "العفو يا سيدي! إنني آسف ونادم كثيرا على ما حدث."

فهو لم يسمح لغلطة كي تصبح محور حياته بل رمى بكل الأخطاء وراء ظهره وضاعف جهوده من أجل بلوغ المعرفة التامة للذات الإلهية. ومن هذه الحكاية ستجدون أنه من الممكن أن يغرق حتى كبار المتعبدين – لفترة ما – في لجج الخداع. فإياكم أن ترخوا حبل اليقظة والاحتراس ما لم تتحدوا بالغبطة الكلية."
«««
{ قال المعلم:
"
العلوم المادية هي ذات طابع نظري أكثر من الدين الصحيح ذي الطابع العملي. فالعلم يستطيع استقصاء وتحري مسالك ومسارات الذرة ومعرفة طبيعتها الخارجية، لكن ممارسة التأمل تمنح المقدرة الكلية بحيث يتمكن اليوغي من التوحد مع الذرة نفسها."
«««
{ كان تلميذ لجوج كثيرا ما يحضر إلى المركز الرئيسي لمعرفة الذات دون توقع، وكثيرا ما كان يتصل هاتفيا collect[على حساب المعلم]، فقال المعلم ذات مرة:
"
إنه شخص غريب الأطوار ومع ذلك فقلبه مع الله. وبالرغم من كل عيوبه سيصل إلى هدفه لأنه لن يدع الله وشأنه حتى يحقق غايته."
[في عام 1980 التقى المترجم بذلك الشخص الغريب الأطوار وعمل معه في أحد مراكز معرفة الذات كما أنه سمع منه مباشرة أن المعلم العظيم ظهر أمامه قبل أن يلتقي به، مما يدل على أنه كان أحد التلاميذ في تجسد سابق، وهو من أصل هنغاري.]
«««
{ عندما وفد المعلم إلى أمريكا (سنة 1920) كان يرتدي آنذاك الزي الهندي التقليدي، وكان شعره طويلا مسترسلا على كتفيه. فسأله أحد الأشخاص، وكان قد افتتن بما بدا له منظرا غريبا، قال: "هل أنت عرّاف، قارئ حظوظ؟"
فأجاب المعلم:
"
لا هذا ولا ذاك. لكنني أعلـّم الناس كيف يحسـّـنون حظوظهم ويضاعفون فرص نجاحهم."
«««
{ تحدث المعلم ذات يوم للتلاميذ عن قديس سقط من مستوى رفيع بسبب عرضه للقوى الخارقة أمام الجموع، قال:
"
لكنه أدرك غلطته سريعا وعاد إلى تلاميذه. وفي آخر أيام حياته بلغ حالة التحرر التام."
وهنا استعلم أحد المريدين: "سيدي، كيف استطاع أن يرتقي ثانية بهذه السرعة؟ أليست العقوبة الكونية لرجل يسقط من حالة سامية أشد صرامة منها لشخص عادي يتصرف بدافع الجهل؟ ومن المفارقة أن القديس الهندي لم ينتظر طويلا لبلوغ الخلاص الأخير!"
فهز المعلم رأسه وقال مبتسماً:
"
الله ليس ظالماً مستبدا. إن شخصاً معتاداً على تناول طعام في منتهى اللذة لن يطيب له الإغتذاء على الطعام التافه المذاق. وإن طلب الطعام اللذيذ ثانية بقلب منسحق فلن يحرمه الله مشتهاه."
«««
{ ظن أحد الأصدقاء أنه من غير اللائق لجماعة معرفة الذات القيام بالنشر والإعلان للترويج للتعاليم الروحية، فقال المعلم:
"
إن شركة ريغلي تستخدم الدعايات لإقناع الناس بضرورة مضغ اللبان(العلكة)، فما الضرر من استخدامي النشر والإعلان لاستمالة الآخرين كي يمضغوا أفكارا طيبة؟!"
«««
{ تحدث المعلم عن الكيفية السريعة التي بها نتحرر بنعمة الله من أوهام الخداع الكوني، قال:
"
في هذا الكون نبدو غارقين في بحر المتاعب والآلام، فيهزنا الله كي يوقظنا من هذا الحلم المرعب. وكل إنسانعاجلا أم آجلا – سيحصل على ذلك الإختبار التحرري الرائع."
«««
{ كان أحد التلاميذ يتردد بين طريق الزهد والمطامح الدنيوية، فقال له المعلم بلطف:
"
إعلم أن كل ما تسعى للحصول عليه، وأكثر منه بكثير، ينتظرك في الله."
«««
{ قال المعلم لتلميذ كان يبدو غارقا في العادات السيئة:
"
إن كانت تعوزك قوة الإرادة فحاول تنمية قوة اللا إرادة (أي اللا إرادة في ارتكاب الخطأ).
«««
{ قال المعلم ذات مرة:
"
يا لها من مسؤولية جسيمة يتحملها المرء عندما يحاول إصلاح الآخرين! فالوردة تبدو جميلة في المزهرية ولكن الآخرين ينسون كل أعمال البستنة التي ساهمت في جعلها يانعة ناضرة. وإن اقتضى إنتاج وردة ندية مجهودا كبيرا فأي عناء يلزم لإنتاج كائن بشري مستكمل!"
«««
{ قال المعلم:
"
لا تختلطوا كثيرا بالآخرين. فالصداقات لا تشبع نفوسنا ما لم تكن راسخة في الحب المشترك لله. إن تشوّقنا للفهم الودي من الآخرين هو بالحقيقة حنين النفس للإتحاد بمصدرها: الله. وكلما التمسنا ذلك الحنين عن طريق الأشياء الخارجية كلما قلـّت احتمالية عثورنا على الرفيق الأعلى."
«««
{ قال المعلم:
"
هناك ثلاثة أصناف من المريدين الروحيين: مؤمنون يحضرون بيوت العبادة وهم قانعون بذلك فقط، ومؤمنون يحبون حياة النزاهة والاستقامة لكنهم لا يبذلون المجهود اللازم للتوحد مع الله، ومؤمنون مصممون على اكتشافهم ذاتهم الحقة."
«««
{ عندما سئل المعلم كي يعرّف معرفة الذات قال:
"
معرفة الذات هي العلم جسدا وعقلا وروحا بأننا واحد مع وجود الله الكلي، وأنه لا يتوجب علينا الابتهال كي نحصل على تلك المعرفة. فنحن لسنا قريبين من ذلك الوجود وحسب، بل أن وجود الله الكلي هو وجودنا الكلي أيضا، وأننا قريبون منه الآن بنفس الدرجة التي سنكون بها قريبين منه في أي وقت آخر، وما علينا إلا أن نحسّن معرفتنا به."
«««
{ قال المعلم:
"
إن الله يحقق بسرعة أية حاجة لمتعبديه لأنهم تحرروا من الدوافع الأنانية التي تحبط المساعي وتخيّب الآمال. في أوائل أيام معرفة الذات، كان الرهن مستحق الدفع ولم يكن لدينا الرصيد الكافي في البنك، فابتهلت بحرارة وقلت لله: "مصير المؤسسة بين يديك." وبعد ذلك بقليل وصلني عن طريق البريد تبرع مالي كبير للمؤسسة فحلت المشكلة المالية.
«««
{ كان أحد التلاميذ أمينا وسريع الإنجاز لأي عمل يطلبه منه المعلم، لكنه لم يكن ليسدي أية خدمة للآخرين. وعلى سبيل التقويم قال له المعلم:
"
يجب أن تخدم الغير تماما مثلما تخدمني. إعلم أن الله يسكن في الجميع، فلا تدع فرصة كسب رضاه تفوتك."
«««
{ قال المعلم:
"
الموت يعلـّمنا عدم الاعتماد على الجسد بل على الله. لذلك فالموت من هذه الناحية هو صديق. يجب ألا نبالغ في حزننا على أحبائنا المفارقين. فمن الأنانية أن نتمناهم دوما بقربنا من أجل متعتنا وراحتنا. وينبغي أن نبتهج لأنهم استـُدعوا للاقتراب من حرية الروح في الآفاق الرائعة لأحد العوالم الأثيرية.
إن أسى الفراق يجعل معظم الناس ينتحبون لفترة قصيرة ومن بعدها ينسون الفقيد الراحل. أما الفهماء فيشعرون بدافع خفي كي يبحثوا عن أعزائهم في قلب الكائن الأزلي. فالذي يفقده المريدون في الحياة الفانية يعثرون عليه ثانية في الوجود اللانهائي."
«««
{ استعلم تلميذ: "سيدي، ما هو في تقديرك أفضل دعاء؟"
فقال المعلم:
"
قل لله: أرجوك يا رب أن تعرّفني على إرادتك. لا تقل: أريد هذا وأريد ذاك، بل آمن وثق بأن الله يعرف حاجتك وستجد بأنك تحصل على أشياء أفضل بكثير عندما يختارها هو لك."
«««
{ غالبا ما كان المعلم يطلب من التلاميذ القيام ببعض الأعمال، وعندما أهملت إحدى التلميذات واجبا صغيرا محتسبة أنه شيء زهيد لا يستحق الإهتمام، عاتبها المعلم قائلا:
"
إن الأمانة في إنجاز الواجبات الصغيرة تقوّينا كي نتمسك بمقررات صعبة ستضطرنا الحياة كي نتخذها يوما ما."
«««
{ قال المعلم لتلميذ حديث، مستشهدا بأحد أقوال معلمه سري يوكتسوار:
"
بعض الأشخاص يعتقدون أن دخول الصومعة قصد التدريب والتهذيب الذاتي هو أمر يبعث على الحزن كالطقوس الجنائزية ومراسم الدفن، غير أنها قد تكون تكفين ودفن كل الأحزان والمنغصات!"

«««
{ قال المعلم:
"
من الحماقة أن نتوقع السعادة الحقيقية من التعلقات والمقتنيات الأرضية لأنها لا تقدر أصلا على تحقيقها لنا. ومع ذلك فإن ملايين البشر يموتون مكسوري الخاطر، منسحقي القلب بعد محاولاتهم غير المجدية للعثور في الحياة الدنيوية على تلك السعادة التي لا وجود لها إلا في الله ينبوع كل فرح وابتهاج."

«««
{ قال المعلم:
"
الخطيئة هي كل ما يبقيك غافلا عن الله وغير مهتم به."
«««
{ كان أحد طلاب الصومعة شديد الولع بالعبث والمزاح. فالحياة بالنسبة له بدت تسلية دائمة. وضحكاته التي كانت تلقى الاستحسان أحياناً، كثيرا ما كانت تصد المريدين الآخرين عن التفكير الهادئ الرزين بالله.
وفي أحد الأيام زجر برمهنساجي التلميذ بلطف قائلا:
"
يجب أن تكون أكثر جدية."
فأجاب التلميذ نادما بكل إخلاص على خفته وعدم اتزانه:
"أي والله يا سيدي، ولكن عادتي قوية جداً! وكيف يمكنني تغيير ذاتي دون الحصول على بركتك"
فأكد له المعلم وطمأنه قائلا:
"
إن بركتي موجودة، وبركة الله موجودة أيضا، ولا تمس الحاجة إلا لبركتك أنت!"
«««
{ سيدتان كانتا تتركان سيارتهما دون قـَفل، فقال لهما المعلم:
"
اتخذا الحيطة اللازمة. أقفلا أبواب سيارتكما." فصاحتا: "وأين إيمانك بالله؟" فأجاب:
"
عندي إيمان، ولكن ذلك لا يعني الإهمال والتسيب."
لكنهما استمرتا في ترك السيارة دون إقفال. وذات يوم سطا لصوص على السيارة وسرقوا الكثير من الأشياء النفيسة التي كانت قد تـُركت في المقعد الخلفي.
فقال المعلم: "لماذا تتوقعان من الله أن يحرسكما إن أهملتما قوانين العقل والحيطة الممنوحة منه؟" ثم أضاف: "امتلكا الإيمان ولكن كونا واقعيتين، ولا تغريا الآخرين." [أعقِلها وتوكل]
«««
{ انهمك بعض التلاميذ في دوامة من العمل بحيث أهملوا تأملهم، فنبههم المعلم قائلا:
"
لا تقولوا غداً سنتأمل أكثر، لأنكم إن فعلتم ستجدون أن سنة بكاملها قد انقضت دون تحقيق غرضكم السامي. قولوا بدلا من ذلك: هذا يمكن أن ينتظر وذاك يمكن أن ينتظر، لكن بحثي عن الله لا يمكن أن ينتظر."
«««
{ قال تلميذ: "سيدي، لماذا يعرف بعض المعلمين أكثر من غيرهم من المعلمين الروحين؟"
فأجاب السيد برمهنسا:
"
إن كل الذين بلغوا حالة التحرر التام متساوون في الحكمة. إنهم يعرفون كل شيء لكنهم نادراً ما يـُظهرون تلك المعرفة. ولكي يكسبوا مرضاة الله فإنهم يؤدون الدور الذي خصصه لكل منهم. وإن صدرت عنهم بعض الزلات والهفوات فلأن ذلك هو جزء من دورهم البشري. لكنهم لا يتأثرون داخليا بأضداد وثنائيات مايا: الوهم الكوني."
«««
{ قال أحد التلاميذ للمعلم: "سيدي، إنني أجد صعوبة في الإحتفاظ بالصداقات التي أبنيها."
فأجاب المعلم:
"
انتق ِ صحبك بحرص وعناية. كن أنيساً مخلصاً معهم ولكن احتفظ دوما ببعض المسافة وليكن الإحترام المتبادل صلة الوصل بينك وبينهم، ولا تتخط حدود اللياقة معهم. من السهل مصاحبة الآخرين، ولكن إن رغبت في المحافظة على مودتهم واحترامهم لك فعليك العمل بهذه النصيحة."
«««
{ سأل تلميذ: " يا معلم هل يمكن لنفس ما أن تـُفقد فقداناً أبدياً؟"
فأجاب السيد برمهنسا:
"
مستحيل! لأن كل نفس هي جزء لا يتجزأ من الله، ولذلك فهي باقية، خالدة، لا يمسها الفناء." «««
{كان أحد المريدين لا يألو جهدا في البحث عن علامات التقدم الروحي، فقال له المعلم:
"
إن زرعت بذرة ونبشتها كل يوم لتفحص نموّها فلن تتأصل شروشها في التربة ولن تنمو. اعتن بها عناية صحيحة، ولكن لا تكن كثير الفضول."
«««
{ قال المعلم:
"
التفتح الروحي بالنسبة للمريد الصادق والجاد على الطريق الصحيح هو حدثٌ طبيعي يمر دون أن يلحظه. فعندما يمنح الإنسان قلبه لله يفكر به تفكيرا متواصلا لدرجة أنه لا يدرك معها بأنه قد حلّ كل مسائل ومشاكل الحياة. وإذ يشرع الآخرون بمناداته (يا معلم) يقول في نفسه: "يا سبحان الله! هل أصبح هذا الخاطئ قديساً؟ فليشرق نورك يا إلهي على محيّاي بحيث لا يبصرني أحد، بل يبصروك أنت وحدك."
«««
{ كان بعض التلاميذ يناقشون الصفات المميزة لأحد الأشخاص، ومن جملة ما قالوه: "إن فلاناً بالفعل هو شخص غريب الأطوار!" فقال المعلم:
"
ولـِمَ تتعجبون؟ الناس أجناس وهذا العالم ليس سوى معرض الرب الذي فيه من كل ما هب ودب!"
«««
{ سأل أحدهم: "أليست تعاليمك بخصوص كبح العواطف خطرة. إذ العديد من علماء النفس يقولون بأن الكبت يؤدي إلى اضطرابات نفسية وأمراض جسدية كذلك."
فأجاب المعلم:
"
إن كبت العواطف هو أمرٌ مضرٌ دون شك: أي التفكير المتواصل بشيء ما دون القيام بالخطوات البنـّاءة للحصول عليه. ولكن ضبط النفس مجدٍ ونافع: أي استبدال الأفكار الخاطئة بالسليمة والأفعال القبيحة بالنافعة الكريمة. الذين ينغمسون في الشرور يجلبون الأذى والضرر على أنفسهم. أما الذين يملأون عقولهم بالحكمة والتفكير الإيجابي وينهمكون بالنشاطات البنـّاءة فيجنبون أنفسهم آلاماً فظيعة ومعاناة مفزعة."
«««
{ قال المعلم:
"
إن الله يمتحننا بشتى الطرق. فهو يـُظهر مواطن ضعفنا لعلنا نتعرف عليها ونحوّلها إلى قوى وطاقات نافعة. أحياناً قد يضع في دروبنا محناً وتجارب تبدو فوق طاقتنا واحتمالنا، وأحياناً يبدو وكأنه يدفعنا بعيدا عنه. ولكن المريد الفطين يقول: "أريدك يا رب مهما كانت الظروف التي تواجهني، ولا شيء يمكن أن يصدّني عنك. ودعاء قلبي الصادق هو: لا تدخلني في تجربة نسيان وجودك أو إغفال التفكير بك."
«««
{ استعلم تلميذ متشكك: "سيدي هل سأترك يوما ما الطريق الروحي؟"
فأجاب المعلم:
"
وكيف يمكنك ذلك وكل إنسان في العالم هو على الطريق الروحي؟"
[المقصود هنا أن غاية الحياة هي العودة إلى الله عن طريق الطريق الروحي. وسواء أدرك الناس هذه الحقيقة أم لا، فأن طبيعتهم الروحية تدفعهم نحو الهدف النهائي بطريقة أو بأخرى، بكيفية واعية أو لاشعورية.]
«««
{ جاء تلميذ إلى المعلم وقال له بلهفة: "سيدي، هلا ّ تكرمت ومنحتني الشوق الإلهي؟"
فأجاب المعلم:
"
بالحقيقة أنت تقول: اعطني المال حتى أتمكن من شراء ما يحلو لي، ولكني أقول: لا. يجب أولا أن تكسب المال بنفسك وعندها سيكون من حقك التمتع بما تشتريه!"
«««
{ قص المعلم هذا الاختبار كي يلهم أحد التلاميذ في إقلاع طائرة عقله عن المستوى الأرضي:
"
رأيت ذات يوم نملة صغيرة تحاول تسلـّق كومة من الرمل، فقلت بيني وبين نفسي: لا بد أن النملة تفكـّر بأنها تتسلق جبال الهملايا! ربما بدت كومة الرمل هائلة الحجم بالنسبة للنملة ولكن ليس لبصري. وبالمثل فإن ملايين من أعوامنا الشمسية قد تكون أقل من دقيقة واحدة في عقل الله. يجب تدريب أنفسنا على التفكير بالأمور العظيمة مثل الأبدية واللانهاية."
«««
{ كان المعلم يقوم بتمرين المساء على أرض صومعة إنسينيتاس مع مجموعة من التلاميذ. وأثناء التمرين استعلم أحد الشبان من المعلم عن قديس لم يعرف اسمه، قال: "سيدي إنه المعلم الذي ظهر أمامك هنا منذ عدة شهور." فأجاب المعلم :"لا أذكر."
فقال الشاب: "كان ذلك في الحديقة الخلفية يا سيدي."
فقال المعلم: "قديسون كثيرون يزورونني هنا. أرى بعض الذين فارقوا العالم وبعض الذين لا يزالون على هذه الأرض."
فقال الشاب: "ما أروع ذلك يا سيدي!" فأجاب المعلم:
"
حيثما يوجد متعبد لله يفتقده أولياء وقديسو الله بالزيارة." وهنا توقف المعلم للحظة، ممارساً بعض التمارين الرياضية، ثم قال:
"
البارحة أثناء التأمل في غرفتي أردت أن أعرف بعض الأمور عن حياة معلم عظيم عاش في العصور الخوالي، فتجسد ذلك المعلم أمامي وجلسنا على سريري لفترة طويلة، جنباً إلى جنب، يداً بيد."
فقال الشاب: "وهل أخبرك عن حياته يا سيدي؟" فأجاب المعلم:
"
في تبادل الأمواج والاهتزازات الروحية حصلت على كل ما كنت أتوق لمعرفته."

«««
{ وضّح المعلم العظيم برمهنسا السبب من عدم تمكـّن الناس – باستثناء قلة قليلة منهممن التعرف على الرب اللانهائي، فقال:
"
إن كوباً صغيراً لا يقدر على احتواء مياه المحيط. لكن إن تابع المريد توسيع مداركه بالتأمل الجاد فسيحصل في النهاية على المعرفة الكلية، لأنه سيتوحد مع الوعي أو العقل الإلهي الكوني الحالّ في كل ذرة من ذرات الوجود."
«««
{ ترك أحد التلاميذ الصومعة بعد أن أمضى فيها فترة من الزمن، وعندما عاد ذات يوم قال بحزن للمعلم: "ما الذي دعاني لمغادرة هذا المكان المبارك؟" فعلـّق المعلم متسائلا:
"
أليس هذا المكان جنة مقارنة بالعالم الخارجي؟"
فأجاب الشاب: "إي والله إنه لكذلك يا سيدي." ثم نشج منتحبا لدرجة أن المعلم بكى لبكاه.

«««
{ شكـَت إحدى أخوات معرفة الذات من عدم شعورها بالحب الإلهي، قالت:
"
هذا لا يعني أنني لا أريد التعرف على الله، لكني أبدو غير قادرة على توجيه حبي له. فما الذي ينبغي أن يفعله أولئك الذين يعانون مثلما أعاني من حالة الجفاف الروحي هذه؟"
فأجاب المعلم:
"
يجب أن تدَعي جانبا التفكير بأن الحب الإلهي يعوزك، وعليكِ أن تعملي على تنميته. ولماذا تقلقين وتتكدرين لأن الله لم يظهر ذاته لكِ؟ فكـّري بالزمن الطويل الذي تغافلتي فيه عن الله! ضاعفي مجهودك التأملي. تعمقي بالتفكير المقدس. اتبعي تعليمات الصومعة واعملي بموجب الإرشادات والتوجيهات وسترين أنه بتغيير عاداتك ستوقظين في قلبك ذكرى حضوره المبارك. وإذ تتعرفين على الله فإنك دون أدنى شك ستحبينه."
«««
{ في أحد أيام الأحد دعي المعلم لحضور قداس في إحدى الكنائس، وقد قامت جوقة المرتلين بإنشاد بعض الترانيم احتفاءً به. وإثر انتهاء القدّاس سأل رئيسُ الجوقة برمهنساجي: "هل استمتعت بالغناء؟" فأجاب المعلم دون حماس: "كان لا بأس به." فقال المنشدون: "إذاً لم يعجبك!" أجاب: "ولكني لم أقل ذلك."
وإذ ألحوا عليه في السؤال طالبين إعطاءهم مزيدا من الإيضاح، قال المعلم:
"
من الناحية الفنية كان الإنشاد رائعاً، ولكنكم لم تعرفوا لمن كنتم تنشدون. لقد كان همكم الوحيد إرضائي وإرضاء الحاضرين. في المرة القادمة لا ترنـّموا للإنسان بل لله."
«««
{ كان التلاميذ يناقشون بتعجّب الآلام التي تحمّلها برضاء القديسون الشهداء عبر التاريخ، فقال المعلم:
"
إن مصير الجسد لا أهمية له بالنسبة للعارف بالله. الجسد يشبه الصحن الذي يستعمله المتعبد أثناء تناول حكمة الحياة. وبعد أن يُشبع جوعه للأبد فما قيمة الصحن الذي قد ينكسر ويتحطم؟ ولكن هيهات أن يشعر المتعبد بذلك لأنه يفنى في الله الواحد الأحد."
«««
{ كانت أمسيات الصيف الطويلة غالباً ما تشهد المعلم منهمكا في النقاشات الروحية مع التلاميذ على شرفة صومعة إنسينيتاس. وذات مرة تحول الحديث إلى المعجزات ، فقال المعلم:
"
معظم الناس مهتمون بالمعجزات ويرغبون مشاهدتها. لكن معلمي الجليل سري يوكتسوار الذي كان يمتلك القدرة على التحكم بكل القوى الطبيعية كان صارماً من هذه الناحية. وقبيل مغادرتي الهند كي أحاضر في أمريكا قال لي: "يقـّظ حب الله في قلوب الناس، ولا تجتذبهم إليك بعرض القوى الخارقة."
فإن مشيتُ على النار والماء وملأتُ قاعات المحاضرات بالباحثين الفضوليين، فأي خير يحصل من ذلك؟ انظروا النجوم والغيوم، والبحر وقطرات الندى المعتلقة بالأعشاب والأزهار! فهل لمعجزة بشرية يمكن مقارنتها بهذه الظواهر التي لا يمكن تعليلها أو تفسيرها؟ ومع ذلك فما أقل الذين يسترشدون بكتاب الطبيعة كي يحبوا الله معجزة المعجزات!"
«««
{ استعلم زائرٌ: "أليست حكمة القديسين ناتجة عن حصولهم على مِنـّة خاصة من الله؟"
فأجاب المعلم:
"
لا. إن امتلاك بعض الناس لمقدار أقل مما يمتلكه سواهم من المعرفة المقدسة لا يعني أن الله يحدّ أو يقنن فيض نعمته إلى البشر، بل السبب يعود إلى أن معظم الناس يعيقون انسياب نوره الدائم السطوع ويحولون دون إشراقه في نفوسهم. وبالتخلص من الحجب المظلمة للأنانية ومحبة الذات فإن كل بنيه سيتمكنون من إظهار معرفته الكلية في حياتهم."
«««
{ تكلم أحد الزائرين باستهانة واستخفاف عن ما يُسمى عبادة الأصنام في الهند، فقال المعلم بهدوء:
"
إذا جلس إنسانٌ بعينين مغمضتين في مكان العبادة أو تمتم بعبارات دينية سامحا في نفس الوقت لأفكاره بالتحليق والتحويم حول الأمور المادية – التي هي بالفعل أوثان الدنيويين – فإن الله لعلى يقين بأن العبادة ليست موجّهة له أو مرفوعة إليه." وإن سجد آخر أمام حجر معتبراً إياه رمزاً ومذكـّراً للروح الإلهي الحي الكلي الوجود، فإن الله يتقبل منه تلك العبادة."
«««
{ قال تلميذ للمعلم:
"
إنني ذاهب إلى التلال كي أكون وحيداً مع الله."
فأجاب برمهنساجي:
"
لن تتقدم روحياً إن فعلت. فعقلك لا قدرة له في الوقت الحاضر على التركيز بعمق على الروح. إن أفكارك ستحوم في أكثر الأحيان حول ذكريات الناس والمتع الدنيوية، حتى ولو اعتزلت في كهف منيع. الإنجاز الصادق الأمين لواجباتك الحياتية مع التأمل اليومي هو الطريق الأفضل."
«««
{ قال المعلم لتلميذ بعد أن أثنى عليه:
"
عندما يُقال لك أنك طيّب فينبغي ألا تتقاعس عن بذل المجهود. بل عليك أن تضاعف جهودك كي تصبح أفضل وأحسن. فتحسّـنك المتواصل يرضي الله ويرضيك ويسعد كل من حولك."
«««
{ قال المعلم:
"
الإعراض عن بهرج العالم ونبذ الأطماع الدنيوية ليست حالة سلبية بل إيجابية. فهي ليست تخلياً إلا عن التعاسة، ولا تنازلا إلا عن الشقاء. وينبغي على الإنسان أن لا يفكـّر بأن الزهد هو طريق تضحية. بل على العكس من ذلك هو استثمار مقدّس بحيث أن الفلوس الزهيدة لتهذيبنا النفسي ستدرّ علينا ملايين الدولارات الروحية. أليس من الحكمة أن نصرف النقود الذهبية لأيامنا العابرة كي نبتاع بها مملكة النعيم الأبدي؟!"
«««
{ قال المعلم وهو يحدّق في أحواض الزهور التي تزيّن المعبد:
"
لأن الله هو الجمال فقد خلق الظـُرف والملاحة في الأزهار علـّها تتحدث عن روائعه. فهي أكثر من أي شيء آخر في الطبيعة تشير إلى وجوده. إن وجهه المتألق يرنو من براعم الزنابق وأهداب الأقحوان، وفي أريج الورد يهمس قائلا: "ابحث عني!"
تلك هي طريقته في الإعراب عن ذاته، وما عدا ذلك فإنه يظل ساكتاً ساكناً.
إنه يعلن عن شغل يديه في محاسن الخليقة لكنه لا يـُظهر أنه – هو ذاتهالموجود خلف مظاهر الطبيعة."
«««
{ طلب اثنان من تلاميذ الصومعة من المعلم كي يأذن لهما بزيارة أصدقائهما، فأجاب:
"
في بداية التدريب الروحي من غير المستحسن للمريد أن يكثر من الإختلاط مع ذوي الميول الدنيوية لأن عقله سيصبح نزّاً كالمصفاة التي يتسرب منها السائل، فلا يقدر على الإحتفاظ بمياه الإدراك الروحي. الرحلات والزيارات المتكررة لن تمنحكما المعرفة بالكائن اللانهائي."
ولما كانت طريقة المعلم هي الإيحاء وليس الأمر، أضاف قائلا: "من واجبي أن أنبهكما عندما أرى أنكما تنحرفان عن الطريق، ولكن افعلا ما يحلو لكما."
«««
{ قال المعلم:
"
إن الله يحاولعلى الأرض – تطوير واستنباط الفن العالمي للحياة السعيدة عن طريق بث مشاعر الإخاء في قلوب الناس وغرس احترام وتقدير الآخرين في نفوس بعضهم البعض. لذلك فهو – سبحانهلم يسمح لأية أمة بأن تكون كاملة بذاتها. فلأفراد كل شعب وهب قدرات وكفاءات خاصة بهم، واختصهم بنبوغ فريد من نوعه، بحيث يمكنهم أن يساهموا مساهمة متميزة في مسيرة الحضارة العالمية. السلام على الأرض سيزهر ويثمر بين الأمم من خلال تبادلها البنـّاء لأفضل الخاصيات والمزايا لكل منها. وإذ نغض الطرف ونتغاضى عن عيوب الشعوب، علينا أن نرى بوضوح فضائلها ونتشبه بها. ومن الأهمية بمكان أن نلاحظ أن المُثل العليا قد تجسّدت في الأنبياء والرسل والقديسين عبر التاريخ، حيثهم كانوا – وما زالوا – نماذج حية لأسمى التعاليم المقدسة."
«««
{ كانت أحاديث المعلم تشرق بالابتسامات، وذات مرة قال وهو يبتسم:
"
إنني أرى السائرين على الطريق الروحي كالعدّائين في حلبة السباق. بعضهم يسرع في الجري، آخرون يتباطئون في السير، وهناك نفر آخر يعدو بالاتجاه الخلفي!" (إلى الوراء دُر).
وفي مناسبة أخرى لاحظ قائلا:
"
الحياة هي معركة صراع وكفاح. الناس يحاربون أعداءهم الباطنيين من جهل وجشع، وكثيرون يصرعهم رصاص الرغبات والشهوات."

«««
{ وبّخ المعلم مجموعة من التلاميذ لتهاونهم في إنجاز واجباتهم. وإذ اغتمّوا وحزنوا كثيراً، قال:
"
لا يطيب لي أن أعنفكم لأنكم كلكم طيبون جداً، لكنني عندما أرى بقعاً على جدار أبيض أرغب في إزالتها."
«««
{ كان المعلم مسافراً مع مجموعة صغيرة من التلاميذ في سيارة لزيارة إحدى خلوات معرفة الذات (في الصحراء)، فمروا بعجوز يحمل كيساً على ظهره ويمشى ببطء وتثاقل على طريق ترابي في حرارة الشمس اللاهبة. فطلب المعلم من السائق أن يوقف السيارة، ثم نادى ذلك الشيخ وأعطاه بعض النقود. وبعد برهة من الصمت قال المعلم للتلاميذ:
"
آه من العالم ومفاجآته الفظيعة! نحن راكبون والشيخ يمشي. عليكم أن تتيقظوا وتنجوا من المخاوف التي تحدثها هجمات الخداع الفجائية. فلو امتلك ذلك الرجل المسكين معرفة الله لكان العوز والرخاء عنده سيان. في اللانهائي تتحول كل حالات الوعي إلى غبطة دائمة التجدد."
«««
{ سأل أحدُ التلاميذ:
"
سيدي، أي مقطع من سيرتك الذاتية تعتبره أكثر إلهاماً من سواه بالنسبة للشخص العادي؟"
فأطرق المعلم لبرهة ثم قال:
"
هذه الكلمات لمعلمي العظيم سري يوكتسوار:
"إنسَ الماضي، فالسلوك البشري متقلبٌ لا يمكن الركون إليه أو التعويل عليه حتى يبلغ الإنسان الشاطئ الإلهي. كل شيء في المستقبل سيتحسن ما دمت تبذل مجهودا روحيا الآن."
«««
{ قال المعلم:
"
إن الله يتذكرنا حتى وإن لم نذكره. فلو نسي الخليقة ولو للحظة واحدة لامّحى كل شيء من صفحة الوجود. من سوى الله يحفظ هذه الكرة الأرضية سابحة في الفضاء؟ ومن غيره يستحث نمو الأشجار وتفتح الأزهار؟ أجل، إنه الله الذي يحتفظ بقلوبنا نابضة بالحياة. هو الذي يهضم طعامنا ويجدد خلايا أجسامنا كل يوم. ومع ذلك فما أقل الذين يتذكرونه ويشكرونه حق شكره!"
«««
{ قال برمهنساجي:
"
العقل كالمطاطة العجيبة التي يمكن مطها وتوسيعها إلى ما لا نهاية دون أن تنقطع!"

«««
{ سأل تلميذ ٌ: "كيف يستطيع القديس أن يأخذ على عاتقه كارما الآخرين الرديئة؟"
فأجاب المعلم:
"
إن رأيتَ إنساناً يحاول ضرب شخص آخر فبإمكانك أن تقف أمام ذلك الشخص وتتلقى الضربة بدلا عنه. ذلك ما يفعله المعلم العظيم. فهو يدرك مسبقا كيف ومتى سترتد إلى تلاميذه النتائج العكسية لكارماهم الرديئة السابقة. فإن وجد من الحكمة أن ينقل إلى نفسه نتائج أخطاء تلاميذه يفعل ذلك باستخدام طريقة ميتافيزيقية محددة. إن قانون السبب والنتيجة يعمل بكيفية آلية أو رياضية، واليوغيون يعرفون كيف يتحكمون بتياره ويوجّهون مساره. وبما أن القديسين على معرفة بالله ودراية به كوجود أزلي وقوة الحياة التي لا تنضب ولا تفنى، فإنهم يمتلكون المقدرة على تحمّل لطمات قد تقضي على الشخص العادي. إن عقولهم لا تتأثر بالمرض الجسدي أو بالنكبات والرزايا الدنيوية."

«««
{ كان المعلم يبحث مع المريدين خطط توسيع عمل معرفة الذات، فقال:
"
تذكـّروا بأن المعبد هو الخلية ولكن الله هو العسل. لا تقتنعوا بإخبار الناس عن الحقائق الروحية وحسب، بل علموهم كيف يمكنهم بلوغ الوعي الإلهي."
«««
{ كان برمهنساجي عديم التعلق بالآخرين، ومع ذلك كان محباً وفياً على الدوام، وذات يوم قال: "عندما لا أرى أصدقائي لا أتحسّر لغيابهم، ولكني عندما أراهم لا يعتريني الملل من رؤيتهم أبدا."
«««
{ قال المعلم:
"
إنني أرى الله ظاهرا بجلاء في خليقته. وإذ أنظر إلى شجرة جميلة يخفق قلبي ويهمس (إنه هنا) فأسجد بالروح إجلالا له. أوليسَ الله موجوداً في كل ذرة من ذرات الأرض؟ وهل لعالمنا من وجود بمعزل عن قوة الله الماسكة؟ إن المتعبد الصادق يراه في كل الناس وفي كل الأشياء. كل صخرة تصبح بالنسبة له مذبحاً مقدساً وكل حجر هيكلا مباركا.
عندما قال الله: "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالا منحوتا" فقد عنى بذلك عدم تكريم المخلوقات أكثر من الخالق ذاته. يجب ألا يشغل حبـُنا للطبيعة، للأسرة، للأصحاب وللواجبات عرش قلبنا الأسمى، لأن ذلك محراب الله وقدس أقداسه."
«««
{ قال المعلم بعد أن نبـّه أحد التلاميذ إلى أغلاطه:
"
يجب أن لا تتأثر من تقويمي لك. فلأنك تنتصر دوماً على العادات المدفوعة بالأنانية أتابع توضيح معالم طريق تهذيب النفس لك. إنني أباركك على الدوام من أجل مستقبل مشرق بالخير والأعمال الطيبة. لقد قمت بتحذيرك هذا المساء لئلا تتعود على أداء واجباتك الروحية بطريقة آلية فتغفل عن بذل مجهود أكبر للعثور على الله."
«««
{ زار راعي إحدى الكنائس برمهنساجي ذات مساء، وقال الزائر باكتئاب وحسرة:
"
إنني مشوش جدا في تفكيري الروحي"
فسأله المعلم: "إذاً لماذا تعظ الناس؟"
قال: "لأنني أحب التعليم وإلقاء المواعظ."
فقال المعلم: "ألم يقل لنا السيد المسيح عليه السلام أن الأعمى يجب أن لا يحاول قيادة العميان؟ إن شكوكك ستتبدد لو تعلمت ومارست طريقة التأمل على الله نبع الحق وعين اليقين. وبدون إلهامه فيكف تقدر على نقل مدركات مقدسة للآخرين؟!"
«««
{ كان المريدون يصغون بشوق وتلهّف في القاعة الرئيسية لصومعة إنسينيتاس حيث تحدث المعلم لساعات طويلة في الليل عن مواضيع جليلة، وختم حديثه قائلا:
"
إنني هنا بينكم كي أخبركم عن الفرح العظيم الذي يمكن العثور عليه في الله. ذلك الفرح الذي لكل واحد منكم الحق والحرية في التنقيب عنه والعثور عليه. ذلك الفرح الذي يغمر كل لحظة من لحظات حياتي، لأن الله يسير معي ويهديني في كل صغيرة وكبيرة، فأقول له:
"
إلهي، ليس لديّ ما أخشاه لأنني معك على الدوام! إنني مغتبط لأن أكون خادمك الأمين والوسيلة الطيعة لمساعدة بنيك. فكل ما ترسله لي من أشخاص وأحداث هو مسؤوليتك أنت ولن أتعارض مع خطتك لي بخلق رغبات شخصية من ذاتي."
«««
{ كان أحد الشبان يفكـّر في الحصول على التدريب الروحي فقال:
"
إنني أعلم يقيناً بأنني لن أعثر على السعادة إلا في الله، ومع ذلك فإن أموراً دنيوية كثيرة لا زالت تتجاذبني وتغريني."
فأجاب المعلم: "إن الطفل الذي يعجن الطين ليصنع منه فطائرَ(ومناقيش) يظن أن ما يفعله شيء ممتع إلى أقصى حد. لكنه يفقد تلك المتعة عندما يجتاز مرحلة الطفولة. وبالمثل، فعندما تنمو روحياً لن تفقد أو تفتقد ملذات الحياة ولن تتحسّر عليها."
«««
{ قال المعلم للمريدين إثر التحدّث إلى أحد طلاب العلم:
"
إن العديد من ذوي المعرفة العقلانية ممن يستشهدون بأقوال الأنبياء والرسل هم كالأبواق الملعلعة يرددون ما لا يفقهون. وكآلة التسجيل التي تسجّل أقوالاً مقدسة دون أن تعي معناها، هكذا يفعل الكثير من العلماء (المتبحرين) الذين لا يكفون عن ترديد ما جاء في الأسفار المقدسة دون معرفة حقيقية لمضمونها وأهميتها. وهم بذلك يهرفون بما لا يعرفون! إنهم لا يدركون القيم العميقة للنصوص الروحية التي تجدد الحياة وتسمو بالنفوس. فمثل هؤلاء لا يكتسبون من دراساتهم معرفة الله بل معرفة الكلام. ويصبحون متكبرين مولعين بالجدل والنقاش." ثم أضاف قائلا:
"
لهذا السبب أطلب منكم جميعاً التقليل من القراءة والإكثار من التأمل."
«««
{ قال المعلم:
"
في الخليقة يبدو أن الله يهجع في المعادن، يحلم في الزهور، يستيقظ في الحيوان، وفي الإنسان يعرف بأنه متيقـّظ."
«««
{ لقد منح المعلم جُلّ وقته للمريدين وللباحثين عن الحقيقة، ثم التمس السلام المنفرد في إحدى خلوات معرفة الذات في الصحراء. وعندما بلغ مع مجموعة صغيرة مقصدهم أوقفوا السيارة فظل برمهنساجي جالساً بهدوء داخلها. وبدا أنه يغمر ذاته في سكون الليل الشامل، وأخيرا قال:
"
حيثما وُجـِدَ نبعُ ماءٍ يجتمع حوله الظامئون. ولكن أحياناً –لأجل التغيير– يرغب النبع في البقاء لوحده."
«««
{ قال المعلم: "إن في داخل هيكلك الجسدي باباً مقدسا للإلوهية. فاعمل على تسريع تطورك بالغذاء المناسب والعيش الصحيح واحترام جسدك كهيكل لله. افتح أبوابه الفقرية السرية بالتأمل العلمي المنتظم."
«««
{ قال المعلم: "الإنسان العصري لا يمتلك سيطرة كبيرة على حواسه ودوافعه وعواطفه ورغباته. إنه سريع التأثر بمحيطه وبيئته. وفي سير الأحداث الطبيعي يدخل مرحلة رب الأسرة فيرزح تحت عبء الإلتزامات الدنيوية وغالباً ما ينسى أن يتذكر الله ولو بابتهال صغير."
«««
{ سأل تلميذ ٌ: "سيدي، لماذا الآلام منتشرة بهذا الشكل في العالم؟"
فأجاب المعلم:
"
توجد أسباب عديدة للألم. أحداها هو للحد من فضول الإنسان في رغبته التعرف على التفاصيل الكثيرة لحياة الآخرين دون معرفة كافية لنفسه. والألم يضطر الشخص كي يفكر بدهشة وجدية قائلا: "غريب! هل هناك قانون سبب ونتيجة يعمل في حياتي؟ وهل متاعبي ناجمة عن تفكيري الخاطئ؟"

«««
{ بعد أن أدرك أحد التلاميذ العبء الكبير الذي يتحمله القديس كي يساعد الآخرين، قال ذات يوم لبرمهنساجي:
"
سيدي، عندما يحين موعد الرحيل فإنك ستغتبط، بدون شك، لمغادرة هذه الأرض دون العودة ثانية إلى شواطئها."
فأجاب المعلم:
"
ما دام يوجد مستغيثون في بحر هذا العالم المضطرب فسوف أعود بقاربي المرة تلو الأخرى لإنقاذهم وأخذهم إلى بر الأمان. أينبغي لي أن أتنعم بالحرية في حين يعاني الآخرون غصّات وويلات الألم؟ وإذ أعلم أنهم فريسة الشقاء (ولولا ظهور الله لي لكنت أيضا مثلهم) لا أستطيع أن أتمتع لوحدي بالمحاسن والنعم الإلهية التي تفوق حد الوصف."
«««
{ قال المعلم:
"
إياكم والنظرة السلبية للحياة. ولماذا تمعنون النظر في المزابل والجَمال من حولكم؟ قد يجد الشخص عيباً في أروع آيات وتحف الفن والموسيقى والأدب. ولكن أليس من الأفضل والأجدى التمتع بسحرها وروعتها؟ إن للحياة جانباً مشرقاً وأخر مظلماً لأن عالم النسبية يقوم على النور والظل. إذا سمحتم لأفكاركم في الإغتذاء على الشرور فسوف تجلبون لأنفسكم القبح والبشاعة. ابحثوا فقط عن الخير في كل شيء لعلكم تتشربون روح الجمال."
«««
{ استعلم أحد المريدين: "يا معلم، إنني على دراية بالحياة الحاضرة لا غير. فلماذا لا أمتلك تذكـّراً للتجسدات السابقة ومعرفة مسبقة للحياة القادمة؟"
فأجاب برمهنساجي: "الحياة تشبه سلسلة عظيمة في بحر الله. ولدى سحب جزء من السلسلة خارج الماء لا ترى سوى ذلك الجزء البسيط فقط، إذ البداية والنهاية مغمورتان. في هذا التجسد ترى فقط حلقة واحدة من سلسلة الحياة. الماضي والمستقبل – بالرغم من كونهما غير منظورين – يبقيان في أعماق الله الذي يظهر أسرارهما للمريدين المتناغمين معه."
«««
{ لاحظ أحد التلاميذ: "لا يبدو من العدل أن يسمح الله بوجود مثل هذا الشقاء الكبير في العالم."
فأجاب المعلم: "لا توجد قسوة في التدبير الإلهي. ففي نظر الله لا يوجد خير أو شر بل هناك صور من النور والظلال لا غير. لقد أرادنا الله أن نرى مناظر الحياة الثنائية تماما مثلما يراها هو: الشاهد والمشاهد المغبوط للمسرحية الكونية الجبارة! لقد ربط الإنسان نفسه وحقق ذاته من قبيل الوهم مع تلك (الأنا) المزيفة. وعندما يحوّل تحققه ويتماهى مع كيانه الحقيقي – الروح الخالدة – يرى عندها أن كل الآلام غير حقيقية، ولن يقدر أن يتصوّر حالات التألم."
ثم استطرد قائلا: "إن أعاظم المعلمين الذين يأتون إلى الأرض كي يساعدوا وينجدوا إخوتهم الضائعين يسمح لهم الله بأن يتحملوا – على مستوى معيّن من عقولهم – أحزان ومآسي البشر. ولكن تلك المشاركة الوجدانية في المشاعر الإنسانية لا تعكـّر حالات الوعي العميقة التي من خلالها يتذوق القديسون الغبطة الدائمة."
«««
{ كثيرا ما كان المعلم يقول للمريدين:
"
يجب أن تهمسوا لله على الدوام دون أن يسمعكم أحد: قلبي لكَ.. روحي لكَ.. حبّي لكَ.. إلى الأبد!

«««
{ صمم أحد المريدين على ترك الصومعة، قائلا للمعلم:
"
حيثما توجهتُ وأينما كنتُ سأتأمل واتبع تعاليمك على الدوام."
فأجاب المعلم:
"
لا. لن تقدر على ذلك. إن مكانك هو هنا، وإن عدتَ إلى حياتك السابقة ستنسى هذا الطريق."
وارتحل التلميذ إلا أنه عجز عن مواصلة التأمل وانهمك في الشؤون والمشاغل الدنيوية، فحزن المعلم على(خروفه الضائع) وقال للمريدين: "إن للشر قوّته، وإن سرتم في طريقه استحوذ عليكم. فإن زلت قدمكم وكبوتم على الطريق يجب أن تعودوا في التو واللحظة إلى دروب الحق والفضيلة."
«««
{ قال المعلم لمجموعة من المريدين:
"
إن قال لكم إنسان (أنا الله) فستعرفون بأنه غير صادق في ما يقول. ولكن يستطيع كل واحد منا أن يقول بحق: (الله يسكن روحي). ومن أي جوهر آخر نحن مصاغون؟ إن الله هو نسيج الخليقة وهو لـُحمتها وسداتها. قبل أن يأتي بالعوالم المظهرية إلى حيّز الوجود لم يكن من شيء موجود سواه! ومن كيانه خلق كل ما هو كائن: الكون ونفوس البشر."

«««
{ سأل تلميذ: "سيدي، هل ينبغي لي أن أقرأ الكتب؟" فأجاب المعلم:
"
إن دراسة الأسفار الروحية تغذي فيك حنيناً أكبر لله فيما إذا قرأت الآيات والفقرات بتمهّل وتمعّن محاولا استيعاب معناها العميق. غير أن دراسة النصوص المقدسة دون مراعاة أوامرها ونواهيها يخلق في الشخص الزهو والرضاء الزائف، وما أسميه بعسر الهضم العقلي.
كثيرون مضطرون لدراسة الكتب العلمانية والاهتمام بالعلوم الدنيوية من أجل كسب لقمة العيش، ولكن الطامحين الروحيين أمثالك يجب أن لا يقرؤوا كتباً غير مقدّسة خلت صفحاتها من ذكر الله."
«««
{ سأل أحد المريدين: "هل تمر الخليقة في عملية ارتقاء؟" فأجاب المعلم:
"
إن النشوء هو إيحاء من الله لعقل الإنسان، وهو حقيقي فقط في عالم النسبية. لكن بالحقيقة كل شيء يحدث في الحاضر. في الروح الإلهي لا يوجد نشوء أو تطور، مثلما لا يوجد تغيّر في أشعة الضوء التي بواسطتها تظهر كل الصور المتحركة على شاشة السينما. إن الله قادر على إرجاع مناظر الخليقة إلى الوراء أو تقديمها إلى الأمام، ولكن كل شيء يحدث في هذه اللحظة الأزلية الأبدية!"
«««
{ استعلم أحد المريدين:
"
هل العمل من أجل الله وليس من أجل الذات يعني أنه من الخطأ أن يكون الإنسان طموحاً؟"
فأجاب المعلم:
"
لا. يجب أن تكون طموحاً كي تتمكن من إنجاز أعمالك إكراماً لله. فإن كانت إرادتك واهنة وطموحك هامدا تكون قد خسرت كل شيء في الحياة. ولكن لا تدع الطموح يخلق بك ارتباطات وتعلقات دنيوية أنت في غنى عنها. إن طلبت الأشياء محبة في مساعدة الآخرين توسّع بذلك حدود وعيك، ولكن أفضل من كل شيء هو أن تطلب مرضاة الله، لأن ذلك يقرّبك منه ويساعدك على الإحساس بحضوره."
«««
{ قال أحدهم للمعلم برمهنساجي:
"
إنني أشعر بانجذاب نحو حياة النسك ولكني أجد نفسي مترددا في التخلي عن حريتي."
فأجاب المعلم:
"
بدون معرفة الله لا تمتلك حرية تـُذكر. فحياتك محكومة بالدوافع والأهواء والرغبات والبيئة والعادات والتقاليد. وباتباعك لنصيحة مرشد روحي وقبولك بتدريبه وتهذيبه سوف تتحرر تدريجياً من شرنقة العبودية الحسية. الحرية معناها المقدرة على التصرّف بوحي وهداية الروح وليس بدافع الشهوات والغرائز. الإستسلام للمطالب الذاتية يقود إلى القيود والامتثال لإلهامات الروح يهب التحرر الأكيد."
«««
{ استعلم أحد التلاميذ قائلا: "سيدي هل هناك من طريقة عملية غير الكريا يوغا يمكن أن تأخذ المريد إلى الله؟"
فأجاب المعلم: "نعم. هناك طريقة مضمونة وسريعة لبلوغ اللانهائي وهي حصر الإنتباه واليقظة في المركز الروحي: في الجبهة ما بين الحاجبين"
(تعليق المترجم: يجب أن يكون التركيز متواصلا وبدون إجهاد. الشعور بخدر مغناطيسي ممتع في تلك النقطة [وسط الجبهة] جراء التركيز الهادئ المريح ه وبرهان على نجاعة هذه الطريقة البسيطة والفعالة.)
«««
{ قال تلميذ ٌ: "سيدي، هل من الخطأ أن يشك الإنسان؟ فأنا لا أريد أن أؤمن إيمانا أعمى."
فأجاب المعلم:
"
هناك نوعان من الشك: واحد هدّام والآخر بنـّاء. الشك الهدّام هو ارتياب اعتيادي. فالذين يغذون هذا الاتجاه دون تمعّن أو تبصّر لا يهتمون بالتنقيب الموضوعي عن الحقائق الروحية. أما الإلحاد فهو تشويش على راديو الإنسان العقلي مما يسبب له فقدان برنامج الحقيقة.
الشك البنـّاء هو تساؤل حصيف وتدقيق منطقي وعادل. فالذين ينمّون هذه النظرة لا يحكمون على الأمور حكما مسبقاً ولا يقبلون آراء الآخرين كقضايا مسلـّم بصحتها لا تقبل الجدل أو المساءلة. في الطريق الروحي يبني ذوو الشكل البنـّاء آراءهم ويؤسسون استنتاجاتهم على أسس من التجارب والاختبارات الذاتية. وتلك هي الطريقة الصحيحة للتوصل إلى الحقيقة."
«««
{ قال المعلم في إحدى محاضراته:
"
لماذا يجب أن يـُظهر الله ذاته لكم بسرعة وسهولة، أنتم يا من تكدّون وتكدحون من أجل المال ولا تبذلون المجهود الكافي من أجل بلوغ المعرفة المقدسة؟! القديسون يخبروننا بأنه إن أمضينا حتى ولو أربع وعشرين ساعة من الابتهال المتواصل النابع من أعمق أعماق القلب لظهر الله أمامنا أو لعرّفنا على ذاته بوسيلة أو بأخرى. ولو خصصنا ساعة واحدة يومياً للتأمل العميق عليه لأتى إلينا بعد بذلنا المجهود الصحيح."
«««
{ نصح برمهنساجي أحد المريدين من ذوي الميول العقلانية كي يحاول تنمية الحب الإلهي والشوق. وإذ وجد أن الشاب يحرز تقدماً ملموساً من هذه الناحية، قال له المعلم ذات يوم بمودّة:
"
واصل السير يا بني على دروب الحب الإلهي. فحياتك كانت جافة وناشفة للغاية عندما كنت تعتمد على العقل لا غير [دون القلب]"
«««
{ قال المعلم:
"
الشهوات هي أعدى أعداء الإنسان وألد خصومه. فهي لا ترحم ولا تلين ولا يمكن إرواؤها أو إرضاؤها. ألا فلتمتلكوا رغبة واحدة وهي التعرف على الله. إن إشباع الرغبات الحسية لا يمكن أن يمنحكم القناعة والرضاء لأنكم لستم الحواس. فهي خدَمكم وليست ذاتكم العليا."
الحواس: تجهلُ الإشباعَ ما دامَ الغذاءْ ومتى استحالَ الزادُ شبعتْ

«««
{ كان برمهنساجي يجلس مع التلاميذ قرب الموقد في بهو الصومعة، وقد تحدث عن مواضيع روحية فقال:
"
تصورا شخصين إثنين، عن يمينهما وادي الحياة وعن يسارهما وادي الموت. كلاهما ذو عقل وإدراك، ولكن أحدهما يسير باتجاه اليمين والآخر باتجاه اليسار. لماذا؟ لأن الأول أحسن استخدام قوة تمييزه والآخر أساء استعمال تلك القوة بانهماكه بالتحليلات العقيمة والتعليلات الزائفة."
«««
{ سأل أحدهم: "يا معلم، لقد كان الدكتور فلان أول تلاميذك في هذا البلد، أليس كذلك؟"
فأجاب برمهنساجي: "هكذا يقولون."
ولما رأى أن السائل قد اعترته الدهشة، أضاف المعلم:
"
إنني لا أقول قط أن الناس تلاميذي. الله هو معلم المعلمين وكلنا تلاميذه."
«««
{ تأسف أحد التلاميذ على ذيوع وشيوع أخبار الشر في العالم وانتشارها الكبير في وسائل الإعلام، فقال المعلم:
"
الشر ينتشر مع الريح، أما الحق فله القدرة على السير ضد الريح."
«««
{ كثيرون كانوا فضوليين لمعرفة عمر المعلم، فكان يضحك ويقول:
"
ليس لي عمر يقاس بالسنين. إذ وُجدتُ قبل ذرات المادة وقبل ظهور شمس الخليقة."
وكان ينصح التلاميذ قائلا:
"
أكدوا وقولوا لأنفسكم هذه الحقيقة: أنا المحيط اللانهائي الذي يتعدد بالأمواج. أنا أزليٌ أنا خالد. أنا الروحُ لا الجسد."

«««
{ سأل برمهنساجي تلميذا:
"
ما الذي يحفظ الأرض من الإفلات من مدارها؟" فأجاب الشاب:
"
إنها القوة الجاذبة نحو المركز أو جاذبية الشمس يا سيدي هي التي تحول دون فقدان الأرض ذاتها في رحب الفضاء الخارجي."
فاستطرد المعلم: "وما الذي يحفظ الأرض من الإنجذاب الكلي نحو الشمس والإندماج بها؟" فأجاب التلميذ:
"
إنها القوة النابذة في الأرض يا سيدي التي بواسطتها تستبقي الأرض على مسافة معيّنة من الشمس."
فابتسم المعلم ابتسامة ذات معنى. بعد ذلك أدرك المريد أن برمهنساجي كان يتحدث من قبيل المجاز: فالله هو الشمس الجاذبة، والشخص المحب لذاته هو الأرض (التي تستبقي على تلك المسافة.)
«««
{ قال المعلم لتلميذ من ذوي الميول العقلانية:
"
لا تظن أن بمقدورك إدراك الله اللانهائي عن طريق العقل وحسب." العقل لا يمكنه سوى معرفة قانون السبب والنتيجة أو العلة والمعلول الخاضع للعوالم المظهرية، لكنه عاجز عن استيعاب الحقيقة المجردة وطبيعة المطلق الذي لا سبب له ولا علة. إن أسمى ملكات الإنسان هي بصيرة الروح وليس العقل. فإدراك المعرفة يحصل مباشرة وتلقائيا من الروح وليس عن طريق العقل أو الحواس المعرّضة للخطأ."
«««
{ سأل رجلٌ: "كيف يقدر الله المطلق والمحتجب أن يظهر للمتعبد بصورة مرئية؟"

فأجاب المعلم:
"
إن شككتَ فلن ترى، ومتى رأيتَ لن تشكْ!"
«««
{ قال تلميذ ٌ متأسفاً:
"
ولكني ما كنت أعرف يا سيدي أن كلامي سيجرح فلاناً." فأجاب المعلم:
"
إذا تجاوزنا (أو خرقنا) قانوناً ما حتى ولو عن غير قصد نكون مع ذلك قد ارتكبنا إساءة. حب الذات مضلل ونتائجه وخيمة. الحكماء والقديسون لا يتصرفون دون حكمة أو تبصّر لأنهم هجروا الذات الصغيرة (الأنا) وعثروا على كيانهم الحقيقي في الله."
«««
{ قال المعلم وهو يحسم خلافا بين تلميذين:
"
ليس من عدو حقيقي للبشر سوى الجهل. فلنتكاتف ولنعمل يدا بيد من أجل تقويض دعائمه وهدم حصونه، مساندين ومشجعين بعضنا البعض على طول الدرب."
«««
{ أبدى أحد التلاميذ اشمئزازا وتأففاً من إنسان كانت قد تناقلت الصحف أنباء جرائمه، فقال المعلم:
"
إنني أتأسف على إنسان مريض. فلماذا أمقت رجلا وقع في حبائل الشر. فعلا إنه مريض."

«««
{ قال المعلم:
"
عندما تتصدع جدران السدّ أو الخزّان تتدفق المياه في كل اتجاه. وبالمثل، عندما يتم إقصاء حواجز القلق والأوهام بواسطة التأمل يتمدد وعي الإنسان إلى اللانهاية ويذوب في الروح الكلي."
«««
{ سأل تلميذ ٌ: "لماذا يمنحنا الله أقرباء إن كان لا يريدنا أن نحبهم أكثر من سواهم؟"
فأجاب المعلم:
"
الله يضعنا بين الأقارب كي يمنحنا الفرصة للتحرر من الأنانية ولكي يجعل من السهل علينا التفكير في الآخرين. وفي الصداقات يفتح لنا آفاقاً جديدة لتوسيع حدود تعاطفنا. ولكن تلك ليست الغاية القصوى. إذ يجب علينا أن نستمر في تمديد آفاق محبتنا حتى تصبح مقدّسة تشمل كل الكائنات والموجودات. وإلا فكيف يتسنى لنا بلوغ الوحدة مع الله الذي كلنا عياله؟!"

«««
{ ألقى المعلم محاضرة عن الخليقة وأوضح الغاية التي من أجلها أوجدها الله. وبعد ذلك وجّه التلاميذ العديد من الأسئلة له فقال مبتسماً:

"الحياة رواية رائعة والمؤلف هو الله نفسه. والإنسان إذا ما حاول فهمها عن طريق العقل وحسب سيفقد عقله. لذلك أشدد على أهمية التأمل الجاد كوسيلة ناجعة لمعرفة الحقيقة. وسّعوا وعاء إدراككم العجيب بحيث تتفتح بصيرتكم وتتمكنون من استيعاب محيط الحكمة السرمدية."

«««
{ راح أحدهم يندب حظه لمعاكسة الظروف له ويقول: "يبدو أنني لا أنجح في أي عمل أقوم به، فلا بد أن ذلك مردّه كارماي (نتائج أعمالي السابقة) فأجاب المعلم:

"أذاً عليك أن تبذل مجهوداً أكبر. انسَ الماضي وعزز ثقتك بالله. إن مصيرنا غير مقدّر علينا من الله. وليس الكارما السبب الأوحد، مع أن حياتنا تؤثر بها أفكارنا وأفعالنا السابقة. إن كنت غير راضٍ عن مسار الحياة فينبغي تغيير الإتجاه. إنني لا أحب أن أسمع الناس يتأوهون ويعزون فشلهم الحاضر إلى أخطاء الحياة الماضية لأن ذلك نوع من الخمول الروحي. شمّر عن ساعد الجد واقتلع الأعشاب والحشائش الضارة من بستان حياتك وستتغير حياتك نحو الأفضل."


{ استعلم تلميذ: "لماذا لا يعاقب الله أولئك الذين يكفرون به ويجدّفون على إسمه؟"

فأجاب المعلم:

"إن الله لا يتأثر بالصلوات والعبادات غير المخلصة ولا بالإنفعالات الإلحادية العمياء، لكنه يستجيب للإنسان بواسطة قانون محكم ودقيق. أن ضربتَ الحجر بقوة بظهر يدك أو شربت السم فستعاني الآلام المبرحة نتيجة لتصرّفك هذا. وبالمثل إذا تجاوزت قوانين الله ستحصد التألم والمعاناة. فكـّر باستقامة وتصرّف بكرامة وسيغمرك السلام وتشعر بالأمن والطمأنينة. حب الله محبة خالصة وسيأتي إليك!"

«««
{ قال برمهنساجي:

"أعظم إنسان هو المتواضع الذي يعتبر نفسه أقل من الجميع. القائد الحقيقي هو الذي يصغي للآخرين ويشعر بأنه خادم الكل ولا يتكبّر على أحد. الذين يعشقون الثناء ويتلقفون المديح لا يستحقون تكريمنا وتقديرنا. ولكن من يخدمنا له الحق بمحبتنا. أليس الله خادم بنيه البشر! وهل يطلب منهم الثناء والتمجيد؟ لا، لأنه أعظم من أن يتأثر بذلك."

«««
{ كان المعلم ينصح أساتذة معرفة الذات حول طريقة تحضير الخطب والمحاضرات، قال:

"أولاً تأملوا بعمق ثم فكروا بموضوع محاضرتكم محتفظين بذلك السلام الذي يصاحب التأمل. دوّنوا أفكاركم على الورق واذكروا قصة أو اثنتين طريفتين لأن الناس يحبون الضحك. ثم اختتموا المحاضرة مستشهدين بفقرة من دروس معرفة الذات. أخيراً ضعوا ملاحظاتكم جانبا وانسوا الموضوع. وقبل أن تلقوا محاضرتكم اطلبوا من الروح الإلهي كي ينساب من خلال كلامكم، وبهذه الطريقة ستحصلون على إلهامات لا من "الأنا" بل من الله."

«««
{ قالت إحدى السيدات للمعلم أنه بالرغم من حضورها المنتظم لمحاضراته فإنها لم تشعر بأنها تقترب من الله، فأجاب برمهنساجي:

"إن قلتُ لكِ أن فاكهة معيّنة لها لون خاص وأنها حلوة المذاق، وأخبرتك عن كيفية نموّها وشكلها فستعرفين أوصافها فقط. ولكن لكي تعرفي نكهتها المميزة عليكِ أن تتذوقيها بنفسك. وبالمثل، إذا رغبتِ بالتعرف على الحقيقة يجب أن تختبري الحقيقة بنفسكِ." ثم استطرد:

"يمكنني تشويقك للثمرة الإلهية المباركة، ولكن لماذا لا تكلفين نفسك عناء قضمها وتذوّق رحيقها بنفسكِ؟"

«««
{ قال المعلم:

"كلنا أمواج على صدر المحيط اللانهائي. البحر لا يحتاج وجوده إلى الموج، ولكن لا وجود للموج بدون البحر. وبالمثل فإن الروح الإلهي في غنىً عن الإنسان لكن لا حياة للإنسان بدون الروح."

«««
{ كان أحد المريدين يبذل مجهوداً متواصلاً ولكن دون نجاح يذكر. ولكي يساعده على التغلب على نقاط ضعفه قال له المعلم:

"لا أطلب منك الآن التغلب على إغراءات وأوهام الخداع الكوني (مايا)، ولكن كل ما أريده منك هو مقاومة تلك الأوهام وعدم الإستجابة لتلك المغريات."

«««
{ قال المعلم لتلميذ حديث متشوق للإفلات من تجارب الحياة:

"سيبقيك الطبيب الإلهي في مصح الخداع الأرضي إلى أن تشفى من مرض الشهوات المادية، وعندها سيسمح لك بالعودة إلى البيت السماوي."

«««
{زار أحد رجال الأعمال البارزين الصومعة، وبعد تقديمه للمعلم قال الزائر على الفور:

"إنني معافىً وثريٌ إلى أقصى حد." فقال برمهنساجي:

"ولكنك لستَ سعيداً إلى أقصى حد، أليس كذلك؟"

فأدرك الرجل ما رمى إليه المعلم وقرر السير على الطريق الروحي."

«««
{ قال المعلم:

"الله وأنبياؤه وقديسوه يحاولون دخول قلوبكم لكنكم أوصدتم أبوابها بمزلاج اللامبالاة وعدم الإكتراث فصددتموهم."

«««
{ لاحظ رجل بعد مطالعته كتاب (مذكرات يوغي: السيرة الذاتية):

"سيدي، حسن أن تنشر تعاليمك في هذا الوقت بالذات. فبعد انقضاء حربين عالميتين، أصبح الناس أكثر تقبلا لرسالتك الروحية." فأجاب المعلم:

"هذا صحيح، فلو عرضت عليهم هذه التعاليم قبل ذلك لما أبدوا اهتماماً بها." ثم أضاف:

"لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت."

«««
{ وجد المعلم أن بعض المريدين قد أصبحوا منهمكين بالعمل بسبب النمو السريع والمتزايد لجماعة معرفة الذات: المؤسسة التي أوجدها المعلم، فنبههم قائلا:

"يجب أن لا يصدكم العمل عن الهمس الوجداني لله، وبثه الشوق والحنين دون انقطاع."

«««
{ قال المعلم أثناء كلمة ترحيبية وجيزة احتفاءً بوافد جديد إلى مركز معرفة الذات:

"هذا الطريق ليس للكسول المتهامل، وهيهات للخامل المتواكل أن يعثر على الله: العامل الإلهي العملاق في الخليقة الكونية! إن الله لا يأتي لنصرة الذين يظنون أنه ينبغي عليه القيام بكل العمل من أجلهم، لكنه يمد يد العون في الخفاء لؤلئك الذين ينجزون واجباتهم بعقل متزن ونفس رضية، ولسان حالهم يقول:

"إلهي، إنك أنت الذي تعمل وتبدع من خلال عقلي ويدي!."

«««
{ أبدى أحد التلاميذ تبرماً من التأمل بحجة كثرة أشغاله، فقال المعلم باقتضاب:

"وماذا لو كانت أعمال الله كثيرة لدرجة تمنعه من الإهتمام بك؟!"

«««
{ قال المعلم:

"إن الجسم البشري هو فكرة مقدسة في عقل الله. لقد خلقنا الله من جوهر نوره الخالد، ووضعنا في مصباح جسدي. لقد ركزنا اهتمامنا على المصباح الهش السريع العطب وليس على قوة الحياة الأبدية داخل المصباح."

«««
{ علـّق أحد التلاميذ قائلا: "يبدو الله بالنسبة لي غامضاً وبعيد المنال." فقال المعلم:

"إن الله يبدو نائياً لأن انتباهك موجّه نحو خليقته وليس للباطن نحوه. فكلما شرد عقلك وهام في متاهات الأفكار الدنيوية عُد به بأناة للتفكـّر بالله الذي يسكن أعماق روحك، وسيحين الوقت الذي به تجده معك على الدوام إلهاً محبّاً يتكلم معك في لغتك التي تفهمها، ويلتفت بوجهه إليك من كل زهرة وريحانة ونبتة نحيلة. وعندها ستهتف: ’إنني حر طليق محاط بخيوط من النور الشفيف. أطير من الأرض إلى السماء على أجنحة الضياء!‘ ويا له من سرور عظيم سيغمر كيانك ويملؤك بالغبطة الروحية.!"

«««
{ وجّه أحد التلاميذ السؤال التالي إلى برمهنساجي:

"هل تستطيع معرفة مدى التقدم الروحي لشخص ما بمجرد النظر إليه؟"

فأجاب المعلم بهدوء: "على الفور. إنني أرى الجانب الخفي من الناس لأن تلك هي مهمتي في الحياة. ولكنني لا أتحدث بالذي أكتشفه وأعاينه. إن الذي يفاخر قائلا: "إني أعلم" لا يعلم شيئاً. وأما الذي يعرف – لأنه يعرف الله – فيظل ساكتاً."

«««
{ قال المعلم لتلميذة ألـّحت عليه كي يمنحها الوعي الإلهي مع أنها لم تبذل المجهود الكافي للتحضير لتلك الحالة السامية:

"المحب الحقيقي لله يستطيع أن يستحث إخوته وأخواته المتقاعسين كي يعودوا إلى البيت السماوي، ولكن عليهم أن يقوموا بأنفسهم بالرحلة الفعلية، خطوة خطوة."

«««
{ قال أحد التلاميذ: "يا معلم لم أتمكن قط من الإعتقاد بوجود الجنة. فهل ذلك المكان موجود فعلا؟"

فأجاب برمهنساجي:

"نعم. فالذين يحبون الله ويثقون به يذهبون إلى ذلك الفردوس عندما توافيهم المنية. في ذلك العالم الأثيري يمتلك الشخص القدرة على تجسيد أي شيء يريده على الفور، بقوة الفكر. الجسم الأثيري مركّب من النور المشع. وفي تلك الأقطار الرائعة توجد أصوات وأنوار يجلهلها سكان الأرض. إنه لعالمٌ جميل وممتع، ومع ذلك فإن اختبارات الجنة ليست أسمى حالة يمكن بلوغها. فالإنسان يبلغ الغبطة المطلقة عندما يتخطى الأكوان المظهرية ويدرك اتحاد ذاته بالله ويتيقن من كيانه الروحي وبأنه عنصر الوجود الأزلي."

«««
{ قال المعلم:

"إن قطعة الماس (الألماسة) وقطعة الفحم الموضوعتين جنباً إلى جنب تحصلان على نفس المقدار من شعاع الشمس، ولكن ما لم تصبح الفحمة ألماسة بيضاء وصافية فلن تقدر أن تعكس نور الشمس. وبالمثل لا يمكن مقارنة الإنسان العادي المظلم روحياً بجمال المريد النقي الذي بمقدوره إبراز نور الله من خلاله."

«««
{ قال المعلم لمجموعة من التلاميذ:

"يجب أن تتعمقوا في التأمل لأنه عندما تسمحوا لأنفسكم بأن تصبحوا قلقين مشوشي الفكر تعاودكم المتاعب القديمة وتتيقظ بكم الشهوات الهاجعة."

«««
{ أبدى أحد التلاميذ الملاحظة التالية: "يبدو أن الإنسان لا يمتلك قسطاً كبيراً من حرية الإرادة، فحياتي متشعبة الإتجاهات، متعددة الميول."

فأجاب المعلم: "تقرّب من الله وستجد أنك تنفض عنك غبار الجهل وتحطم قيود العادات والبيئة. ومع أن دراما الحياة محكومة بخطة كونية، ما زال باستطاعة الإنسان تبديل دوره من خلال تغيير محور وعيه. النفس المرتبطة بالأنا هي مقيدة والنفس المقترنة بالروح الإلهي حرة طليقة."

«««
{ قال أحد زائري المقر الرئيسي لمعرفة الذات:

"إنني أعتقد بوجود الله ولكنه لا يساعدني."

فأجاب المعلم: "الإعتقاد بالله والإيمان به أمران مختلفان. لا قيمة للإعتقاد ما لم تمحّصه جيداً وتحيا بموجبه. ومتى تحوّل إلى اختبار فعلي يصبح إيماناً راسخاً. ومن يترسخ إيمانه ويتعزز يقينه بالله تتسارع نحوه الخيرات وتغمره البركات من حيث يدري ولا يدري."

«««
{ اقترف أحد التلاميذ غلطة خطيرة، فحزن وراح يندب حظه قائلا: " لقد عملت دائماً على تنمية العادات الصالحة، وكان آخر ما يتصوره عقلي أن يعترضني مثل هذا الحظ السيئ."

فقال المعلم:

"غلطتك كانت نتيجة اعتمادك الكبير على عاداتك الطيبة وإهمالك لتفعيل الحكم الصائب. عاداتك الطيبة تساعدك في ظروف عادية ومألوفة، لكنها قد لا تكفي في توجيه دفة حياتك عند حدوث المشاكل وعندما تمس الحاجة للتمييز الفطري. بالتأمل العميق تستطيع دوماً التمييز بين الخطأ والصواب واتخاذ القرار الصحيح في كل شيء، حتى لو واجهتك ظروف غير عادية."

ثم أضاف قائلا: "الإنسان ليس آلة ذاتية الحركة، إذ باستطاعته أن يحيا بحكمة وكرامة ويسيّر حياته وفق مبادئ الأخلاق الفاضلة. ووسط المشاغل الكثيرة والأحداث اليومية المتعددة هناك فرص ومجال رحب لتوسيع دائرة الحكم السديد."

«««
{ ذهب التلاميذ مع المعلم في رحلة قصيرة فوق أرض صومعة معرفة الذات في مدينة إينسينيتاس المطلة على المحيط الهادئ في كاليفورنيا، فقال برمهنساجي:

"أليس هذا أفضل بما لا يقاس من تسليات الدنيويين المضيّعة للوقت؟ فكل واحد منكم يضاعف كنوز سلامه وسعادته. إن الله يريد أن يحيا بنوه ببساطة، قانعين بالمسرات البسيطة البريئة."

«««
{ قال المعلم:

"لا تهتموا بعيوب الآخرين. استعملوا مسحوق الحكمة المنظف لإبقاء حجرات عقلكم نقية طاهرة. فبقدوتكم الحسنة ستلهمون الآخرين كي ينقـّوا أنفسهم ويصححوا مساراتهم."

«««
{ تلميذان غضبا من أخ لهما بدون مبرر ورفعا شكواهما إلى المعلم، فأصغى المعلم بصمت، وعندما انتهيا قال لهما: "عليكما بتغيير نفسيكما."

«««
{ قال المعلم لإحدى الأمهات:

"درّبي إرادة أطفالك في الإتجاه الصحيح، بعيداً عن الأنانية وما تجرّ في أعقابها من التعاسة والشقاء. لا تكبّلي حريتهم ولا تعترضيهم دون مبرر. قدّمي اقتراحاتك لهم بمودّة وتفهّم لأهمية رغباتهم الصغيرة بالنسبة لهم. فإن زجرتهم بعنف بدلا من الأناة وطول البال فستخسرين ثقتهم بك. إذا كان أحد الأطفال عنيداً اشرحي له وجهة نظرك مرة واحدة ولا تقولي شيئا بعد ذلك. دعيه يحصل على لطماته الصغيرة القاسية، فإنها ستعلمه التعقل والتمييز بكيفية أسرع وأكثر فعالية من أي زجر أو نصح."

وفي تدريب أسرته الروحية: تلاميذه، فقد اتبع برمهنساجي نفس المشورة المتقدمة، إذ ساعد الناس من كل الأعمار كي ينمّوا إرادتهم في الطريق الصحيح. وكان يبدي اقتراحاته بمحبة وفهم كاملين لاحتياجات وطبيعة كل مريد. ونادراً ما كان يزجر أو يوبّخ مرتين. لقد كان يشير مرة واحدة إلى نقطة ضعف في التلميذ ومن ثم يلزم الصمت حيالها."

«««
{ قال المعلم:

"من الصعب أن تمروا بقرب وردة عذبة الأريج أو جيفة نتنة دون أن تتأثروا برائحتهما. لذلك من الأفضل لكم أن تخالطوا الورود البشرية فقط."

«««
{ قال المعلم لتلميذ مطيع لا يألو جهداً في إتقان عمله:

"أرأيت كم هو رائع العمل الروحي في سبيل الله! الإحساس بالأنية أو الأثرة في داخلنا هو امتحان لنا: هل سنعمل بحكمة من أجل الله أو بحماقة من أجل أنفسنا؟ ونحن إن أنجزنا أعمالنا بفهم صحيح سندرك أن الله هو العامل الأوحد في الوجود، وأن كل القوى هي مقدّسة وتنساب من الجوهر الفرد: الله."

«««
{ قال المعلم: "الحياة هي حلم إلهي كبير."

فاستعلم تلميذ: "إذا كانت مجرد حلم فلماذا الألم حقيقي؟"

فأجاب برمهنساجي:

"إن ارتطم رأسٌ حلمي بجدار حلميّ فسيتسبب بألم حلمي. الحالم لا يدرك التركيبة الخيالية للحلم حتى يستيقظ. وبالمثل لن يفهم الإنسان الطبيعة الوهمية لخليقة الحلم الكوني حتى يستيقظ في الله."

«««
{ قال المعلم مشدداً على الحاجة إلى حياة متوازنة بين العمل والتأمل:

"عندما تعمل من أجل الله وليس (الأنا) يكون عملك بمثابة التأمل. فالعمل يساعد التأمل والتأمل يساعد العمل. الإتزان مطلوب. بالتأمل فقط يصبح الشخص كسولاً متوانياً، وبالعمل لا غير يصبح الفكر مادياً دنيوياً وينسى الله."

«««
{ قال زائرٌ: " جميل أن نفكر أن الله يحبنا جميعاً بالتساوي. ولكن يبدو أنه ليس عدلاً أن يهتم بالخاطئ اهتمامه بالقديس."

فأجاب المعلم:

"وهل ترخص قيمة الجوهرة إن غطتها طبقة من الطين؟ إن الله يبصر جمال نفوسنا الدائم. وهو يعلم بأننا لسنا أخطاءنا."

«««
{ قال المعلم:

"يوجد العديد ممن يقاومون التقدم، مفضلين الأزياء الفكرية والعملية المهلهلة البالية. وأنا أدعو هؤلاء (دقة قديمة أو من الطراز العتيق.) فلا تكونوا هكذا لئلا تقول الملائكة عند رحيلكم بالموت: (ها قد أتانا طراز عتيق فلنعده إلى الأرض)".

«««
{ سأل رجلٌ: "ما الفرق بين الإنسان الدنيوي والإنسان الشرير؟"

فأجاب المعلم:

"معظم الناس دنيويون. الأشرار قلائل. كلمة (دنيوي) تعني اهتمام المرء بالأمور الزهيدة وابتعاده عن الله. أما كلمة (شرير) فتعني ابتعاد الإنسان عن الله عمداً واختياراً، ولا يفعل ذلك كثيرون."

«««
{ تلميذ ٌ حديث ظن أن باستطاعته استيعاب تعاليم المعلم عن طريق الدراسة العميقة وحسب، دون الحاجة إلى ممارسة التأمل، فقال له برمهنساجي:

"معرفة الحقيقة يجب أن تكون نمواً داخلياً لا تطعيماً خارجيا."

«««
{ قال المعلم للمريدين:

"لا تقنطوا ولا تيأسوا إن لم تبصروا أنواراً وتشاهدوا رؤى في التأمل. تعمقوا حتى تتذوقوا رحيق الغبطة وهناك ستجدون بركات الله الحقيقية. لا تطلبوا الجزء بل الكل."

«««
{ تلميذ ٌ كان قد كرّسه المعلم في الكريا يوغا قال لتلميذ آخر:

"لا أمارس الكريا يومياً. إنني فقط أحاول استعادة الفرح الذي غمرني عندما طبقت الفن لأول مرة. وعندما سمع المعلم ذلك ضحك وقال:

"إنه كالجائع الذي يرفض الطعام قائلا: "شكراً، لا أستطيع لأنني أحاول الإحتفاظ بإحساس الشبع الذي حصلت عليه من وجبه طعام شهية تناولتها الأسبوع الفائت!"

«««
{ قالت إحدى التلميذات: "يا معلم، إنني أحب الجميع."

فأجاب برمهنساجي: "يجب أن تحبي الله فقط."

وقابلت التلميذة المعلم بعد ذلك بأسابيع فسألها: "هل تحبين الآخرين؟"

أجابت: "بل أحتفظ بحبي لله فقط."

فقال المعلم: "يجب أن تحبي الكل بنفس ذلك الحب."

فقالت التلميذة المتحيرة: "ماذا تعني يا سيدي؟ قلت أولا أنه من الخطأ محبة الجميع والآن تقول من الخطأ استثناء أحد من تلك المحبة!"

فقال المعلم موضحاً:

"إنكِ منجذبة لشخصيات الناس مما يقود إلى التعلقات والقيود. ولكن عندما تحبين الله فعلا ستبصرينه في كل صورة وستدركين معنى محبة الجميع. يجب ألا نعبد الأشكال والشخصيات بل الله الساكن في كل فرد. فهو الوحيد الذي يهب الحياة والحس والحسن والشخصية لمخلوقاته."

«««
{ أعرب أحد التلاميذ عن رغبته في إرضاء المعلم، فقال برمهنساجي:

"إن سعادتي تكمن في معرفتي بأنك سعيد في الله. فاعتصم به واتخذه حصنك وملاذك الأوحد."

«««
{ قال تلميذ ٌ: "إن رغبتي في الله قوية جداً."

فأجاب المعلم: "تلك هي أعظم نعمة أن تشعر بانجذاب قلبك إليه. فهو بذلك يقول لك: لقد طال لعبك بدمى خليقتي والآن أريدك أن تكون معي وتتنعم بغبطتي. عدّ إليّ من كل قلبك! عد إليّ!"

«««
{ طلب بعض تلاميذ جماعة معرفة الذات من المعلم كي يسمح لهم بارتداء ثياب النسك بدلا من ثيابهم المدنية، فقال برمهنساجي:

"حالتكم النفسية هي أهم من ثيابكم. اجعلوا قلوبكم صوامعَ وأرديتكم محبة الله."

«««
{ قال المعلم في ما يتعلق بالرفقة السيئة:

"إن تقشير الثوم ولمس البيض الفاسد يتركان على اليدين رائحة كريهة يلزم لإزالتها غسلٌ كثير."

«««
{ كان بعض التلاميذ يتحدثون مع المعلم على أرض صومعة إنسينيتاس المطلـّة على المحيط الهادئ، وكان الجو عكراً مكفهرا، يملؤه ضباب كثيف. فلاحظ أحدهم قائلا: "يا له من جو بارد قاتم!" فقال المعلم:

"إنه يشبه الجو الذي يكتنف الشخص المادي المحتضر. فهو يغادر هذا العالم إلى ما يبدو له ضباباً ثقيلاً بحيث لا يمكنه رؤية أي شيء بوضوح. ولوقت ما يشعر بأنه قد ضل سبيله فيتملكه الخوف وتطغى عليه الكآبة والإنقباض. بعد ذلك إما أن ينتقل إلى عالم كوكبي مضيء بحسب استحقاقاته الكارمية كي يتعلم دروساً روحية أو قد يغط في سكرة عميقة حتى يحين موعد تجسّده ثانية على الأرض. أما وعي المريد الذي يحب الله فلا يرتبك وقت الإنتقال من هذا العالم إلى الآخر. وبدون عناء يدخل أحد أقطار النور والحب والنعيم."

«««
{ قال المعلم:

"الناس غارقون في الدنيويات وإن فكروا في الله على الإطلاق فلكيّ يتوسلون إليه طلباً للمال أو الصحة. إنهم نادراً ما يبتهلون من أجل أسمى هبة يمكنهم الحصول عليها: رؤية وجهه الكريم ولمسة يده المباركة التي تهب الحياة وتمنح البركات.

الله يعلم مسار أفكارنا ولا يظهر ذاته لنا ما لم نضحّي له بآخر رغبة دنيوية، وما لم يقل كل منا: "يا رب، أهدني ووجه حياتي نحو الخير والصلاح."

«««
{ قال المعلم:

"مهما حركت البوصلة في أي اتجاه ستشير إبرتها دوماً نحو الشمال. وهكذا هي الحال بالنسبة لليوغي الأصيل. فمع أنه يبدو منهمكاً في أمور خارجية عديدة إلا أن عقله يظل متوجّهاً نحو الله دوماً وقلبه يلهج دون انقطاع: يا إلهي يا إلهي.. أنت أعز ما في الوجود، ولك المكان الأول والمقام الأرفع في قلبي."

«««
{ قال المعلم لمجموعة من التلاميذ:

"لا تتوقعوا زهرة روحية كل يوم من حديقة حياتكم. ثقوا أن الله الذي سلمتم له أمركم سيَمْتن عليكم بالثواب وتحقيق الآمال في الوقت المناسب. أما وقد زرعتم بذرة الحب الإلهي في تربة نفوسكم، فاسقوها بالإبتهال والأعمال الطيبة، واقتلعوا من حولها الأعشاب الضارة والمتطفلة: أعشاب الشكوك والتقلقل والخمول. وعندما تنبت المدركات القدسية عليكم برعايتها وسقيها بمياه الشوق والإيمان، وستسعدون ذات صباح برؤية زهرة معرفة الذات المباركة."

«««
{ كان برمهنساجي يلقي محاضرة أمام جماعة من التلاميذ وكان أحد المريدين قد بدا منتبهاً لكلمات المعلم إلا أن أفكاره كانت شاردة ومندفعة في كل اتجاه. وعندما قال ذلك التلميذ "تصبحون على خير" وهمّ بالمغادرة، قال له المعلم:

"الفكر كالحصان، ومن المستحسن لجمه خوفاً من الجموح."

«««
{ العديد من الرجال والنساء، إذ يجهلون الحقائق الروحية، يقاومون العون الذي يرغب الحكيم في تقديمه لهم. فهم يرفضون نصحه ويشككون بأقواله. وذات يوم قال برمهنساجي متنهداً:

"آه ما أبرع الناس في جهلهم!"

«««
{ طالبٌ جديد متحمّس توقع أن يحصل – كما لو بفعل السحر – على نتائج روحية في يوم واحد، ولكن خاب أمله عندما لم يستوضح علامة واحدة تشير إلى وجود الله في داخله بعد أسبوع من التأمل، فقال له المعلم:

"إن لم تتمكن من اصطياد اللؤلؤة الثمينة بغوصة أو اثنتين، لا تلم البحر بل طريقة غطسك وغوصك غير الصحيح. لم تعثر على الله بعد لأنك للآن لم تبلغ الأعماق."

«««
{ قال المعلم:

"بممارسة التأمل ستجد أنك تحمل فردوساً نقالاً في قلبك."

«««
{ كان المعلم أكثر الناس لطفاً ووداعة من نواحٍ عدة، لكنه أيضاً كان في منتهى الصلابة في أوقات أخرى. وإذ رأى أحد التلاميذ الجانب الليّن وحسب من برمهنساجي راح يتهاون في أداء واجباته فعنفه المعلم بحدة. وإذ رأى علامات الدهشة بادية في عينيّ الشاب جرّاء هذا التأديب الفجائي، قال المعلم:

"عندما تنسى الهدف السامي الذي من أجله أتيتَ إلى هذا المكان أتذكرُ واجبي الروحي لتصحيحك."

«««
{ لقد كان المعلم يشدد على أهمية وضرورة الإخلاص التام لله، ويقول:

"الله لا يمكن رشوته بكثرة الجموع المحتشدة في أماكن العبادة ولا بالثراء أو طريقة إلقاء الخطب والمواعظ، لكنه يفتقد فقط هياكل القلوب التي طهرّتها دموع الإخلاص وأنارتها شموع المحبة."

«««
{ اكتأب أحد التلاميذ عندما شعر أن إخوته المريدين يحرزون تقدماً روحياً أكثر منه، فقال له المعلم: "إنك تظل تنظر إلى الطبق الكبير (المليء بالطعام) بدلاً من صحنك الذي أمامك: مفكراً بالذي لم تحصل عليه بدل التركيز على حصتك التي أعطيت لك."

«««
{ كان المعلم كثيراً ما يقول أثناء التحدث عن أسرته الروحية الكبيرة:

"لقد أرسل لي الله هذه النفوس العزيزة كي أتذوق عذوبة محبته من كؤوس قلوبٍ عديدة."

«««
{ كان أحد التلاميذ مهتماً للغاية بنمو معبد معرفة الذات، وكان يبتهج سروراً كلما كان الحضور كبيراً، لكن المعلم قال:

"إن البائع يلاحظ باهتمام عدد الزبائن الذين يأتون إلى دكانه، لكنني لا أفكر بنفس الطريقة. إنني أرحب بالجميع وأستمتع بحضورهم كما أؤكد دوماً. ولكني أمنح مودتي للكل دون شروط، سواء في ذلك حضروا أو لم يحضروا."

«««
{ قال المعلم لتلميذ مثبط العزم:

"لا تكن سلبياً وإياك والقول بأنك لا تتقدم روحياً. فعندما تفكر قائلا: لا أستطيع العثور على الله، تكون قد حكمت بذلك على نفسك، إذ لا يوجد شخص آخر يمنع عنك معرفة الله."

«««
{ سأل أحد المريدين: "يا معلم، ما هو الإبتهال الذي يمكنني بواسطته اجتذاب المحبوب الإلهي إليّ بسرعة فائقة؟ فأجاب برمهنساجي:

"امنح الله درر المناجاة المخبأة في أعماق منجم قلبك."

«««
{ قال المعلم لتلميذ التمس معونته:

"العادة السيئة يمكن تبديلها بسرعة. العادة هي نتيجة لحصر الفكر في اتجاه معيّن. لقد كنتَ تفكر في اتجاه معين، ولكي تخلق عادة جديدة وطيبة، ما عليك إلا أن تحصر تفكيرك في الإتجاه المعاكس."

«««
{ قال المعلم لمجموعة من التلاميذ:

"عندما تعرفون كيف تكونون سعداء في الحاضر تكونوا قد عثرتم على الطريق الصحيح إلى الله." وهنا علـّق أحد المريدين: "إذاً قلائل هم الذين يعيشون في الحاضر."

فأجاب برمهنساجي: "هذا صحيح. فمعظم الناس يعيشون في أفكار الماضي أو المستقبل."

«««
{ قال المعلم لمجموعة من التلاميذ، مشيراً إلى مساوئ الثرثرة والقيل والقال:

"لقد كان معلمي سري يوكتسوار يقول: "لا أريد أن أسمع شيئاً لا يمكنني التحدث به للجميع."

«««
{ قال المعلم:

"خلق الله الإنسان وخلق الوهم الكوني أيضا. فضروب الخداع من غضب وجشع وأنانية.. إلخ هي من صنع الله وليس من صنعنا. وهو المسؤول عن وضع هذه التجارب على دروب الحياة. لقد كان أحد القديسين العظام يصلي هكذا:

’يا رب، ما طلبت منك أن تخلقني، ولكن ما دمت قد خلقتني فإنني أبتهل إليك كي تحررني وتطـْلقني في روحك الإلهي.‘

فإن ناجيتم الله بمثل هذا الدعاء سيعيدكم إلى البيت السماوي."

«««
{ قال المعلم:

"لا تتأثروا بمديح الذين لا يعرفوكم، بل اسألوا رأي الأصدقاء الصادقين الذين يخلصون لكم النصح كي تهذبوا نفوسكم ولا يتملقوكم أو يتعاموا عن أخطائكم. فالله هو الذي يهديكم ويسدد خطاكم من خلال إخلاص الأصدقاء الأوفياء."

«««
{ قال المعلم:

"السلوك الحسن لا يدوم طويلا ما لم يكن معززاً بالنوايا الطيبة ومدعوماً بتهذيب الذات."

«««
{ انجذب أحدهم كثيراً نحو برمهنساجي لكنه لم يتبع تعاليمه، فقال المعلم:

"لا يمكنني أن أزعل منه. فبالرغم من أغلاطه العديدة يبقى قلبه يحن إلى الله. ولو سلمني زمام أمره لأخذت بيده بسرعة نحو البيت السماوي. ومع ذلك فإنه سيصل في الوقت المناسب. إنه يشبه سيارة فاخرة غرقت في الوحل."

«««
{ قال المعلم لتلميذ متبرم عديم الرضى:

"لا تشك وإلا سيبعدك الله عن هذا المكان. كثيرون يأتون إلى هنا حباً بالمعجزات. ولكن المعلمين لا يعرضون القوى الخارقة الممنوحة لهم من الله ما لم يأذن لهم بذلك. معظم الناس لا يدركون أن معجزة المعجزات هي التغيرات الروحية التي تحدث داخلهم بالإمتثال المتواضع للإرادة الإلهية."

«««
{ قال المعلم:

"لقد أرسلكم الله إلى هذا العالم لغاية ما، فهل أنتم عاملون بما يتوافق وينسجم مع تلك الغاية؟ لقد أتيتم إلى هذه الأرض لكي تنجزوا مهمة مقدسة. أدركوا الأهمية الكبرى لذلك الهدف ولا تسمحوا لأنيتكم الصغيرة بأن تصدّكم عن إدراك غايتكم القصوى."

«««
{ قال أحد التلاميذ للمعلم: "سيدي إنني بدون توجيهك الروحي أشعر بأنني عاجز ومغلوب على أمري."

فأجابه المعلم: "لا تعتمد عليّ بل على الله."

«««
{ قال المعلم:

"إن التعلق بشخص واحد أو بمجموعة ما باستثناء الآخرين هو أمر مقيّد ويحدّ من نمو التعاطف الشامل. يجب أن يوسع الإنسان آفاق مودته وينثر محبته في كل مكان لله الموجود في كل شيء."

«««
{ كان المعلم يتمشى إحدى الأمسيات مع مجموعة من التلاميذ فنظر إلى النجوم وقال:

"كل واحد منكم هو كونٌ مكوّنٌ من نجوم دقيقة تفوق الحصر: نجوم ذرية! فلو انفرط نشاط حياتكم من ذاتيتكم لوجدتم أنكم على دراية تامة بكل الخليقة. عندما يموت كبار المتعبدين يشعرون بامتداد وعيهم فوق الفضاء اللامتناهي. ويا له من اختبار سعيد!"

«««
{ قال المعلم:

"لتذكركم أماكن العبادة بمعبدكم الباطني الذي يجب أن تزورونه في هدأة الليل وانبلاج الفجر، حيث تستمعون لصوت السكون وتستمتعون بالإصغاء لمواعظ الحكمة المباركة."

«««
{ قال المعلم للتلاميذ في إحدى الأمسيات:

"التملك لا يعني شيئا بالنسبة لي، لكن الصداقة عزيزة جداً. في الإخاء الحقيقي يبصر الإنسان ومضة حقيقية من صديق الأصدقاء: الله" ثم أضاف:

"إياكم أن تخدعوا صديقاً أو تخونوا إنساناً، لأن ذلك من أكبر الخطايا في عرف قانون العدل الإلهي."

«««
{ قال المعلم لأحد التلاميذ:

"حسن أن تحتفظ بمفكرة عقلية. فقبل النوم كل ليلة اجلس لوقت قصير وراجع أحداث اليوم. تعرّف على حالتك النفسية على حقيقتها. فإن وجدتها لا تبعث على الإرتياح فينبغي تغيير مسار حياتك."

«««
{ قال المعلم لمجموعة من المريدين:

"عندما يحب الإنسانُ اللهَ ويتعرف عليه لن يترك الله أفكار ذلك الإنسان ولن يفارق قلبه بعدها أبدا".

«««
{ قال المعلم:

"الإنغماس بالملذات الحسية يعقبه التخمة والإشمئزاز، فهذه الإختبارات المتواصلة تجعل الإنسان عصبي المزاج، متقلباً لا يمكن الركون إليه. وبالتأمل على الله يتمكن المريد من تخليص عقله من التيارات أو الأمواج المتناوبة للذة والألم."

«««
{ قال أحد الزائرين: "التفكير بالله يبدو بالنسبة لي أمراً غير منطقي."

فأجاب المعلم:

"العالم يوافقك الرأي، ولكن هذا العالم جنة النعيم؟ الفرح الحقيقي ليس من نصيب تاركي الله لأنه الفرح الأعظم ذاته. أما متعبدوه فيعيشون في مرفأ من السلام الباطني على هذه الأرض في حين يصرف الذين يتناسونه أيامهم ولياليهم في جهنم من صنع أيديهم، تحرقهم نيران الخوف وخيبة الأمل. ولذلك فإن التفكير بالله والتقرب منه هو عين الصواب وروح المنطق."

«««
{ قال المعلم لأحد التلاميذ:

"لا تتعلق بشيء. تقبّل تقلبات الحياة بتعقـّل ورحابة صدر، وانجز واجباتك على أكمل وجه. فلو طلب مني الله في هذه اللحظة كي أعود إليه لتركت كل التزاماتي هنا من مؤسسات وأناس ومخططات دون التفاتة واحدة إلى الوراء. إن تسيير العالم هي مسؤولية الله لا مسؤوليتك أو مسؤوليتي، لأنه العامل الأوحد في الخليقة."

«««
{ قال تلميذ ٌ: "يا معلم، لو استطعت إعادة الزمن إلى الوراء، إلى الوقت الذي طلب منك معلمك كي تأخذ على عاتقك العمل المنظم، فهل كنت تقبل ذلك برضاء بعد الذي اختبرته من أعباء المسؤولية نحو العديدين؟"

فأجاب المعلم: "نعم، لأن مثل هذا العمل يعلـّم الإيثار."

«««
{ كثيراً ما سُئل المعلم السؤال القديم: "لماذا يسمح الله بالألم؟"

فكان يجيب بأناة:

"الألم ينجم عن سوء استخدام الإرادة الحرة التي وهبها الله للإنسان. لقد منحنا القدرة والحرية كي نتقبّله (أي الله) أو نرفضه. هو لا يريدنا أن نعاني من الأهوال والمخاوف، لكنه لا يتدخل عندما نختار أعمالاً تفضي إلى التعاسة والشقاء. الناس لا يمتثلون لحكمة القديسين، لكنهم يتوقعون ظروفاً استثنائية أو معجزات لتخلصهم عندما يتعثرون ويسقطون في قبضة الضيق والألم. صحيح أن الله على كل شيء قدير، لكنه يعلم بأن محبة الإنسان وحسن سلوكه لا يمكن ابتياعهما بالخوارق والمعجزات. لقد أرسلنا إلى هذه الأرض كأبناء له، وبنفس ذلك الدور المقدس يجب أن نعود إليه. والطريقة الوحيدة للتوصل إليه والتوحد مع روحه تكمن في تدريب إرادتنا. ولا توجد قوة في الأرض أو السماء تقدر أن تفعل ذلك نيابة عنا. ولكن عندما نرفع نداءً روحياً حاراً يرسل الله لنا معلماً مرشداً أو غورو كي يأخذ بيدنا من براري الألم الموحشة إلى فردوس نعيمه الأبدي.

لقد وهبنا حرية الإختيار ولذلك لا يمكن أن يتدخل في حياتنا أو يقوم بدور الظالم المستبد. وبالرغم من كونه القوة القهارة في الوجود لكن إرادته لا تقضي بإفلاتنا من الألم والمعاناة عندما نختار دروب الشر الملتوية. وهل من العدالة أن نتوقع منه إراحتنا من متاعبنا إذا كانت أفكارنا وأعمالنا تتعارض مع قوانينه ونواميسه الكونية؟ إن في مراعاة أسس الأخلاق والفضيلة التي أعطاها في الكتب المقدسة والوصايا العشر تكمن منابع السعادة."

«««
{ غالباً ما حذ ّر برمهنساجي من التهامل الروحي، إذ كان يقول:

"الدقائق هي أهم من السنين. فإن لم تملأوا دقائق حياتكم بالتفكير بالله ستذهب السنون وتصبح في خبر كان، دون فائدة تذكر. ولن تتمكنوا من الإحساس بالله عندما تمس حاجتكم إليه. أما إذا شحنتم دقائق عمركم بالأشواق والطموحات الإلهية فستمتلئ أعوامكم بتلك الطموحات والأشواق."

«««
{ قال المعلم:

"في الحياة الروحية يصبح الإنسان كالطفل الصغير: عديم الغضب، عديم التعلق، مملوءاً بالحياة والسعادة. لا تدعوا شيئاً يؤذيكم أو يزعجكم. كونوا كالبحر الزاخر. حافظوا على سلامكم الباطني واصغوا لصوت الله في داخلكم، واصرفوا أوقات فراغكم في التأمل والتفكير بالله.

لم أجد في الدنيا لذة تعادل السرور الروحي للكريا يوغا ولن أترك ممارستها حتى ولو أعطيتُ مباهج العالم وكنوزه، لأنني بممارسة الكريا يوغا أستطيع الإحتفاظ بسعادتي على الدوام، أينما كنت."

«««
{ لقد رسم المعلم صوراً كلامية عديدة لا تنسى أثناء ضرب الأمثلة الروحية، وذات مرة قال:

"الحياة هي كالآتي: تصوروا أنفسكم في نزهة. وإذ تقوموا بتحضير الغداء يظهر فجأة دبٌ ضخم فيقلب المائدة ويعبث بالطعام فتضطروا للهرب من وجهه تاركين كل شيء وراءكم. وبالمثل فإن الناس يصرفون حياتهم على هذا النمط. فهم يعملون جاهدين من أجل الحصول على بعض المتع والمسرّات، من ثم يأتي وحش المرض الرهيب فيتوقف قلبهم ويواجهون نهايتهم.

لماذا تعيشون بمثل هذا القلق النفسي؟ لقد احتلت الأمور التافهة المقام الأول في قلوبكم وأفكاركم، وسمحتم للمشاغل العديدة أن تسرق وقتكم وتسترقـّكم. كم من الأعوام مرّت على هذه الشاكلة؟ ولماذا تسمحون للبقية الباقية من عمركم أن تنقضي دون تقدم روحي؟ إنكم إن عقدتم العزم اليوم على عدم السماح للعوائق والموانع باعتراض سبيلكم وصدّكم عن غايتكم فسيشدّ الله عضدكم ويقويكم كي تتغلبوا على تلك الموانع والعوائق."

«««
{ قال المعلم:

"الخامل الكسول لا يعثر على الله، لأن البطالة هي أم الرذائل والفكر العقيم يصبح ورشة الشيطان. لقد رأيت نسّاكاً عديدين تركوا العمل ولم يصبحوا سوى متسولين. ولكن الذين يعملون دون تعلق بثمار الأعمال، طالبين الله فقط، هم وحدهم التاركون الفعليون. من الصعب جداً ممارسة هذا النوع من الترك. ولكن عندما تحبون الله بكل قواكم بحيث تنجزون كل أعمالكم حباً بمرضاته تصبحون متحررين. وإذ تفكرون بأن ما تقومون به هو إكراماً لله تتعاظم محبتكم له بحيث لا يظل دافع أو مطمح آخر في عقولكم وقلوبكم غير خدمته وعبادته."

«««
{ قال المعلم:

"أنظروا عرش الله في النجوم المتألقة، في باطن الأرض، وفي أحاسيس قلوبكم النابضة بالحياة. إنه موجود في كل مكان بالرغم من تجاهل الناس له والإعراض عنه. إن سرتم على الطريق الروحي بهمة وثبات وإن تأملتم بانتظام ستبصرونه ساطعاً كالشمس في عز الظهيرة، ونوره يفيض على الوجود بأسره.ٍ

التحدث عن الله لا يكفي. كثيرون تكلموا عنه وعديدون تفكروا بوجوده، ولكن قلائل هم الذين تذوقوا حضوره المغبوط. فقط هؤلاء القلائل يعرفونه على حقيقته. عندما تتعرفون عليه لن تقفوا جانباً وتعبدونه، لأنكم ستتوحدون معه. إذ ذاك، وكما قال السيد المسيح وصرّح المعلمون المستنيرون، ستقولون أنتم أيضاً: "أنا وروح الرب واحد."

«««
{ قال المعلم:

"عندما تغوصون بعمق في الوعي الإلهي عن طريق العين الروحية ستبصرون البعد الرابع متوهجاً بعجائب العالم الباطني. من الصعب بلوغ تلك الحالة، ولكن ما أروعها من حالة وما أبهجها! لا تقنعوا بالحصول على بعض السلام في تأملكم، بل حنـّوا من كل قلوبكم لغبطته وتعطشوا لنعيمه. وعندما يكون الآخرون منهمكين في تحقيق رغباتهم أو الإنشغال بالأمور السطحية، اهمسوا له ليل نهار:

"يا رب، يا رب، يا رب!" وسيحين الوقت عندما يبزغ متجلياً لكم من قلب الظلمة، وستتعرفون عليه. هذا العالم هو مكان قبيح مقارنة بالعوالم الروحية الساحرة. أزيحوا من طريقكم، بالتصميم والإخلاص والإيمان، كل ما من شأنه أن يصدكم عن بلوغ الإشراقة الروحية."

«««
{ الإتزان كان المحور الأساسي لتعاليم برمهنساجي الذي قال:

"إذا مارستم التأمل بعمق ستتجه أفكاركم بقوة نحو الله. ومع ذلك فيجب أن لا تهملوا واجباتكم الدنيوية. فعندما تتصرفون بعقل هادئ رزين ستجدون أنكم تنجزون أعمالكم بفعالية وبسرعة أكبر وتركيز أعمق، وأن كل ما تقومون به يملؤه ويباركه الوعي الإلهي. تلك الحالة تأتي فقط من الممارسة العميقة للتأمل وتهذيب الأفكار بحيث تتوجه نحو الله أثناء القيام بعملكم، مفكرين على الدوام أن ما تفعلونه هو خدمة لله وحده."

«««
{ قال المعلم:

"التوبة لا تعني فقط التأسّف على ارتكاب خطأ ما، بل الإمتناع عن فعل ذلك ثانية. عندما تتوبون توبة حقيقية فإنكم تصممون على ترك الشر دون العودة إليه. القلب قاسٍ ولا يلين بسهولة. رققوه بالدعاء والإبتهال وستحل عليكم البركات الإلهية."

«««
{ قال المعلم:

"كونوا مسيّرين بالحكمة. الأفعال الخاطئة القديمة تركت بذوراً في عقولكم، ولكن إن أحرقتم تلك البذور بنار الحكمة فإنها "تتحمص" وتصبح عديمة الفعالية والتأثير. لا يمكنكم بلوغ الحرية التامة ما لم تحرقوا بذور الأفعال والأفكار السابقة بنار الحكمة والتأمل. وإن رغبتم في القضاء على النتائج السيئة للأعمال السابقة فعليكم بالتأمل. ما زرعتموه يمكنك اقتلاعه. إن كنتم لا تحرزون تقدماً روحياً كرروا المحاولة بالرغم من العوائق والصعاب. وعندما يصبح مجهودكم الحاضر أقوى من كارما (نتائج) الأعمال السابقة تصبحون أحراراً."

«««
{ قال المعلم:

"القول بأن العالم حلم دون محاولة بلوغ المعرفة الأكيدة لهذه الحقيقة عن طريق التأمل قد يؤدي بالإنسان إلى الإصرار الأعمى. الحكيم يعلم أن الحياة الفانية حلم، ومع ذلك فإنها تشتمل على آلام حلمية، فيتخذ الأساليب العلمية الناجعة للتيقظ من ذلك الحلم."

«««
{ عندما أعيد تجديد معبد معرفة الذات اقترح أحد التلاميذ تخصيص محراب تكون به شمعة تعرف "بالشمعة الدائمة"، فقال المعلم:

"أريد أن أشعر بأن مصباح الحب الإلهي الذي أنرته في قلوبكم خالدٌ أبد الدهر، ولا حاجة لنور آخر سواه."

«««
{ في عام 1951 غالباً ما لمّح برمهنساجي إلى أن أيامه الباقية على الأرض قد أصبحت معدودة. فسأل طالبٌ حزين:

"سيدي، عندما لا نستطيع رؤيتك في الجسد فهل ستكون قريباً منا مثلما أنت الآن؟"

فابتسم المعلم بمودة وقال:

"سأكون قريباً من كل الذين يفكرون بي ويعتبرونني قريباً منهم."

وليبارككم الله والسلام عليكم.

تفضلوا بزيارة موقع السويداء يوغا www.swaidayoga.com

لقراءة المزيد من الموضوعات رجاء النقر على Older Post أو Newer Post أسفل الصفحة

No comments:

Post a Comment